تنبعث نغمات موسيقية غنائية من الة الساكسفون الخاصة بفنان موسيقى الجاز الاميركي برانفورد مارساليس عبر نسيم الليل البارد في فناء قصر جبلي بلبنان. ويبدو أن التصفيق الذي لاقته الموسيقى الرائعة محمل بمعان اضافية من البهجة والارتياح لعودة المهرجانات الصيفية للبنان بعد عامين من الالغاءات التي فرضتها الحرب مع اسرائيل العام ,2006 والمعارك مع متشددين اسلاميين التي جرت العام الماضي. وقالت كارين كيليجيان المسؤولة المالية بأحد المتاجر امام قصر بيت الدين الذي يرجع تاريخ انشائه الى اوائل القرن التاسع عشر »هذا يعني أن الحياة بدأت تعود الى طبيعتها وهذا مؤشر ايجابي«. والصراع مع عدم الاستقرار ليس جديدا على المنظمين والجمهور والمؤدين في الاحداث الثقافية في لبنان. وبدأ مهرجان بيت الدين في تلال الشوف الى الجنوب الشرقي من بيروت عام 1985 في أوج الحرب الاهلية في لبنان التي دارت بين عامي 1975 و1990 وهي السنوات التي كانت فيها أمجاد مهرجان بعلبك ذكرى بعيدة قبعت فيها اثارها الرومانية صامتة. الجمهور الذي ارتدى ملابس غير رسمية في بيت الدين أسعدته فرصة سنحت للهروب ولو لوقت قليل من التوترات السياسة وموجات العنف التي ابتليت بها دولتهم الصغيرة. وبالنسبة لماجدة الرومي المطربة اللبنانية المشهورة في أنحاء العالم العربي تثبت عودة مهرجان بيت الدين الذي تحيي احدى حفلاته في التاسع من اغسطس المقبل والمهرجانات الاخرى قدرة لبنان على التكيف. وقالت لرويترز في حديقة منزلها »هذه ارادة شعب مقاتل لا يستسلم للموت. ارادة الحياة التي هي أقوى من الموت والفرح الذي هو أقوى من الحزن والسلام الذي هو أقوى من الحرب«. غير أن المنظمين واجهوا قرارات صعبة قبل أن يمضوا قدما في عقد مهرجانات العام 2008 والتي جرى التخطيط لها كلها في الوقت الذي كان فيه لبنان مصابا بالشلل من جراء أزمة سياسية تحولت لفترة قصيرة الى اشتباكات في الشوارع وأسفرت عن مقتل 80 شخصاً في مايو الماضي.