اكد متخصصون وباحثون يمنيون على أهمية الوعي الحقوقي لدى السكان وبالذات في جانب المشاركة بوضع الخطط والميزانيات المحلية ليس ذلك فحسب بل ومراقبة تنفيذ المشاريع والخطط .. منوهين بدور أعضاء المجالس المحلية في المديريات وعلى مستوى المحافظة من خلال إشراك المواطنين عبر اللقاءات الدورية وعبر الإعلام المحلي وعبر التقارير الدورية التي يفترض أن تصل إلى منظمات المجتمع المدني وهكذا الحال بالنسبة لأعضاء البرلمان ولقاءاتهم على مستوى دوائرهم لعرض الخطط والمشاريع والموازنات للناس وإشراكهم في طرح آرائهم ومقترحاتهم وملاحظاتهم وانتقاداتهم حيث يصبح هنا أعضاء البرلمان أو المجالس همزة الوصل في توصيل آراء الناس . و اعتبر محمد قاسم نعمان- رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان ان غياب ذلك يعني أن هناك خلل كبير في مشاركة الناس وفي تجسيد الديمقراطية و احترام حقوق الإنسان ، لان التنمية على مستوى المديرية والمحافظة والوطن لا يمكنها أن تحقق أهدافها إلا بمشاركة الناس ، وتبرز هنا أيضا الشفافية في عرض الخطط والمشاريع والموازنات باعتبار ذلك حق من حقوق الإنسان- حد قولة . وشهدت ساحة البيت الثقافي للشباب والطلاب في عدن حلقة نقاشية بهذا الشأن كواحدة من مفردات البرنامج الإقليمي الخاص ب (المبادرة العربية لميزانية موثوقة ) الذي ينفده مركز المعلومات التأهيل لحقوق الإنسان في الجمهورية اليمنية ، وبالتعاون مع منظمة بارتنرز – في المملكة الأردنية الهاشمية ، في محطتها الثانية ، بعد أن تم تدشين أعمال هذا البرنامج بعقد حلقة النقاش الأولى الأسبوع المنصرم في محافظة تعز . ويغطي هذا البرنامج الإقليمي ثلاث دول عربية هي (الأردن ، البحرين ، اليمن ) ويشمل برنامج اليمن في مرحلته الأولى ثلاث حلقات نقاشية في ثلاث محافظات (صنعاء ، عدن ،تعز ) بالإضافة إلى لقاءات موسعه مع المختصين في إعداد الموازنة العامة للدولة سواء من أعضاء المجالس المحلية ، ومسؤلي المكاتب التنفيذية ، والمالية ، والتخطيط وممثلين عن القطاع الخاص ، وكذا لقاءات موسعه مع ممثلي الشعب في مجلس النواب . ويهدف هذا البرنامج في مجمله إلى وضع ميزانية عامة تشاركيه منصفة وشفافة ، يضمن المواطن من خلالها الحصول على تعبير حي وواقعي لمفهم اللامركزية في تنفيذ الخطط والمشاريع على مستوى المحافظة والمديرية ، وتعزيز طور منظمات المجتمع المدني ، والى إيجاد شراكة فعاله ، وحوار فاعل وبناء بين المختصين في الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص . كما يهدف أيضا إلى رفع الوعي لدى فئات المجتمع ، وتوفير مزيداً من فرص الوصول للمعلومات المتعلقة بعمليات وضع الميزانية من خلال النشر وتحديث المواقع الألكترونية ، وكسب تأييد السكان المحليين وتحفيزهم على المشاركة من أجل تنفيذ الخطط والبرامج وتحديد أولوياتهم واحتياجاتهم من المشاريع والخدمات . وذلك من خلال القيام بورش عمل للتوعية بين صفوف المواطنين وأعضاء المجالس المحلية والمسؤلين الحكوميين ، وحضور جلسات الاستماع في البرلمان إثناء مناقشة نواب الشعب للميزانية . وتعتبر المشاركة حق للمواطن كفله الدستور اليمني وقانون السلطة المحلية ، الذي أعطى الحق لكافة إفراد المجتمع في المشاركة والاطلاع والسهام الفاعل في عملية التنمية في كافة جوانبها المختلفة وبما يكفل ويعزز حرية الأفراد ورغباتهم، ويجسد احترام مبادئ حقوق الإنسان . الخبير المالي في معهد وزارة المالية أ. عبد السلام سلطان محمد حيدر في ورقة حول" الموازنات العامة والمشاركة الشعبية اعدادها .. اهدافها واهميتها.. اكد أهمية الموازنة العامة للدولة في الدور الذي تلعبه في مجمل النشاط الاقتصادي حيث كانت النظرة التقليدية المحدودة لدور الدولة واقتصار دورها على القيام بالمهام الأساسية المتمثلة بالدفاع الخارجي وتحقيق الأمن الداخلي ومجال القضاء وبعض الأشغال العامة. واعتبر ان قيام الدولة بمهام خارج المهام التي أُنيطت بها سوف يؤدي إلى زيادات في النفقات عن الموارد فيما يتسبب في نشؤ عجز ينظر إليه على أنة خطر يهدد الاقتصاد بسبب لجوء الدولة إلى تغطية تلك الزيادة في النفقات إلى استخدام أدوات(القروض,إصدار أذونات الخزانة) و قد تؤدي أيضاً إلى مضاعفة الخطر, وبالتالي لابد من أن يكون الإنفاق العام في أضيق الحدود . أما بالنسبة للفكر الحديث فأوضح حيدر ان هذا الفكر تطورت نظرته إلى الموازنة العامة بحيث يضمن ذلك من أجل تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية تؤدي إلى تحقيق التوازن العام بأبعاده المختلفة من اجل تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية وسياسية. وخلص حيدر الى تأكيد أهمية الموازنة في أنها لم تعد قاصرة على تمويل الوظائف التقليدية للدولة فقط بل امتد أثرها إلى كافة أوجه النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدولة والمجتمع ، مشيرا إلى ان الموازنة العامة أصبحت وثيقة الصلة بالعلوم الأخرى كالقانون, الاقتصاد, المالية العامة, الإدارة والمحاسبة، كما أصبحت وثيقة الصلة بالتخطيط القومي ، من خلال جملة من الاهداف (الرقابية، الاجتماعية،الاقتصادية،السياسية) والهدف الأخير يمكن تحقيقه عبر استخدام الموازنة كأداة لتحقيق عدد من التوازنات السياسية التي تخدم توجهات الدولة مثل تخصيص موارد لدعم الاستقرار السياسي وتمويل البرامج السياسية المحلية والحزبية, بل أصبحت الموازنة تعكس توجهات الدولة في دعم الحريات مثل دعم البرامج التي تعزز من حقوق الإنسان أو حقوق المرأة وحقوق الطفل وحق التنمية الشاملة. و قدم سامي محمد قاسم نعمان رئيس قطاع الشباب في مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان ورقة عن "المشاركة الشعبية في إعداد الموازنات" . ومع تأكيده ان الجمهورية اليمنية دولة وحكومة تقر العمل بمبدأ الديمقراطية وتقر باحترام حقوق الإنسان فإن موضوع المشاركة الشعبية في إعداد الخطط والموازنات العامة سواء على المستوى الوطني أو المحليات يعتبر مقراَ ولا ينتقص سواء التطبيق وتوعية الناس والمجتمع وفئاته ومكوناته المختلفة بحقهم في المشاركة بل وأهمية مشاركتهم كحق من حقوقهم الدستورية والإنسانية-حد قوله. وتكمن أهمية المشاركة –وفقا لنعمان - في أنها تعبير رقمي وعملي عن أهداف الدولة ومسيرة تنميتها الاجتماعية والاقتصادية والرفاهية لأفراد المجتمع بكافة فئاته وشرائحه ومكوناته .. مؤكدا ان مفهوم المشاركة الشعبية الاتاحة لجميع أفراد و المجتمع المحلي وجماعته المؤهلة بموجب الدستور والقوانين الوطنية و الحقوق الإنسانية , فرصاَ للتعبير عن أرائهم في اختيار ممثليهم , ودوراَ في إعداد الخطط والمشروعات المحلية وتنفيذها ومتابعتها والرقابة عليها بشكل مباشر وغير مباشر بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الشاملة . ونوه إلى أن القانون اليمني عرف المشاركة الشعبية طبقاَ لقانون السلطة المحلية رقم 4 لسنة 2000م في المادة الرابعة منه بنص التالي ( هي العملية التي يؤدي من خلالها المواطنون دورا فاعلا ونشطا لمختلف جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية كاختيار حكام المجتمع وقادات والاشتراك في صنع القرارات وتحديد الأهداف وتعبئة الموارد والاشتراك في الانتخابات والترشح للمجلس النيابي والمجالس المحلية وعضوية المنظمات الاجتماعية والأحزاب السياسية). وشهدت حلقة النقاش مداخلات ونقاشات من قبل المشاركين الذين اكدو في ختامها على أهمية أن يطلع المواطنين بمسؤوليتهم ويمارسون حقوقهم الدستورية والإنسانية من خلال مشاركتهم في الحياة السياسية والعامة في التنمية بمختلف حلقات البناء . وأوصى المشاركون السلطات باشراك المواطنين في وضع الخطط وتحديد المشاريع ووضع موازناتها على مستوى المديريات والمحافظات على المستوى الوطني من خلال آلية تجسد اللقاءات المفتوحة من قبل أعضاء المجالس المحلية وممثلي منظمات المجتمع المدني والجمعيات الحكومية المعنية على مستوى المديريات والمحافظات من قبل أعضاء البرلمان وقياداته ممثلين منظمات المجتمع المدني على مستوى الوطني بحيث يتم في هده اللقاءات المفتوحة تقديم مسودات المشاريع الموازنات والخطط ليتم مناقشتها وطرح الآراء والمقترحات حولها ويتبعها كذلك آلية لتقييم ومراقبة تنفيذ هذه المشاريع والموازنات . كما أكد المشاركون على أهمية توسيع مثل هذه البرامج والأنشطة التوعوية ليعرف الناس أن المشاركة هي جزء أساسي من حقوقهم الدستورية والإنسانية التي لا يجب أن تهمل او يصمت عنها.