يحتفل الشعب العماني هذا العام بالعيد الوطني الثامن والثلاثين، فيما تشهد البلاد نهضة شاملة في جميع المجالات كالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والطرق الحديثة والنقل والاتصالات، وعلى المستوى السياسي وتحقيق المشاركة الشعبية المتمثلة في انتخابات مجلس الشورى. وقد وضع السلطان قابوس بن سعيد منذ توليه مقاليد الحكم في عام 1970 رؤية واضحة المعالم سواء لواقع المجتمع العماني ومجمل الظروف المحيطة به، او سبل ووسائل النهوض به، والاولويات التي ينبغي السير فيها ويآتي في مقدمة ذلك، ترسيخ وتقوية قاعدة العمل الوطني التي تنطلق منها وترتكز عليها كل الجهود، وذلك بترسيخ الوحدة الوطنية، وبث روح التضامن والتماسك في اطار الهوية العمانية. النظام الأساسي للدولة ويمثل النظام الاساسي للدولة منذ صدوره في عام 1996 الاطار القانوني المرجعي الذي يحكم عمل السلطات المختلفة ويفصل فيما بينها، حيث تستمد منه اجهزة الدولة المختلفة اسس نطاق عملها. ويوفر في الوقت نفسه اقصى حماية وضمانات للحفاظ على حرية الفرد وكرامته وحقوقه وعلى نحو يكرس حكم القانون وفق ارفع المستويات المعروفة دوليا. كما يأتي مجلس الشورى كمنبر لتداول الشورى بمفاهيمها وتقاليدها العمانية المعروفة بعراقتها، حيث تسير نحو غاياتها المنشودة بخطى متدرجة، واثقة وقادرة في الوقت نفسه على استيعاب طموحات المواطن العماني والتعبير عنها بما يتوافق مع طبيعة المجتمع والمرحلة التي يمر فيها في مسيرة تطوره المتواصل. وفي هذا الاطار اكتسب العام المنصرم 2007 اهمية ودلالة كبيرة بالنسبة للشورى العمانية ولتجربة عمان في العمل الديموقراطي، حيث شهد اكتمال الاطار القانوني لانتخابات الفترة السادسة لمجلس الشورى (2008 2011) عبر تعديل بعض احكام نظام مجلسي الدولة والشورى بموجب المرسوم السلطاني رقم 2 2007 الصادر في 21 يناير 2007 من ناحية، وصدور اللائحة التنظيمية لانتخابات مجلس الشورى بما طرأ عليها من تعديلات من ناحية ثانية، واجراء انتخاب ممثلي الولايات في مجلس الشورى لفترته السادسة في اكتوبر 2007 من ناحية ثالثة. مشاركة المرأة وتمارس المرأة العمانية دورها السياسي في الترشيح والانتخاب لعضوية المجلس كحق اساسي، وقد جاء المرسوم السلطاني رقم 74 2003 تأكيدا على تطوير مسيرة الشورى في السلطنة والتي تتمثل في توسيع صلاحيات مجلس الشورى فيما يتعلق بمراجعة مشروعات القوانين والخطط التنموية الخمسية والموازنات العامة للدولة التي تحيلها الحكومة على المجلس قبل اتخاذ اجراءات اعتمادها واستصدارها في صورة تشريعات نافذة، كما تمت زيادة فترة المجلس الى اربع سنوات. وتسعى خطة التنمية الخمسية السابعة 2006 2010 الى ترسيخ التحولات التي يشهدها الاقتصاد العماني وتحديد ملامح التنمية الوطنية في مختلف القطاعات في اطار التنمية المستدامة وتطبيق الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020، وهو يأتي ايضا في ظل الانفتاح الاستثماري والسياحي المتوازن الذي تشهده السلطنة. السياسة الخارجية وعلى صعيد السياسة الخارجية، لعبت سلطنة عمان دورا نشطا في محيطها الاقليمي والدولي، وامتدت علاقاتها مع القوى المؤثرة في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. ويشكل البعد الاقتصادي والتجاري جانبا مهما في سياسة عمان الخارجية تعزيزا لجهود التنمية. وبينما حرصت السلطنة دوما على تقديم نفسها للعالم على النحو الذي هي عليه وبكل صراحة ووضوح، خاصة انها تمتلك ما تعتز به تاريخا وتقاليد واسهاما حضاريا ممتدا عبر القرون، فإن المبادئ التي تأخذ بها، والسياسات والمواقف التي تتبناها، اثمرت سواء على صعيد علاقات السلطنة مع جيرانها والدول الشقيقة والصديقة، او على صعيد تعزيز جهودها التنموية، حيث تشكل السياسة الخارجية رافدا يخدم التنمية الوطنية في مجالات عديدة، وبأشكال مختلفة، وتقدم علاقات السلطنة الطيبة والوثيقة خليجيا وعربيا ودوليا نماذج طيبة في هذا المجال، حيث تترابط السياستان الداخلية والخارجية الى حد كبير. العمل الخليجي المشترك وفي اطار ايمانها بالعمل المشترك واهميته، خصوصا على الصعيد الخليجي، شارك السلطان قابوس بن سعيد اخوانه قادة دول مجلس التعاون في القمة الثامنة والعشرين للمجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة يومي 3 و4 ديسمبر 2007، حيث اكد السلطان قابوس ان: «مسيرة مجلس التعاون رسخت اسسا متينة للتعاون في مجالات عدة، الا انه علينا ان نكون اقوى عزما على تحقيق المزيد مما تصبو اليه شعوبنا من تقدم وازدهار». وبينما اقرت قمة الدوحة تدشين السوق الخليجية المشتركة اعتبارا من اول يناير 2008، وهو ما تم بالفعل، وعلى نحو موسع من التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، فإنها اكدت ايضا المضي قدما نحو تعزيز آفاق التعاون بين دول المجلس في مختلف المجالات. ومن المقرر ان تحتضن مسقط القمة القادمة، في الفترة من 29 30 ديسمبر القادم، ومن الطبيعي ان تكون قمة مسقط القادمة، وكما كانت دوما، علامة بارزة لدعم مسيرة مجلس التعاون وتعزيز العمل المشترك في كل المجالات وبما يتجاوب مع طموحات ابناء دول المجلس وتطلعها لغد افضل، خصوصا ان القمة القادمة تأتي في ظل ظروف دقيقة تمر بها المنطقة، ومن بينها الازمة الاقتصادية العالمية. .. وحل الخلافات ومن المعروف ان السلطنة تبذل قصارى جهدها من اجل احتواء التوتر في الخليج، وتعمل دوما عبر الحوار كسبيل للتغلب على الخلافات سواء تلك المتصلة بالبرنامج النووي الايراني، او بغيره من الامور موضع الخلاف والجدل في هذه المنطقة الحيوية من العالم، والتي تلتقي فيها مصالح كل القوى الدولية، وبما يجنب المنطقة اي مخاطر او مغامرات غير محسوبة. وفي حين تدعم السلطنة جهود جامعة الدول العربية الساعية الى حل الخلافات العربية، فإنها تعمل بجهودها الذاتية، وعبر الجامعة ايضا للتقريب بين الاشقاء ولتجاوز الخلافات بينهم ليس فقط على الصعيد اللبناني والعراقي والفلسطيني، ولكن ايضا بالنسبة للاوضاع في الصومال والسودان وغيرهما. الرعاية التعليمية: ويعتبر التعليم من اهم الاولويات التي تعتني به الحكومة وتعده من اهم ركائزها على الاصعدة كافة لما له من دور بالغ الاهمية من اجل تخريج جيل متعلم ومثفف على مستوى من الوعي, فحرصت على ايجاد تعليم حديث لا يفقد اصالته، ويأخذ بمتطلبات عصر الثقافة والمعلومات عبر تطبيق نظام التعليم الاساسي، جنبا الى جنب مع نشر التعليم وجودته والاهتمام بمختلف شرائحه، حيث بلغ عدد الطلاب في مختلف مدارس محافظات ومناطق السلطنة التعليمية ما يقارب 553125 طالبا وطالبة، فيما بلغ عدد المدارس 1052 مدرسة، وعدد المعلمين 42029 معلما ومعلمة، وبالنسبة للمدارس الخاصة فقد بلغ عددها 170 مدرسة منها ثلاث مدارس عالمية، بينما بلغ عدد الطلبة المقيدين فيها 36140 طالبا وطالبة كما بلغ عدد المعلمين 2775 معلما ومعلمة وعدد الاداريين نحو 464 اداريا. وخطت السلطنة خطوات ثابتة لايجاد قاعدة متينة للتعليم العالي تستفيد من تطورات العصر، ويمكن القول ان عام 2007 شهد نقلة نوعية لعل من ابرز ملامحها مراجعة المحاور الاساسية للاستراتيجية، واستكمال المناقشات حولها مع الجهات المعنية بالدولة تمهيدا لرفعها الى مجلس الوزراء للاعتماد. الرعاية الصحية وأولت الحكومة العمانية عناية خاصة لتطوير المرافق الصحية حتى اصبحت واحدة من افضل الخدمات على المستوى الاقليمي والدولي، حيث تعتبر – وما زالت – من الدول المتقدمة في مجال تحسين حياة سكانها محققة مركزا متقدما في الحفاظ على حياة الاطفال وفي مجال الصحة عموما. وتشير الارقام الى ان مظلة لارعاية الصحية العاملة في السلطنة تتكون من مجموعة مستشفيات يصل عددها الى 59 مستشفى منها 49 مستشفى تابعا لوزارة الصحة، وفيها نحو 5314 سريرا بمعدل 20.2 سريرا لكل عشرة الاف من السكان، منها 4544 سريرا تابعا لمستشفيات وزارة الصحة بنسبة 85.5% من جملة اسرة المستشفيات في السلطنة. كما تتكون المظلة الصحية من مجموعة من مؤسسات صحية تقدم الرعاية الصحية الاولية وهي 203 مراكز صحية وعيادة ومستوصف طبي ومستشفى محلي منتشرة في جميع انحاء ومناطق السلطنة. التنمية السياحية نظرا لما تمثله من اهمية في انعاش اقتصاد السلطنة، فقد جاء المرسوم الذي اصدره السلطان قابوس بن سعيد في عام 2004 ليؤكد ذلك، حيث تولي الحكومة اهتماما كبيرا بتنمية وتطوير قطاع السياحة في السلطنة نظرا لما يشكله من محور اساسي ترتكز عليه خطط التنمية الخمسية للحكومة في مطلع الالفية الجديدة. فوزارة السياحة – وبالتنسيق مع الجهات المختصة – اصبحت تتولى مهام الاشراف على تنظيم وتطوير وترويج القطاع السياحي في السلطنة وذلك من خلال العمل على حصر وتقييم شامل للمقومات والموارد السياحية التي تتمتع بها السلطنة، واعداد خطط وبرامج وطنية للتنمية السياحية. والسلطنة بصدد انشاء العديد من المشاريع السياحية الضخمة التي من ابرزها اقامة اكثر من 12 فندقا بالاضافة الى افتتاح المراحل الاولية من المشاريع السياحية المتكاملة التي هي بصدد الانجاز تباعا كمشروع الموج مسقط والمدينة الزرقاء ومنتجع سلام سيتي وجبل السيفة وغيرها. الاهتمام بالشباب والرياضة وفي اطار الاهتمام بالشباب العماني، فقد اولت الحكومة ومنذ فجر النهضة في عام 1970 كل الرعاية والعناية بالرياضة والشباب باعتبارهم احد الاعمدة المهمة في مسيرة النهضة والتنمية التي تشهدها عمان، وليس ادل على ذلك الاهتمام من المرسوم السلطاني الذي اصدره السلطان قابوس في عام 2004 بانشاء وزارة للشؤون الرياضية تعنى بابنائه الرياضيين والاخذ بأيديهم الى مراتب العلا في المحافل الاقليمية والدولية. وسوف تشهد الساحة العمانية اقامة مسابقة كأس الخليج التاسعة عشرة لكرة القدم في الفترة من 4 – 17 يناير 2009، تشارك فيها منتخبات دول مجلس التعاون الى جانب اليمن والعراق, حيث ستمثل هذه الدورة حدثا جماهيريا وشعبيا مهما لمحبي وعشاق هذه اللعبة.