كنا نتمنى ان نحتفل جميعاً بأمهاتنا في عيدهن السنوي بالطرق والأساليب التي تستحقها كل أم... ان نقدم لهن الورود والهدايا... ان نفرش قلوبنا تحت أقدامهن... ان نخبرهن بأننا سعداء في حياتنا بفضل رضاهن.. لكن ذلك لن يحدث وفينا من يقدم نعيه هدية لوالدته في يوم عيدها.. لن يحدث وهناك أمهات يعشن جحيم القلق على صغارهن الذين أغواهم لسان التعصب المقيت وجعلهم ألعوبة في يد الجماعات الإرهابية يتناقلونها من المدينة إلى الوادي.. إلى السهل.. إلى الجبل.. ثم إلى الموت بطريقة بشعة. أمهات بانتظار رسالة أو مكالمة هاتفية أو خبر في الجريدة يحمل لها نبأ انتحار ولدها بحزام ناسف سحب معه أرواح أبرياء وجلب على روحه سخط الرب والرسول والناس اجمعين من كل الديانات والاعراق. كيف لهؤلاء الأمهات أن يتذكرن هذه المناسبة وفلذات أكبادهن على مسافة حزام ناسف يصور أهل الزيف والظلال لهؤلاء الشباب ان مفتاح الجنة معلق به.. وأن لا شي يفصلهم عن الحور العين الا نزع الفتيل وتناثر الأشلاء متناسين أن لهؤلاء الشباب أمهات تتقطع أكبادهن خوفاً وهلعاً من المصير الذي ينتظر أبناءهن. مَنْ مِنْ الأمهات من اللائي قرأن خبر انتحاري حضرموت يمكنها أن تحتفل بعيدها بعيداً عن القلق والخوف من ان الذي أصاب أم ذلك الشاب ذي الثمانية عشر ربيعاً قد يصيبها في أي لحظة... حتى وإن كانت تثق بأبنائها، فإن لم يكونوا مغفلين فقد يكونون ضحية أحد المغفلين. في هذه المناسبة لن ينجح أحد في إدخال السعادة إلى قلب أمه إلا اذا أكد لها أنه بعيد عن هذا الفكر الضال المضل.. وأن لا علاقة تربطه بأي مشتبه.. وأظنه لن ينجح.. فقلوبهن خفيفة.. وهاجس الخوف أقوى من رباطة الجأش عند الأم. يا الله كم أودعت من الرحمة والحنان والحب في صدور أمهاتنا وكم جعلتنا ممنونين لهن بعد ان قرنت رضاك برضاء الوالدين ومنحت قلوبهن القدرة على تجاوز الزمان والمكان لتنقل لهن أفراحنا واحزاننا حتى ونحن في بلد الغربة. يا الله امنح المفجوعات بصغارهن السكينة وارزق الخائفات الأمن فنحن ما نزال عاجزين عن تصور وضع أم ذلك الانتحاري الذي غُرّر به فارتكب جريمته في حق والدته التي طالما تمنت له حياة سعيدة هائنة.. فكافأها بحزام ناسف اختصر حياته وأجهض كل أحلامها وشوه عاطفتها وحرمها حقها في ممارسة أمومتها. *الثورة