يجب إرفاق تحية خاصة و قويه لصحيفة الحزب الاشتراكي اليمني التي نشرت مقالا لا تتفق وكل ما ورد قبل إعادة نشره، فهو لم يخالف رأيها فقط ، بل أيضا كان ضد توجه الحزب، و رغم ذلك لم تنشر تعقيبها وتحفظها على المقال، إلا بعد أن استأذنت كاتبته، بدلا من رفض نشره، للاحتفاظ بحق نشر الآراء والأفكار المخالفة لتوجهها، مهما كانت. و هنا تكون صحيفة الحزب قد رفعت سقف الصحافة، وتفوقت بذلك حتى على بعض الصحف الأهلية. وان كان تعاملها يعبر عن توجه الحزب، فان تجربة الاشتراكي تجربه تستحق الاهتمام بها من كل الذين يهتمون برفع سقف الحريات العامة و الصحافية خصوصا. كما أن تجربة اللقاء المشترك ، تستحق النظر و التقييم والنقاش ... كما ورد في تعقيب الثوري، وهذا هو المقال ثانية: هل آن ترك المشترك؟ لم يعد مجديا أن يبقى الحزب الاشتراكي خارج دائرة الضغط الحقيقة، وان لا يقوم بدوره كشريك رئيس في الفعل، مكتفيا باللعبة المشتركة. بقاء اشتراك الاشتراكي في تحالف المعارضة، كتكتيك لبقائه موجودا، كان في وقتها، بحسب ما أراده الاشتراكيون الذين صمموا هذا التحالف، للحفاظ على تواجدهم، أمام اندثار ما بعد الحرب، وهو تكتيك موفق، إن كان فقط للحفاظ على التواجد. و لكن هذا التحالف الذي أبقى الحزب في المعارضة، يجده البعض قد انتهى مفعوله، لتغير مساره الذي كان مرسوما له . وإبقاء الاشتراكي للمشترك حيا، وفاءا لذكرى مؤسسه "جار الله عمر" يبدو الآن تركه ثقيلة. فقد اتضح مؤخرا أن المشترك من خلال تشاوره الوطني، لم يعد لصالح الحزب العتيق، الذي وسط الأزمة الحالية يفضل أن يمسك بيد الجماعة، وهي يد لن تنجو به، بحسب ما يظهر! و تفضيله الظهور كجزء مكمل لطرف المعارضة، وليس كلاعب رئيس، و وحيد، إضافة للفترة الطويلة له في المشترك، ربما قد زادت من إضعافه. و وسط ضجة الوحدة والانفصال، يتحدث شريك الوحدة باسم غير اسمه الشرعي "كشريك"، و يسمع صوته ضمن الجماعة. ومع أفول الوحدة و تهديدها، و وجوده الآن في مواجهة تهمة الانفصال بسبب بعض رموزه، فان الحلول التي تبدو في يده، يبدي هو عدم استعداده لاستخدامها. و ما يطرحه الاشتراكي من حلول يطرحها باسم المشترك، وهذا لا يجعل الحوار مباشرا معه، بل يسمح بفتح حوار بين المؤتمر و المعارضة. و عند الحديث عن كتلة المعارضة، ترتب قوى الأحزاب فورا، و يجد للاشتراكي نفسه أمام حوار بين مؤتمر وإصلاح، و هذا ما كان دائما يزعجه. الآن، يمكن الحديث عن تجربة وقوف الاشتراكي أمام المؤتمر لوحده، دون سند أحزاب المعارضة، "الإصلاح خصوصا" كتجربة جرئيه. ويمكنه التحلي بجرأتها إن اخذ في اعتباره، أن بقائه في دائرة الأحزاب الأخرى ومنها من هو أقوى منه، وفي ظل هذه الأزمة، سيضعفه أكثر، و سيجعل المتحالفين معه يستغلونه أكثر، ويجنون مكاسب أكثر باسمه. الاشتراكي والمؤتمر، وحدهما شريكا الوحدة، عند هذه النقطة فان كلاهما يخول لهما إعادة الأمور للسياق المقبول، وان كان تحالف المشترك كان بغرض أن يعاود الاشتراكي الوقوف أمام المؤتمر بعد هزيمة الحرب، وان يستعين بأكبر قدر ممكن من الأحزاب، لتعميق المفهوم الديمقراطي، وزيادة حصة الأحزاب الصغيرة، و ضمان بقاء الاشتراكي، و إضعاف اكتساح المؤتمر. فان المؤتمر لم يضعف وزاد نفوذه، و اختل التوازن، ولم يستفد الاشتراكي كثيرا من كل هذه المدة في أطول تحالف معارضة. لقد كان اللقاء المشترك قويا في بدايته، و فكرته التي تشرك اليمين مع اليسار، اقتربت كثيرا من التجارب الإيديولوجية الغربية، ولكنها لم تفعلها. فكفة اليسار ظهرت الأضعف، و بدا اليمين هو المسير للأمور، ولم يولد يسار يميني، أو يمين يساري.و هذا ما راجع مستوى الحريات، و مؤشر الديمقراطية، و أهمل حرية الصحافة. فاختلال التوازن وحدوث هذا التشوه السياسي، لم يهدد الديمقراطية فقط، بل كان هو السبب في تهديد الوحدة، التي لن تنقذ إلا بعودة التوازن الذي قامت عليه. اشتراكيو الشمال لا يقول الفعل السياسي اليمني أن الوحدة عليها أن تعود بعودة من أسسوها، ولكن بعودة الحزب اليساري، كتيار. ألق الوحدة المفقود، كان السبب فيه، هو وجود هذا التنوع المختلف بين يسار ويمين ووسط، و المؤتمر كان أكثر إصرار على بقاء الديمقراطية، و التعددية الحزبية و الإعلامية " الصحفية"، لأنها كانت الضمان الوحيد أمام عدم تمدد اليسار، لوجود تيار يمين أمامه. المؤتمر ليس له أيديولوجيه تقف أمام أيديولوجية اليسار، و خوفه من انتشار اليسار في الشمال، اوجب عليه تقوية الإصلاح، ليقف أمام مده. ولم يحد الإصلاح من انتشار تيار اليسار عندما كان حليفا للمؤتمر في السلطة فقط ، بل أيضا عندما أصبح حليفا فيما بعد للاشتراكي في المعارضة، حين جعل الاشتراكي يتخلى عن يساريته، أو يتوب عنها. هذا ما قاله الفعل السياسي، الذي استطاع بعد ذلك أن يفعل فعلته بالوحدة، فحين زاد تضييق الهامش الديمقراطي، لاختلال كفة التوازن، أو إخلاء كفة اليسار، كان هذا هو اكبر خطر على الوحدة. الآن، يمكن للاشتراكي التفكير في إعادة كفة اليسار، لان عودة هذه الكفة هي من تضمن استمرار الوحدة بألق وقوة، ليست هي الفرض عسكري. فبقاء المؤتمر في متراس المتصدي لنزعات الانفصال، ستجعل الأمر يزيد توترا، ويسمح بتصويره كاستيلاء عسكري لطرف وحيد على الوحدة، ومجريات الفعل السياسي. الاشتراكي بصفته شريك ثاني و شرعي في الوحدة، وكممثل لفئة تشعر انها أقصيت وظلمت، يستطيع الحوار مع اشتراكيي الجنوب واشتراكيي الخارج، ومع الجنوبيين والشماليين. فحواره مع المؤتمر، هو الحوار الذي من المنتظر أن يبدأ بين المعارضة والسلطة. و حوار الداخل هذا، يخرس أصوات الخارج. و إن كان إيمان المتحاورين، بأن أزمة الوحدة بدأت عندما بدأ إقصاء الاشتراكي تدريجيا، فان هذا الإيمان يمكنه أن يعيد بناء حلول منطقية، تبعد اكبر قدر ممكن من أشباح الأزمة. عودة الاشتراكي هي عودة الوحدة. و عودة لديمقراطيتها، و عودة لصحفنا، وحريتنا، وقبل هذا عودة لحركة التحديث الاجتماعي. و هذا مرهون بقدرته على الوقوف وحيدا أمام المؤتمر. وبقدرة الحزب على أن يكون الآن قويا بنفسه، وبشرعيته كشريك تاريخي في الوحدة ، و كشريك حالي تفرضه الضرورة لإعادتها. [email protected]