اظهرت وثائق لتحقيقات أجراها محققون من مكتب التحقيقات الفدرالي الامريكي 'اف بي آي' مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي أعدم عام 2006 انه اظهر للعالم ان لديه اسلحة دمار شامل من اجل ان لا يظهر امام ايران انه ضعيف. جاء ذلك في وثائق التحقيق التي نشرت بعض تفاصيلها صحيفة 'واشنطن بوست' الامريكية. وفي المقابلات التي اجراها 'اف بي آي' هاجم صدام زعيم القاعدة اسامة بن لادن ووصفه بأنه 'متحمس'. وجاء في التقرير ان صدام قال ان بلده العراق لم يكن في حالة عداء مع الولايات المتحدة الامريكية. وبسبب اعتقاده ان التهديد الأكبر للأمن القومي العراقي يأتي من امريكا فإنه كان لديه استعداد لمناقشة اتفاقية امنية مع الولايات المتحدة من اجل حماية العراق من التهديدات التي يواجهها في المنطقة. وجاءت اللقاءات التي تم الافراج عنها وهي 20 تحقيقاً رسمياً واربعة مقابلات عادية والتي تمت عام 2004 ان صدام اعترف ان انه اخطأ لانه لم يدع الامم المتحدة كي تشاهد انه قام بتدمير ما يملكه العراق من أسلحة دمار شامل بعد حرب الخليج عام 1991. ولخص مكتب التحقيقات الفدرالي اللقاءات التي تم الحصول عليها بناء على قانون حرية المعلومات بناء على طلب تقدم به الارشيف الوطني الامني وهو مركز بحثي مستقل وغير حكومي وعرضتها الصحيفة على موقعها على الانترنت. ويعود تاريخ اخر لقاء رسمي مع الرئيس السابق الى الاول من ايار (مايو) وتم الحظر عليه وتعليم كل ما ورد فيه بالاسود، الا ان بقية الوثائق عانت من حذوفات قليلة. وتمت اللقاءات الرسمية في الفترة ما بين السابع من شباط (فبراير) والاول من ايار (مايو) 2004. وتغطي فترة حكم صدام العراق وصعوده للسلطة وغزو الكويت وقمع ما يطلق عليها الانتفاضة الشيعية والكردية. فيما لم يتم التطرق لاسلحة الدمار الشامل والقاعدة الا في احاديث عرضية. وطرح المحقق جورج بيرو مسألة علاقة صدام بالقاعدة في اخر حوار له مع صدام، ولكن اجابة صدام كانت بالنفي، مما ينسف ادعاء الرئيس الامريكي جورج بوش بوجود علاقة للعراق بالقاعدة وهو الادعاء الذي اقام عليه الرئيس الامريكي وتابعه في الحرب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مبرر الدعوة للحرب. وجاء في اللقاء قول صدام انه لم يلتق ابدا باسامة بن لادن وانه يختلف معه ايديولوجيا و'لا يشتركان في نفس الرؤية'. وقال عن نفسه انه 'مؤمن بالله ولكن غير متحمس، فيجب عدم الخلط بين الدين والدولة'. وعندما سأل بيرو ان هناك العديد من الظروف التي تجعل من تعاون العراق مع القاعدة امرا مبررا لانهما يشتركان في معاداة كل من السعودية وامريكا كانت اجابة صدام ان العراق لم يكن في حالة عداء مع الولايات المتحدة ولكنه كان ببساطة يعادي سياساتها. وعلى خلاف ذلك كان يعتقد ان ايران هي العدو الاكبر للعراق لاقتناعه الصارم انها أي ايران كانت تحاول ضم الجنوب العراقي لها. ويكتب بيرو ان سبب منع مفتشي الامم المتحدة للدخول الى العراق هي ان صدام كان لا يريد ان تكتشف ايران 'المتطرفة' ضعفه. ونقلت الصحيفة عن مدير ارشيف الامن القومي توماس بلانتون انه لم ير اي خطر امني للابقاء على لقاءات الرئيس العراقي سرية. وعلى الرغم من ان امريكا كانت مهتمة بمكان اسلحة العراق الممنوعة الا انه من الغرابة بمكان ان لا يتم طرح الاسئلة حولها الا في اسئلة عرضية خاصة ان سلاح العراق المزعوم وصلته بالقاعدة كانا المبرران لشن حرب لاحتلال العراق. مما يقترح ان محققي ال'اف بي آي' كانوا تحت اوامر من الادارة الامريكية لبوش وهي طرح أسئلة لها علاقة بسياسة واشنطن الجديدة والقضايا ذات الاهتمام لها في العراق بعد احتلاله وهي التهديد الايراني. وكان بيرو قد تحدث لشبكة اخبار 'سي بي اس' انه امر صدام بالوقوف امام الجدار، ولكنه نفى ان يكون قد استخدم اساليب اكراهية اثناء التحقيق مع الزعيم العراقي لان هذا مخالف لسياسات 'اف بي آي'. وتم اجراء اللقاءات بالعربية وفيها محاولة بيرو نقض رواية واستعادة صدام للاحداث، وفي محاولة منه لاظهار تناقض الرواية اجبر صدام على مشاهدة فيلم وثائقي عن معاملة النظام العراقي للشيعة، لكن هذا الفيلم لم يثر اي دهشة لدى الرئيس حسبما تقول الصحيفة. واعتبر صدام التقارير الامنية عن انه استخدم 'شبيهاً' له من اجل تجنب الاغتيال على انها 'فنتازية' وقال انها 'افلام خيالية وليست حقيقية'. ولكنه اعترف انه لم يستخدم التلفون الا مرتين منذ عام 1990 وظل يتنقل من مكان لآخر ولم ينم في اي مكان اكثر من يومين. لكن اهم ما ورد في الوثائق هو تركيز اف بي اي على الخطر الايراني حيث كان صدام يعتقد ان دول الشرق الاوسط غير قادرة على حماية نفسها والعراق من ايران، خاصة ان صدام كان واعياً للتطور الذي حققته ايران على صعيد ترسانتها العسكرية في الوقت الذي تم فيه تدمير القدرات العسكرية العراقية