رفعت الأوساط السياسية والقوى المهتمة حدة تساؤلاتها حيال اجندة مؤتمر لندن حول اليمن الذي تفصلنا عن موعد انتقاده بضعة أيام. وتشير معلومات حصلت عليها "الوطن" إلى أن السلطات اليمنية أعربت عن مخاوفها من تدويل تنتزعه بريطانيا على هامش انعقاد مؤتمر افغانستان الدولي لمشاكل اليمن الداخلية ،خصوصاً وان لندن لم تبلغ الجانب اليمني عن المشاركين في المؤتمر مثلما لم تطلعه حتى اللحظة على جدول أعماله ،إضافة الى عدم رد الجانب البريطاني على طلب يمني بضرورة المشاركة في رئاسة المؤتمر . وفي هذا السياق تحدث خبر رسمي بثته وكالة الانباء الرسمية عن لقاء رئيس الحكومة الدكتور علي مجور مع السفير البريطاني بصنعاء الاثنين لبحث الترتيبات المتعلقة بمؤتمر لندن القادم لدعم جهود اليمن في مجال التنمية ومكافحة الإرهاب الذي دعا اليه رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون. وتناول اللقاء أجندة المؤتمر وأهم المواضيع التي ستطرحها الجمهورية اليمنية على طاولته سواء في المجالين الاقتصادي والسياسي او في ما يتعلق بجهود محاربة الارهاب -حسب الخبر . واعتبر السفير البريطاني في صنعاء تيم تورلو في تصريحات الاثنين ،مؤتمر لندن فرصة غير عادية لليمن لاطلاع المجتمع الدولي على التحديات التي يواجهها في مجالي التنمية ومكافحة الإرهاب.مشيراً الى ان المؤتمر سيبحث الآلية المناسبة لتنسيق وتوطيد عملية الدعم التنموي الدولي لليمن بجوانبه المادية والفنية سواء في المجالين الاقتصادي والحكم الرشيد او في مجال مكافحة الإرهاب. وزاد الطرح البريطاني الذي قدمه لرئيس الحكومة من حدة الغموض الذي يكتنف مؤتمر لندن حيث لم يفصح السفير عن تفاصيل غير معلنة إضافة الى اقتصار لقاءاته برئيس الحكومة وتغيب الجهات الامنية ذات الصلة في حين كان من المفترض ان تطرح التوضيحات البريطانية على اعلى مستوى في الدولة ومن قبل مسئولين كبار في الحكومة البريطانية وليس السفير. نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية صادق امين ابو راس من جانبه أكد في حديث لصحيفة الخليج الاماراتية الاثنين ان ما يعرف هو ان مؤتمر لندن مخصص لدعم اليمن في الجوانب الأمنية والتنموية لأن الجوانب التنموية جزء من الجوانب الأمنية وكيفية وضع سياسة لدعم اليمن، وقال "نحن نرحب بهذا الموقف، أما غير هذا فإننا لا نرحب به ونرفضه جملة وتفصيلا". التساؤلات اليمنية هي ايضاً عربية حيث لم يصل الى الجانب الخليجي المشارك في المؤتمر وتحديداً الامارات والسعودية أي تفاصيل لجدول الاعمال والجهات المشاركة حيث اشار مسئولين خليجيين كبار في تصريحات صحفية الى ان مؤتمر لندن اذا كان سيقتصر على تحفيز الدعم الخليجي فالواجب على دول الخليج مواصلة دعمها لليمن دون الحاجة الى مؤتمر دولي لم تعرف اجندته ولم يطلع عليها المعنيين بالمؤتمر. وقالت صحيفة المدينة السعودية في افتتاحية عددها الصادر الاثنين ان اليمن بدوره لا يمانع في المشاركة في مؤتمر لندن انطلاقًا من الحقيقة بأنه شريك أساس للمجتمع الدولي في الحرب على الإرهاب وقطعه شوطًا طويلاً في هذا المجال ، خاصة على صعيد التعاون بينه وبين العديد من الدول الشقيقة والصديقة في مجالات التدريب وتبادل المعلومات . ولكن حسب المدينة من حق اليمن والجامعة العربية والدول العربية المعنية الاطلاع مسبقًا على جدول أعمال المؤتمر والتأكيد على موقف صنعاء الرافض لأي تدخل أجنبي على أراضيه والحيلولة دون تكرار ما حدث في العراق وأفغانستان وباكستان لاسيما في ظل الظروف الراهنة التي تؤكد على أن صنعاء ماضية قدمًا في شن الحرب على عناصر تنظيم «القاعدة» ومصممة على تطهير أراضيها من عناصر التنظيم وان العمليات ستتواصل بصورة مكثفة دون ترك أي فرصة للتنظيم كي يلتقط أنفاسه . حديث الصحيفة السعودية ليس اجتهاد صحفي بل قناعة سياسية ورؤية خرجت من دهاليز صناعة القرار في المملكة. ويخشى السعوديين كما الجانب اليمني فرض المؤتمر تسوية سياسية مع المتمردين الحوثيين تتجاوز الحكومة اليمنية والجانب السعودي الذي أصبح متضرر أخر من التمرد الحوثي في اليمن وأجندته التوسعية والتخريبية للمنطقة بدعم من ايران. ومن وجهة نظر الحكومة اليمنية تعد قضية التمرد الحوثي والحراك الجنوبي قضيتين غير قابلتين للنقاش او الطرح الخارجي لاعتبارها ذات شأن داخلي ، والخوض فيهما أمر مرفوض. وتبدوا رؤية السلطة والمعارضة باليمن في تسوية المشاكل الداخلية عبر الحوار الوطني ، وبحسب ابو راس نائب رئيس الوزراء ، فان هناك دعوة أطلقها الرئيس استجابة لمطالب من الداخل والخارج بوجوب أن تفتح الدولة المجال للحوار وقال "هو حوار يشمل كافة اليمنيين بكل توجهاتهم عدا الحوثيين وقوى الحراك ؛ فعلى الحوثيين أن يوافقوا ويلتزموا بتنفيذ النقاط الست ويعلنوا تمسكهم بالدستور والنظام الجمهوري وعندها أهلا وسهلاً بهم، ويمكن أن نتحاور معهم والوضع نفسه ينطبق على الحراك في بعض المحافظات الجنوبية شرط أن يكون في إطار الوحدة والجمهورية والديمقراطية" . منوها بأن الحرب القائمة حاليا مع المتمردين الحوثيين لن تتوقف قبل بدء المتمردين بتنفيذ النقاط الست التي اشترطتها الحكومة وهي شروط ضمن إطار الدستور والثوابت الوطنية، وحق لدولة يحكمها دستور ونظام وقانون، مؤكدا ان ما قوى شوكة المتمردين الحوثيين هو توقيف الدولة الحروب مرة بعد مرة لخمس مرات سواء لأغراض إنسانية أو كي تبدأ المفاوضات أو لغرض حل المشاكل ، غير ان المتمردين الحوثيين يتعاطون مع توقف الحرب بطريقة معاكسة ومخادعة أدى إلى تقويتهم وبلطجتهم من خلال ممارسة التقطعات وقتل المشائخ وتهديد كل من يعارضهم حتى وصلت الأمور إلى حد نسف المنازل وطرد أسر كاملة من مناطق صعدة وخلق دولة داخل الدولة. كما أوضح أن الحوار مع قوى الحراك الجنوبي أمر مرحب به في اطار الحوار الوطني الداخلي شرط أن يتم تحت سقف الوحدة، مؤكداً أن فك الارتباط مصطلح تجاوزه الزمن لأن اليمنيين مستعدون لتقديم آلاف الضحايا للحفاظ على وحدتهم . ويبقى الإشارة إلى أن الدعم الاوربي والأمريكي لليمن بإعتباره شريك في مواجهة الإرهاب لم يكن بالشكل الذي تأمله اليمن حيث اقتصر الأمريكان والأوربيين اهتمامهم باليمن على دعم إنشاء جهاز امني استخباراتي متخصص في توفير معلومات ذات صلة بالارهاب ودعم متواضع لقوات خفر السواحل التي تعد ايطاليا اكثر الداعمين لهذه القوات . وأمام ما يشبه الانتفاضة الداخلية ضد أي محاولات للتدخل في الشأن اليمني عسكرياً تبقى اجندة مؤتمر لندن حبيسة أدراج السلطات البريطانية والأمريكية تنذر بما لا يطمئن اليمنيين من خلال اليات معالجة مشاكلهم التي استعصت على الاحتواء في ضل وضع اقتصادي لا يبشر بقادم مريح لأكثر من 23 مليون مواطن. وفي حين تدعو الصحافة البريطانية الى تقديم حوافز اقتصادية من قبل المجتمع الدولي لليمن لمساعدته على تجاوز أزماته المتشعبه حذر مسئولين غربيين من تورط بريطاني امريكي في اليمن قد يجلب مساندة شعبية لتنظيم القاعدة من قبل شعب محافظ وغير متقبل لفكرة التواجد الاجنبي الى جانب القوات المحلية . وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية هي الجهة الوحيدة التي كشفت عن رؤيتها التي ستقدم في مؤتمر لندن حيث اشار نائب وزير التخطيط هشام شرف الى ان اليمن ستعرض المشاكل التي تعترض طريق التنمية في اليمن . وأكد شرف أن حجم التحديات الأمنية التي تواجه اليمن أكثر بكثير من المساعدات التي تحصل عليها من الولايات المتحدة ودول أخرى . وكشف نائب وزير التخطيط عن حاجة اليمن الى 30 مليار دولار في السنوات الخمس القادمة اذا فكرت بتنفيذ خطة خمسية جديدة تساعد على انتعاش اقتصادي يسهم في اجتثاث تنظيم القاعدة الذي يستغل الأوضاع الاقتصادية في تمدده. وبين دعوة براون الى عقد مؤتمر دولي لمواجهة التطرف في اليمن وافتتاحه للمؤتمر يبقى السيناريو المخبوء في جيبه مفتوحاً على احتمالات قد لا تسر وقد تكون خلافاً لذلك مع الاخذ بعين الاعتبار عدم تكرار التجارب الفاشلة في الجبهة الرابعة من حرب العالم على الارهاب.