تعمَّدتُ أمسٍ الأوَّل أن أُضمِّن عمودي رسالة ذلك الشابّ الذي لا يُريد أن يضلّ طريقه، وهُو الآن يقف على مُفترق طُرق، إمَّا أن يُساعده الجميع أو سيقع أو سيرتمي في أحضان التطرُّف أو سنكتشف ذات صباحٍ واسمه بين انتحاريين قتلوا الأولاد والنساء في الشارع، هكذا سيكون حاقداً على الجميع، يقتل الحياة، فماذا نحنُ فاعلون؟ هُنا السُّؤال الأوَّل الذي نُحوِّله إلى مطلبٍ نضعه أمام اجتماع لندن اليوم، إن ساعدونا على القضاء على البطالة وعلى مُبرِّرات أن يتحوَّل أبناؤنا إلى قنابل بشريةٍ يقتلون بها الحياة من حولهم وهُم في عُمر الزُّهور. اليمني كريم، ويجب أن يفهم الآخرون هذه الخاصِّيَّة، إن لم يجد مَنْ يستجيب لداعي كرامته، فإنَّه مُستعدٌّ لأن يذهب إلى آخر المدى صوناً لها. واليمني عزيز، فإن رأى مُجرَّد إهانةٍ لا يقرّ له قرارٌ قبل أن يستعيد اعتباره، واليمني إذا وجد نفسه بين خيارين : الكرامة أو اللُّقمة، سيختار الكرامة، تظل مُصانةً ورافعةً هامتها و«سيعصب على بطنه حجراً»، لذا عليكم أن تجمعوا بين الاثنتين، فتحفظوا كرامة الإنسان هُنا بمُساعدته على أن يجد لُقمةً عبر الطُّرق الشريفة، وبدُون مَنٍّ ولا سلوى. رُبَّما يتميَّز اليمني، والأمر عائدٌ رُبَّما إلى طبيعة بلاده، بأنَّه لا يطرح نفسه جانباً، تكون بطنه خاويةً وجيوبه خاوية، فإذا وجد نفسه في موقف عزّ اختار أن يموت واقفاً، يجب ألاَّ تكون الأوراق المُتساقطة دليلكم إلى عنوان اليمنيين، يجب أن يكون جذع الشجرة مربط الفرس. وحذارِ حذارٍ أن يتخيَّل أحدٌ أنَّ اليمني سيرضى لنفسه أن يكون أجيراً لأحد، إذ لن يخسر شيئاً لو خسر حياته أمام موقفه، رأيه، لا تأخذوا بعض السياسيين نُموذجاً لليمنيين، فاليمني العادي البسيط هُو بيت القصيد، وَمَنْ يفترض أن تأخذوه في الاعتبار، اليوم إذ تجتمعون في ظلِّ تهويل إعلامكم لا نرضى أن نتحوَّل إلى وكلاء بعُمولةٍ هي الغُبار الذي يعمي العُيون، بل نُريد مُشاركةً في إيجاد حُلولٍ للمُسبِّبات التي تجعل «الإرهاب» يُحاول تحويل اليمن إلى موطنٍ له. وعليكم أن تستعيدوا العلم بأنَّ «القاعدة» تحديداً لم نصنعها نحنُ، أنتم تعلمون مَنْ صنعها؟ وكيف؟ وأين؟ ولماذا؟ وتعلمون سرّ رغبة الكثيرين في بقائها سرَّاً من الأسرار، ولماذا يُراد لها أن تستمرّ بُعبعاً يُلوَّح به، أمام مَنْ؟ أنتم تعرفون، لماذا؟ أنتم تعلمون، إذ ماذا نفعل ل «جُور باتشوف» الذي قدَّمنا إلى الواجهة يوم أن خُذل وأصحابه وباع الاتِّحاد السُّوفيتي بثمنٍ بخس!! لا نُريد أن نكون البديل أو بلادنا بدلاءً له، فتكفينا ضائقتنا الاقتصادية، ولا يجمع اللَّه بين عُسرين. اليمنيون مُشكلة مشاكلهم الفقر والبطالة، ونضوب الموارد ناتج الاستهلاك، سواءٌ العشوائي أو المُنظَّم، فساعدونا على أن نقف على أقدامنا، وعلينا أن نُساعد أنفسنا نحنُ بالقضاء على دابر مَنْ يُقاسم الناس أرزاقهم!! بالتأكيد نحنُ مَنْ يعنينا الأمر في الداخل، حوارٌ يجب أن نُحاور بعضنا لنصل إلى حيثُ نُؤمِّن المُستقبل لأولادنا، وإصلاحٌ يجب أن يكون النهج في وجه مَنْ يرون في الوطن حقَّاً لهم وحدهم، وعلى الآخرين أن يذهبوا إلى الجحيم، وشعارهم «الحياة أرزاق»، و«اللَّه يرزق مَنْ يشاء»، والشعار الآخر حقٌّ يُراد به باطل، ثُمَّ يأتي الأمن والوقوف في وجه «الإرهاب»، الذي أصبح سيفاً مُصلتاً على رُؤوس الشُّعوب، وأسبابه معروفه، فحيثُ الجُوع والبُطون الخاوية تخرج النقمة والانتقام من بين العِشَش، وعلى الغرب إن أراد أن يقطع الطريق عمَّن يرون صُور ما يجري هُناك في فلسطين بفرض الحلّ العادل، ستتراجع الكراهية، وستُؤمن الشُّعوب المقهورة بأنَّ هُناك عالماً يسوده العدل، حينها لن نجد السائر على قدميه بنقمةٍ ورغبةٍ في الحقد على مَنْ يمرّ بسيَّارة «الفُورد» المُغطَّاة بالشراشف السوداء، ولا اللاَّندروفر التي خرج من وراء ستائرها الوعد بمنح مَنْ لا يملك أرضاً لِمَنْ لا يستحق، وها هي الجولة مُستمرَّةٌ من «جونار يارنج» إلى «ميتشل» والأرض تُنهب، والحُقوق تُهدر، والغرب يُرسل الوعود التي لا تتحقَّق. وما يهمّ اليمني، وهُو أهمُّ المُهمّ هُنا، أنَّ بيته يجب أن يبقى بيته، لا يُمكن له أن يقبل بأن يفتح الباب ليرى مَنْ يطرقه فيجد الزائرين وقد ملأوا الغُرف كُلّها بدُون حتَّى «اللَّه اللَّه»، فَمَنْ يقولها «اللَّه اللَّه» ضيفٌ عزيزٌ أهلاً به، أمَّا مَنْ يقولها - فقط - محاولةً للدُّخول ورفض الخُروج، فلن نقبل نحنُ أرباب البيوت، فالأمر يمسّ كرامتنا التي نقبل أن نظلَّ جائعين إذا كان الخيار بينها وبين اللُّقمة، على أنَّ هُناك ما يشغل بال اليمنيين، ويجب أن تكون الصُّورة واضحة، فالوحدة اليمنية مسألة مصير، و«الحراك» عليه أن يكون سقفه الوحدة إن أراد من الآخرين أن يستمعوا إليه، والحُوثيون المطلب الوحيد شعبياً أن يعودوا مُواطنين إن أرادوا، أو فعلى الدولة أن تكون كذلك وتُعيدهم إلى بيت القانون والدُّستور. *مدير تحرير صحيفة الثورة