أكد أكاديمي يمني أن اليمن لم تصل إلى درجة الدولة الفاشلة كصفة أطلقتها المنظمات الدولية بحجة مهددات أمن الإنسان اليمني, وأنه لا زالت هناك إمكانية لتدارك بعض الأخطاء التي شهدتها السنوات الماضية. وأشار أستاذ السكان والتنمية المساعد بجامعة صنعاء الدكتور عبدالملك الضرعي في محاضرة "الأمن الإنشاني والتنمية في اليمن, استنادا إلى منهجية تقرير الأمن الإنساني العربي 2009 الصادر عن البرنامج الانمائي للأم المتحدة" ألقاها في (منارات) إلى أن هناك عدة حلول ومقترحات تتطلب من واضعي السياسة والمجتمع المدني مناقشتها بما يساعد على تجاوز المخاطر الحالية التي تمر بها اليمن وأن تجاهل مناقشتها قد يوصلنا إلى مرحلة الفشل فعلا,. وتتمحور السياسات حسب الضرعي حول إجراءات تنفيذية مؤسسية ومعالجات من منظور تخطيطي منها ضرورة اتخاذ الاجراءات البيئية التي تعزز من استدامة الموارد الطبيعية وإستغلال ثروات البيئة البحرية المتنوعة في مواردها الاقتصادية التي تمتد لحوالي الفان كم على ساحلي البحرين الأحمر والعربي, ودعا الضرعي الى استغلال امثل لما تمتلكه اليمن من كميات كبيرة من الثروات المعدنية ومصادر الطاقة وتنوع تضاريسي ومناخي, وموارد سياحية متعددة المظاهر, لمعالجة بعض المشكلات الناجمة عن التحديات البيئية الراهنة. وأكد أستاذ السكان والتنمية المساعد بجامعة صنعاء أن الخروج من دائرة الأزمات السياسية والأمنية التي تعانيها اليمن تستدعي اتخاذ قرارات شجاعة من النظام السياسي تقوم على التأكيد على مبدأ الشراكة والمسئولية الوطنية في السلطة والقوة والثروة ، وتفعيل تلك الشراكة من خلال تجريم كل الأفعال والممارسات التي تسيء إلى ذلك المبدأ في حال ثبوتها قضائياً, . وطالب الضرعي بجعل الوحده والجمهورية والديمقراطية مسئولية كل القوى السياسية والوطنية، والمساس بتلك الثوابت في حال ثبوتها قضائياً جرائم ماسة بالثوابت الوطنية ، ويمكن أن يندرج تحت طائلة المسائلة القانونية كل من مارس أو تسبب في المساس بتلك الثوابت سواء كان في الحكم أو المعارضة أو خارجهما, . وشدد الضرعي على الدعوة إلى حوار وطني مفتوح لكل القوى السياسية دون شروط ، وإصدار قرارات إضافية تعزز من الحكم المحلي واسع الصلاحيات. ودعا الضرعي الى إعداد استراتيجية لمواجهة الفساد خاصة وأنه يشكل حرباً صامتة لا تقل خطراً عن الحروب التقليدية، . وشدد على تعزيز الإجراءات المناهضة للفساد من خلال ثلاثة محاور, تتمثل في مواجهة الفاسدين في الجهاز الإداري للدولة عبر تفعيل تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والقدرات الضبطية للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعد العلنية في طرح تلك القضايا شعبياً على قدر كبير من الأهمية ، لما لذلك من دور في محاصرة جرائم الفساد قبل وقوعها, . واشار أستاذ السكان والتنمية المساعد بجامعة صنعاء الى اهمية مواجهة المفسدين وهم أصحاب المصالح من خلال استرجاع ما تم الحصول عليه دون وجه حق وبالمخالفة للقوانين، وتعزيز دور الشريك الثالث وهم الصامتون (الأفراد المتعرضون للضرر المباشر أو المتذمرين من قضايا الفساد ،ولكنهم صامتون ليأسهم من مواجهة الفاسدين). وأوضح الضرعي أهمية اتخاذ عدد من الإجراءات لتعزيز الأمن الفكري ومواجهة الرؤى الفكرية العقائدية المذهبية أو السياسية، التي دفعت بالعديد من الشباب إلى الانخراط في جماعات مسلحة تناهض الثوابت الوطنية, أبرزها إعادة النظر في عناصر العملية التعليمية من مناهج دراسية وإعداد معلمين وإدارة تربوية ومرافق تعليمية ، وبما يتوافق مع المعايير الدولية لجودة التعليم ،ويعزز من مبدأ الولاء الوطني ، ويساعد على إحداث تغييرات إيجابية في البنى الاجتماعية تتوافق مع المبادئ السمحة لديننا الإسلامي الحنيف ، ومع الثوابت الدستورية والقانونية والأهداف التنموية, . ودعا الضرعي الى إعداد استراتيجية موحدة لوسائل الثقافة الاجتماعية التي تشمل وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، ومرافق التعليم العام والخاص ، والمساجد ، ومنظمات المجتمع المدني ، والمنابر الثقافية الأخرى ، بهدف تعزيز مبدأ الإنتماء والولاء الوطني وحب الوطن والدفاع عنه ، معززة بالإجراءات التي تؤكد على مبدأ المواطنة المتساوية والعدالة أمام النظام والقانون. ولفت الى أن الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها اليمن تشكل أبرز المشكلات المهددة لأمن الفرد، مما يستدعي اتخاذ حزمة من الإصلاحات المالية والإدارية، تتمثل في خفض معدلات البطالة السافرة والمقنعة من خلال تجريم التعدد الوظيفي أو الوظائف الوهمية، ومحاسبة كل من يثبت تسترهم أو تورطهم في مثل تلك الجرائم، وترشيد الدرجات الوظيفية المعتمدة سنوياً من خلال توزيعها وفق خطط اقتصادية واجتماعية تقوم على مبدأ التخطيط للوظيفة العامة وفق الاحتياجات الحقيقية للجهات ذات العلاقة وبما يخدم برامج وخطط التنمية الشاملة, . وطالب أستاذ السكان والتنمية المساعد بجامعة صنعاء في محاضرته بالحد من الإنفاق الحكومي في المجالات غير الاستثمارية والإنتاجية, كالسفريات الخارجية لكبار المسئولين وشراء السيارات الفارهة، وتشييد المباني الحكومية بتصاميم هندسية عالية الكلفة وغيرها، كونها ستوفر ملايين الدولارات لصالح الخزينة العامة. وبين الضرعي أن الأمن يشكل أحد العناصر الهامة التي تساعد على نجاح خطط وبرامج التنمية، ويقترن بضوابط إعداد استراتيجية أمنية وطنية واقعية، تقوم على التوازن بين المسارات الأمنية المختلفة الدولية والوطنية والشخصية والفكرية وغيرها ، وتؤكد على مبدأ الإجراءات الأمنية الوقائية التي تساعد على تخفيف مخاطر المعالجات الأمنية اللاحقة, والتأكيد على دور الفئات الاجتماعية المختلفة في إسناد الأمن الوطني.