رحبت الحكومة اليمنية اليوم الاربعاء بمقترح عرضته وتتبناه واشنطن لانشاء صندوق لدعم التنمية في اليمن، جرى تدارسه بصنعاء مع نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكي لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط اندور باو كول الذي يزور اليمن حاليا، لدى لقاءه رئيس الوزراء ونائبه للشئون الاقتصادية . واكد باو كول توجهات بلاده لدعم هذا المقترح الذي سيتم مناقشته خلال اجتماع نيويورك المرتقب لمجموعة أصدقاء اليمن نهاية الشهر الجاري. وأعرب نائب مساعد وزير الخزانة الأمريكي عن تفهم الولايات المتحدة لطبيعة التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن، مبينا حرص واشنطن على تقديم المزيد من أوجه الدعم لتعزيز التنمية في اليمن. موضحا ان موارد الصندوق المزمع انشائه ستخصص بدرجة اساسية للاولويات التي تحددها الحكومة اليمنية..معربا عن ثقته بالتفاعل الكبير للمانحين مع الصندوق ودعمه بالموارد المالية لتحقيق اهدافه المنشودة. من جانبه عبر رئيس الوزراء الدكتور على مجور لدى لقاءه المسئول الامريكي عن تقدير الحكومة اليمنية لهذا المقترح الذي وصفه ب " العملي " لما من شأنه تعزيز مسيرة التنمية في الجمهورية اليمنية والتسريع بوتائرها لا سيما في المجالات ذات الاولوية وفي المقدمة قطاع الكهرباء والطاقة . وجدد حرص الحكومة للمحافظة على المكاسب المحققة في اطار جملة من الاصلاحات وتعزيزها عبر مواصلتها تنفيذ محددات اجندة الاصلاحات الوظيفية بجوانبها الاقتصادية والمالية والادارية والتشريعية. وكانت الولايات المتحدة الأميركية أطلقت مؤخرا استراتيجية دعم جديدة لليمن هي الأولى من نوعها في تاريخ التعاون الثنائي بين البلدين الممتد منذ ستينات القرن المنصرم وتتركز على تمويل برامج بناء القدرات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية لرفع استعدادات السلطات اليمنية في مكافحة خطر تنظيم "القاعدة" بالتزامن مع تمويل برامج إنمائية طويلة الأجل تستهدف "تقلص نطاق النزاعات ومعالجة ظاهرة العنف والتوترات في المناطق القبلية الساخنة". ويعد اليمن ثالث دولة إلى جانب كل من أفغانستان وباكستان اختيرت لتطبيق استراتيجية الدعم الأميركي الجديدة التي تندرج في إطار تنفيذ مقررات الرؤية الأميركية الجديدة للأمن القومي المعلن عنها أخيراً من جانب البيت الأبيض والتي اعتمدت منهجية جديدة في التعامل مع مفهوم مكافحة الإرهاب يرتكز على تصعيد الحرب ضد تنظيم "القاعدة" عبر العالم من خلال تقديم مساعدات عسكرية واستخباراتية للدول الثلاث بالتزامن مع رصد مخصصات مالية لدعم برامج تنموية لمكافحة الفقر والبطالة في المناطق الأكثر عرضة للعنف والنزاعات والصراعات والتي تمثل "ملاذات محتملة" لتنظيم "القاعدة". وخصصت واشنطن مبلغ 183 مليون دولار من إجمالي المنحة الإجمالية المقدرة بنحو 300 مليون دولار كمنحة خاصة لتمويل ثلاثة برامج إنمائية في اليمن تستمر خمس سنوات تندرج ضمن "استراتيجية استقرار جديدة لليمن" تركز في مجملها على الإسهام في مكافحة الفقر والبطالة في المناطق الأكثر عرضة للنزاعات والعنف والتوترات كمأرب وصعدة اللتين تشهدان تنامياً مضطرداً لنفوذ تنظيم "القاعدة" وحركة التمرد المسلح الذي تتزعمه في شمال البلاد جماعة الحوثيين. واعتبرت مسؤولة اليمن في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية انجي بريان أن "استراتيجية الاستقرار الجديدة" المعتمدة من الحكومة الأميركية لليمن تعد بمثابة "تجربة كونية تراهن من خلالها الولايات المتحدة على نجاح رؤيتها الجديدة في مكافحة الإرهاب والعنف وتنظيم القاعدة في دول تواجه تحديات اقتصادية وأمنية واجتماعية كاليمن وتمثل شريكاً فاعلاً للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب والقاعدة"، مشيرة إلى "وجود رؤية أميركية طويلة الأجل لليمن تركز على الإسهام في توفير فرص الخدمات الأساسية والفرص الاقتصادية لليمنيين، ما يسهم في تسوية النزاعات وزيادة الاستقرار وسد الطريق أمام الإرهاب وتنظيم القاعدة في الحصول على ملاذات آمنة". وقالت برايان إن "عدم الاستقرار المتنامي في اليمن وإدراك واشنطن خطورة التحديات القائمة التي تواجه الحكومة اليمنية دفع الحكومة الأميركية إلى تطوير استراتيجية استقرار جديدة لليمن تركز على تكريس مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية باتجاه زيادة الاستقرار وتقليص النزاعات عبر دعم جهود التنمية الموحدة للمجتمعات المستهدفة". وأشار المدير القطري للوكالة الأميركية للتنمية الدولية جيف آشلي إلى أن "الوكالة الأميركية للتنمية ستراقب فاعلية استثماراتها بدقة وتقيمها في ما يتعلق بتهدئة دوافع عدم الاستقرار في اليمن وتعديل نهجها حسب الحاجة"، منوهاً إلى أن المنحة الأميركية المقدمة من الحكومة الأميركية لتمويل ثلاثة برامج إنمائية في اليمن خلال السنوات الخمس المقبلة ستسهم في تجفيف جذور النزاعات والعنف في بعض المناطق الأكثر عرضة للصراعات والتوترات من غيرها في اليمن". وكان للكشف عن تفاصيل ما يسمى "استراتيجية الاستقرار الأميركية الجديدة لليمن" ان قوبلت بردود أفعال متفاوتة عبر عنها كبار المسؤولين في الحكومة اليمنية خلصت في مجملها إلى انتقاد تدني سقف المساعدات الأميركية المخصصة لليمن مقارنة بالتحديات الأمنية والاقتصادية المتصاعدة التي تواجهها البلاد. واعتبر وزير المالية اليمني نعمان الصهيبي مبلغ ال183 مليون دولار المخصص لتمويل استراتيجية الاستقرار الجديدة لليمن بأنه "موازنة متدنية للغاية مقارنة باستهدافات الاستراتيجية"، مشيراً إلى أن "على الولايات المتحدة أن تتفهم بشكل موضوعي التحديات التي تواجه اليمن وتقدم مساعدات فاعلة لمساعدة الحكومة على مواجهتها"، منوهاً إلى أن "اليمن بلد فقير يعاني من شح الموارد ولا تتجاوز الموازنة الحكومية سقف العشرة مليارات دولار، وهو ما يساوي موازنة شركة أميركية متوسطة". وأشار الوزير الصهيبي إلى أن "عجز الموازنة اليمنية يصل إلى مليارين وستمئة مليون دولار، ما يستدعي مبادرة الولايات المتحدة الى تقديم دعم مالي مباشر لسد الفجوة القائمة كون مثل هذه المبادرة ستحفز باقي الدول المانحة على القيام بمبادرات مماثلة".