للمرة الاولى منذ تفجر الصراع السياسي في اليمن وخروج المعارضين والموالين الى الساحات بالمحافظات على مدى اكثر من عشرة اشهر في استعراضات للقوة بمسميات جمع مختلفة ، توحد الفريقان في جمعة اليوم تحت مسمى واحد "جمعة ثورة 14 اكتوبر" ، فيما انقسم المناهضون في مضمون الفاعلية وفقا لشعارات متعددة كخيارات لمنظميها ،فبعضها لتعميق الوحدة اليمنية ضمن واحدية مطالب اسقاط النظام ، واخرى فعاليات بالمحافظات الجنوبية تنادي بخيارات اقلها استعادة دولة الجنوب والعودة الى حدود الشطرين سابقا. ففي صنعاء العنوان الابرز لصراع كسر العظم بين المعارضة وانصارها من جهة ، والنظام وانصاره من الحزب الحاكم والموالين للرئيس صالح من جهة اخرى ، تقاسم الفريقان دائرة عروض الجمعة الجماهيرية- بين شارعي "الستين للمعارضين، والسبعين للموالين" كما اعتادوا ذلك بمسيات مختلفة -غير انهم اليوم كانوا تحت عنوان واحد وان اختلفت الاهداف والشعارات من ورائها وهي "جمعة ثورة 14 اكتوبر" حين تم طرد المستعمر البريطاني عام 1963 من جنوب اليمن. تظاهرة المعارضين في شارع الستين بالعاصمة وبالمثل في مدينة تعز بشعار" الوفاء لثورة 14 اكتوبر"، اكدت على مدلولات الاحتفال كعنوان للوحدة الوطنية وترابطية الهدف الاستراتيجي لأنباء اليمن شماله وجنوبه في الاطاحة بالنظام-كما يقولون. واكد تظاهرة المعارضة أن ثورتهم الجديدة امتداداً لثورتي سبتمبر وأكتوبر التي رفض خلالهما كل أشكال الظلم والقهر والاستبداد ، واعتبروا نهوضهم للاطاحة بالنظام لاسترداد أهداف ثورتيه العظيمة سبتمبر وأكتوبر. وهتفت المتظاهرون ضد النظام والمطالبة بمحاكمة رموزه ، داعين المجتمع الدولي لمساندهم في خطاهم للإطاحة بالنظام وادانة جرائمه. بالمقابل اكتظ ميدان السبعين اكبر ميادين العروض جنوب العاصمة صنعاء بحشود انصار الرئيس والمؤتمر الشعبي الحاكم ، بعد الصلاة جمعة اطلقوا عليها جمعة " ثورة ال 14 من أكتوبر الخالدة" للتعبير عن الأهمية الكبيرة التي تحتلها هذه المناسبة وما لها من معاني ودلالات كبيرة تجسد البطولات والتضحيات الغالية التي قدمها اليمانيون الأحرار في سبيل الاستقلال والتحرر من المستعمر البغيض . وجددت الحشود تأكيد وقوفها المطلق إلى جانب الشرعية الدستورية والقيادة السياسية ممثلة بالرئيس علي عبد الله صالح, وحمايتها "بكل غالٍ ونفيس من كل المؤامرات والدسائس التي يقودها العملاء والإرهابيون والخونة". وشدد المتظاهرون من الموالين على التمسك بمبادئ وقيم الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ومنجزاتها العظيمة وفي مقدمتها الانجاز الوطني العظيم والشامخ الوحدة اليمنية الخالدة التي ارتفع علمها شامخاً ومعانقاً السماء في مدينة عدن الباسلة يوم ال22 من مايو عام 1990م على يد الرئيس صالح. ورفع المتظاهرون اللافتات المعبرة عن عظمة هذه المناسبة الوطنية الغالية وأهميتها في تاريخ الشعب اليمني .. وجددوا مواقفها الثابتة المؤيدة لوحدة وأمن واستقرار اليمن وحمايته من كل المؤامرات الساعية لجر أبناء اليمن الواحد للاقتتال والانقسام والزج بالوطن في أتون الفوضى والتخريب ، وتوعدوا بعدم السماح لمن يصفونهم ب" الانقلابيين" الاستمرار في محاولاتهم اليائسة للزج باليمن نحو مهاوي الفتن والفوضى والحرب الأهلية. فعاليات تنشد الانفصال وخلافا لتظاهرات كسر العظم واستعراض القوة الجماهيرية بين المعارضين والموالين في اطار الصراع على السلطة ، شهدت عديد من المحافظات جنوب البلاد فعاليات في جمعة مسماة ايضا بجمعة " الاحتفال بذكرى ثورة 14 اكتوبر"، بوجهة تذهب الى ابعد من شعار اسقاط النظام ، وهو استقلال الجنوب وفك الارتباط "الانفصال" عن شمال الوطن. ونظمت فصائل الحراك الجنوبي فعاليات ومسيرات في عدد من المدن منها المكلا وشبوة وعدن رفعت فيها اعلام الجنوب وطالب فيها المتظاهرون بموصلة المسيرة لتحريري الجنوب. وفي كلمة له من منفاه قرئت في الفعاليات طالب نائب الرئيس السابق علي سالم البيض، الفرق المختلفة من مكونات الحراك بالتوحد، حول الاستقلال، كهدف موحد، وحول حق القوى في التباين والاختلاف دون ماهو ذلك، وقال: "ما هو خلاف (الاستقلال) فسوف يبقى لنا الحق في ان نتمسك بخيارنا ونهجنا كقوى وطنية تتميز عن باقي القوى الوطنية بخيارها وتوجهها ولا تنكر في نفس الوقت دور باقي القوى ولا تلغيها ولا تستعلي على أحد منها". وقال: "اننا كنا في الخارج ولا زلنا نتمنى ونرجو ان تتفق معنا مختلف القوى السياسية الجنوبية بشكل واضح وقاطع لا لبس فيه فيما يخص هدفنا الوطني المشروع وهو الاستقلال واستعادة سيادتنا على ترابنا الوطني، وهي الحالة المثلى ان كنا ولازلنا نتأمل الوصول اليها من قبل الجميع، والتي سوف تجعل الفرصة أمامنا جميعا مواتية لتحقيق الاصطفاف الوطني الكامل والحقيقي بعيدا عن اي حسابات او نزعات ذاتية او حزبية او مناطقية"، وقال: "ونحن نعلن أمامكم ونشهد الله على ذلك بأننا لن نكون الا مع ما يتفق عليه ابناء الجنوب جميعا شريطة ان نصطف جميعا تحت سقف مطلب شعبنا في حريته واستقلاله وسيادته على أرضه". وعبر في كلمته التي وجهها بالمناسبة عن "استغرابه ودهشته" مما قال انه "تحميلنا بالتساوي مسئولية عدم الاتفاق او التوصل الى تشكيل قيادة جنوبية موحدة مع مختلف القوى السياسية الجنوبية"، محملا المسؤلية "القوى الجنوبية (التي) تتمسك بخيار الفيدرالية صراحة في إطار الدولة اليمنية الواحدة". قائلا انه ضد التنازل "عن هذا الخيار المقدس في سبيل ان تتشكل قيادة موحدة". مذكرا بقوله "لقد اعلنا أكثر من مرة اننا لن نكون الا مع الخيار الذي يختاره شعبنا، وان المراكز والمناصب القيادية لا تعنينا ولا تهمنا في شيئ، وإننا على استعداد كامل وفي اي لحظة للتوافق مع مختلف القوى الجنوبية تحت هذا الخيار الوطني دون قيد او شرط". مؤكدا "الاحترام والاعتراف بجميع الأطراف الجنوبية دون استثناء" قائلا ان ذلك "نهج يلبي ما تتطلبه قواعد الديمقراطية وتهيئة البيئة الوطنية لثقافة سياسية جنوبية جديدة". وقارئا الاية القرانية "ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله" في اشارة لصراع حلفاء حرب 94 على السلطة حاليا ، اعتبر البيض ان "الأحداث تتسارع – تماما كما توقعناها – في خطاباتنا السابقة، وعلى النحو الذي يصب في صالحنا وفي صالح نصرة قضيتنا الوطنية العادلة". وقال: "ان جميع المؤشرات والدلائل تؤكد وتشير بشكل واضح الى حدوث تقدم حقيقي ل"قضية الجنوب" في مسارها التحرري نحو الاستقلال والحرية، والى تخطيها لمراحل صعبة وعسيرة، ما كان لأكثر المتفائلين منا أن يضعها في يوم من الأيام ضمن حساباته وتحليلاته لمجريات ونتائج الأمور السياسية على الصعيد الوطني وعلى صعيد قوى الاحتلال اليمني ومواقفها وتماسكها على أرضنا المحتلة". واضاف: "لقد مكروا بنا وبالجنوب وبشعبنا الطيب الكريم . ولقد غدروا بنا وتفننوا في الغدر.. وكادوا بنا .. وأحسنوا الكيد .. وتآمروا علينا .. وأجادوا التآمر، ولكن الكيد والمكر والتآمر والغدر ارتد الى نحورهم أجمعين". وتابع: "ها نحن اليوم نتابع كيف محق الله أفعالهم واشغلهم بأنفسهم .. وها نحن اليوم نراقب ونتابع اعترافاتهم المتتالية غير المنتهية ضد بعضهم البعض بجميع جرائمهم البشعة التي ارتكبوها جميعا في حق وطننا وشعبنا، ويأبى الله عز وجل الا ان يفضحهم بألسنتهم وبأفواههم ليقدموا للعالم اعترافاتهم البشعة الموثقة بحجم الانتهاكات والجرائم الخسيسة وبالكيفية التي تآمروا بها على الجنوب ودولته وشعبه".