في كلمته الافتتاحية لأعمال الدورة التاسعة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، تطرق المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، إلى ما تشهده دول العالم من انتهاكات، منها العديد من الدول العربية مثل سوريا ومصر والعراقوالبحرينواليمن، مشددا على ضرورة وقف الهجمات المميتة على المناطق السكانية الكثيفة ورفع الحصار الذي تفرضه دول التحالف العسكري السعودي ضد اليمن. أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين عن القلق البالغ إزاء العدد الكبير من الضحايا المدنيين في اليمن، حيث تلقى مكتبه معلومات تشير إلى وقوع الهجمات العشوائية وغير المتناسبة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وقال: "هناك الآن أكثر من عشرين مليون شخص في حاجة إلى المساعدة، وقد وصف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن الوضع بالكارثي. من الضروري ضمان الوصول الآمن للوكالات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من قبل جميع الأطراف، ويجب رفع الحصار المفروض على واردات الغذاء والدواء والوقود على الفور." وبالنسبة لمصر قال المفوض السامي لحقوق الإنسان إن الوقت قد حان لوقف استخدام عقوبة الإعدام، معربا في نفس الوقت عن القلق إزاء المحاكمات الجماعية الخاطفة دون ضمانات إجرائية كافية في فرض عقوبة الإعدام على مئات الأشخاص في مصر منذ مارس آذار 2014: "تلقينا أيضا تقارير عن التعذيب في مراكز التحقيق، وأحث السلطات على إجراء تحقيق شامل في هذه الادعاءات، مع اتخاذ الإجراءات المناسبة. ينبغي على الحكومة وضع حد لممارسة الاعتقالات الجماعية والمحاكمات الجماعية، وإطلاق سراح جميع أولئك الذين يتم احتجازهم حاليا لأسباب ترتبط بالاحتجاج السلمي." وفي ليببا، لا تزال الجماعات المسلحة تنخرط في اشتباكات عنيفة باستخدام الأسلحة الثقيلة والقصف العشوائي للأحياء السكنية وكذلك الهجمات على المواقع المحمية، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، وفقا لما جاء في كلمة المفوض السامي : " تم اختطاف أعداد كبيرة من المدنيين وتعذيبهم من قبل جميع الأطراف بسبب أصلهم العرقي أو الديني، والآراء والروابط الأسرية أو الانتماء السياسي، وقد مات الكثير منهم في الحبس، وربما أعدموا أو عذبوا حتى الموت. إن ممارسات احتجاز المهاجرين وطالبي اللجوء، واللاجئين واسعة الانتشار، وتنطوي على انتهاكات متعددة لحقوقهم. أنا قلق جدا بشأن الوضع الكارثي، وكذلك إزاء وضع الفئات الضعيفة الأخرى، بما في ذلك المعتقلون والمشردون داخليا. " وأشار المفوض السامي إلى أن مجلس حقوق الإنسان قام بإيفاد فريق تحقيق بهذا الشأن، ليقدم تقريرا عن نتائج عمله في مارس آذار المقبل. يعاني عشرات المعتقلين من التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك في سجن "جو"، وفقا للمفوض السامي لحقوق الإنسان في كلمته التي خصص فيها جزءا عن البحرين، داعيا إلى إجراء حوار حقيقي بين الحكومة والمعارضة: "أحث على إجراء تحقيق فوري في هذه الادعاءات. ينبغي الإفراج عن جميع المحتجزين بسبب أنشطتهم السلمية. الطريق إلى الأمام لضمان السلام والاستقرار والازدهار لجميع البحرينيين، يكون من خلال حوار حقيقي بين الحكومة والمعارضة، دون شروط مسبقة." كما أعرب المفوض السامي عن القلق البالغ إزاء التدهور المستمر لحقوق الإنسان في العراق، حيث تواصل المجموعة التكفيرية "داعش"، ارتكاب أحقر الانتهاكات بحق الشعب العراقي في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، خاصة ضد النساء والأطفال والأقليات، مضيفة إلى هذه الجرائم التدمير المتعمد للآثار. ورحب المفوض السامي بالتزامات الحكومة العراقية بمحاسبة كل الذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك، ما يسمى بداعش، وقال: " إن مواجهة التطرف والتصدي للعنف الطائفي يتطلب أكثر من العمل العسكري. نحن على استعداد لمساعدة الحكومة في تعزيز سيادة القانون والحكم الرشيد، وزيادة المساءلة، وتشجيع المصالحة المجتمعية، وضمان احترام حقوق الأقليات والمرأة." وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، قال المفوض السامي إن الصراع في سوريا هو أكثر الأزمات الإنسانية المذهلة في عصرنا: "أصبحت البلاد بأسرها منطقة حرب. يعيش ثلاثة من أصل أربعة سوريين الآن في فقر. نصف الأطفال في سن الدراسة محرومون من التعليم أو التغذية الكافية والدفء. اسمحوا لي أن أقتبس من أحدهم الذي يعيش في حلب وعمره خمسة عشر عاما: "نحن نعيش في فيلم رعب، في ظل الهجمات والتعذيب والاغتيالات وعمليات الخطف، والحصار، واللاجئين، والانفجارات والصواريخ والقناصة، وأخيرا التدمير فوق المنزل، وعلى الطرق ... الشيء الأكثر رهبة هو عدم وجود جرافات لتنظيف الأنقاض: الناس يموتون تحت الأنقاض ولا أحد ينقذهم. " وحث المفوض السامي ممثلي العديد من الدول ذات النفوذ في المنطقة، بما في ذلك القوى الإقليمية والعالمية، على استخدام هذا النفوذ، وتشجيع مزيد من الخيارات البناءة من قبل جميع الجهات الفاعلة.