إن ما تشهده مدينة تريم في حضرموت من أعمال قمع وتنكيل، تُمارسها عناصر وأفراد ينتمون للمنطقة العسكرية الأولى، يعيد إلى الأذهان مشاهد الاستباحة والانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان. هؤلاء ليسوا مجرد عناصر خارجة عن القانون، بل ينتمون إلى تشكيلات عسكرية ذات (...)
تمرّ المجتمعات في لحظات التحول السياسي بمرحلة حساسة يتشابك فيها الطموح بالإصلاح مع تعقيدات الواقع وتراكمات الماضي، ويبدو هذا المشهد أكثر وضوحًا في الجنوب، حيث يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي لترسيخ بنيته التنظيمية وتفعيل مؤسساته وهيئاته في ظل واقع (...)
في زمنٍ تُسطى فيه الهويات وتُختطف فيه الرموز، نجد أنفسنا اليوم أمام محاولة جديدة لتزوير الوعي الجمعي، والسطو على الهوية العدنية الأصيلة من قِبل كيانات دخيلة تجهل جوهر عدن وتاريخها، وآخرها ما يُسمى ب"شبكة حفيدات بلقيس" التي تسوّق لنفسها عبر مشاريع (...)
صرنا نعيش في عالم يُدار عن بُعد.
كل شيء تقريبًا غادر مقعده الطبيعي، واتخذ له مكانًا في شاشة، أو على طاولة افتراضية، أو في مساحة لا مرئية تُدعى "المنصة"، "التطبيق"، أو "اللينك".
الاجتماعات لم تعد تُعقد في غرفٍ ذات نوافذ، ولا على طاولاتٍ خشبيةٍ (...)
في مثل هذا اليوم 7-7 من العام 1994م، لم تكن عدن تحتفل بوحدة شعبين، بل كانت تئنّ تحت وطأة اجتياح دموي حوّل مشروع "الوحدة اليمنية" من حلم إلى كابوس، ومن شراكة إلى غلبة، ومن عهدٍ مكتوب إلى استباحة مكتملة الأركان.
ففي 27 أبريل من ذلك العام، اعتلى علي (...)
كل حديثٍ عن حضرموت خارج فضائها الجنوبي هو اجتزاءٌ للتاريخ وطمسٌ للذاكرة، فالحضارمة الذين استقرّوا في المملكة العربيّة السعوديّة منذ مطالع القرن العشرين منحوا نهضة المملكة عرقهم وخبراتهم، لكنّهم حملوا معهم أيضًا بذور «الهوية الجنوبية» أينما حلّوا: (...)
ليس كل من أقام في المملكة العربية السعودية من أبناء حضرموت قد فقد بوصلته، بل إن الكثير منهم ظل حاملًا لروحه الجنوبية الأصيلة، ممتنًا لأرض احتضنته، وفيًا لأرضٍ أنجبته.
لكن الملفت أن البعض، بقصد أو عن جهل، يحاول إعادة صياغة حضرموت وكأنها كيان معزول لا (...)
16 يونيو، تاريخ لا يُقرأ في ذاكرة عدن والجنوب دون أن يُرفق باسمٍ محفور في ضمير الصحافة الحرة: هشام باشراحيل. تمرّ علينا اليوم ذكرى رحيله، لا كحدث عابر في صفحة نعي، بل كصفعة مدوية في وجه القمع، ورسالة أبدية عن قوة الكلمة حين تُقال بصدق، في زمنٍ كانت (...)
في الوقت الذي كنّا، نحن أبناء الجنوب، ننادي – بصوت مرتفع وبمطالبات حثيثة – بضرورة انتقال مكاتب المنظمات الدولية العاملة في اليمن من صنعاء إلى العاصمة الجنوبية عدن، وإعادة الاعتبار لمكانة عدن كعاصمة سياسية وقانونية وإدارية، كان الهدف أسمى من مجرد (...)
في كل زاوية من زوايا عدن، مبنى يحكي حكاية، ومَعلم ينطق بتاريخ، ومنشأة تنبض بذاكرة شعب.
لكن اليوم، هذه المراكز والمعالم والمنشآت التاريخية، بما فيها من قصور ومدارس ومساجد ومراكز بريد وسكة حديدية كانت تروى ، والمباني ذات الطابع التراثي والإداري (...)
بالأمس مرّت 186 سنة على تأسيس بريد عدن... ولمن لا يعرف: لم يكن مجرد مبنى يحمل طابعًا بريديًا، بل كان شاهدًا على أول مظاهر الحداثة الإدارية في الجنوب، ومركزًا حيويًا للتواصل البحري والدولي، قبل أن يُعاد توظيفه لاحقًا كمقر للمحكمة العليا، وقبله كان (...)
رأي شخصي وتضامن إنساني ومهني
قرأت كما قرأ كثيرون خبرًا متداولًا يتضمن صورة الزميلة المحامية والأخت العزيزة عفراء خالد حريري، التي قيل إنها شاركت في فعالية نسائية مدنية سلمية. وبصفتي زميلًا في المهنة، أجد من واجبي الإشارة إلى أن الأستاذة عفراء من (...)
رُميتُ ببصري في أرجاء عدن، فرأيت مدينةً تُختزل، وتُختنق، ويُراد لها أن تُدار بمنشور لا يُشبهها...
عدن التي أنجبت أول مدرسة، وأول صحيفة، وأول قانون، تُختزل اليوم في مقولة جاهلة: "عدن هنود وصومال"...
يا لسخرية القدر!
عدن ليست محطة لوافدين، بل مصنع (...)
(مقدمة):
لا يمكن الحديث عن تاريخ عدن وهويتها الأصيلة دون الوقوف بإجلال أمام البيوت العدنية المؤسسة، التي شكلت نسيج المجتمع، وحملت على عاتقها عبء الريادة في التجارة، الصحافة، الثقافة، والنضال الوطني. غير أن بعض المحاولات البحثية الحديثة انزلقت إلى (...)
في مقاله المعنون ب «هانوي؟» والمنشور في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 5 يونيو 2025، كتب الصحافي والكاتب اللبناني الكبير سمير عطا الله:
(هانوي من المدن التي لا تموت... لا تحتاج إلى كثير من الشعر، بل إلى قليل من الخجل ممن خانها، وكثير من الوفاء ممن (...)
إلى إخوتنا الشباميين وأبناء حضرموت الأوفياء،
نقف إجلالًا واحترامًا أمام عبق تاريخٍ ضاربٍ بجذوره في طين شبام العريق،
ذلك الطين الذي علّمتنا مبانيه الشاهقة أن الرفعة لا تكون بالحجارة فقط، بل بالإنسان، وبالأخلاق، وبالحفاظ على الهوية.
شبامُكم رفعةٌ في (...)
السؤال الذي لم يغادر أذهاننا، نحن أبناء الجنوب، وخصوصًا في عدن، هو سؤالٌ بسيط لكنه بالغ الدلالة والمرارة: هل لا يزال باستطاعة الجنوبي أن يكون حاكمًا لجنوبه؟ نعم، أريده حاكمًا. أريده سيّدًا في أرضه، لا تابعًا ولا موظفًا ضمن أجندة مشاريع الآخرين، ولا (...)
في المجتمعات السوية، يكون الأمن هو الأساس. لا استقرار دون أمن، ولا تنمية ولا تعليم ولا اقتصاد ولا عدالة تُبنى فوق أرض ترتجف بالخوف أو تنام على القلق. فالأمن ليس مجرد وجود رجال يحملون السلاح، بل هو شعور داخلي يغمر الإنسان حين يدرك أنه محمي في بيته، (...)
رغم اختلاف السياقات الجغرافية والسياسية بين عدن ورواندا، إلا أن المعركة ضد الفساد المالي والإداري تبقى قاسمًا مشتركًا، يشطر طريق الشعوب إلى اتجاهين: نهوض أو سقوط. ففي حين نجحت رواندا، الدولة الصغيرة الخارجة من مذابح أهلية مروّعة، في بناء نموذج عالمي (...)
في اللحظة التي يتحول فيها اللجوء السياسي إلى الداخل، يتغير كل شيء، تتبدّل زوايا النظر، تُعاد قراءة المشهد من جديد، وتبدأ رحلة مختلفة تمامًا عن تلك التي تبدأ من المطارات والنوافذ المغلقة. الداخل رغم هشاشته أحيانًا يصبح الخيار الأقوى، والملاذ الأصدق، (...)
بين مفهومي "استعادة الدولة" و"فسخ العقد" تتقاطع السياسة بالقانون، ويلتقي التاريخ بالواقع، في لحظة فارقة من عمر الشعوب الباحثة عن تقرير مصيرها وإعادة رسم خارطتها السياسية.
إن مصطلح استعادة الدولة لا يُعد شعارًا عاطفيًا ولا مزايدة سياسية، بل هو تعبير (...)
أقول أن :(الكلمةُ عهد، وشرفها في صدقها، لا في قهرها) .
ليس من المقبول أن نلزم أنفسنا بمواثيق والتزامات، ثم نحاول لاحقاً فرضها على الآخرين، لمجرد أنهم عبّروا عن رأي لا يتطابق مع ما نريد أو نقول. إن حرية التعبير ليست امتيازاً نمنحه وننزعه وفق الأهواء، (...)
"جنوبيون في المشهد.. شماليون في السلطة" ليست مجرد عبارة عابرة، بل تلخيص دقيق لمفارقة مريرة يراها الجنوبيون يوميًا ويتجرعون آثارها منذ عقود. إنها الصيغة التي تلخص معادلة الاختلال السياسي في اليمن منذ وحدة 1990 وحتى اللحظة، وإنْ اختلفت الوجوه وتعددت (...)
عندما غنّى أبو بكر سالم: "يدوب مرت علي 24 ساعة..."
لم يكن يقصد الكهرباء... كان يقصد شوق الحبيب، ولهفة اللقاء، وصفاء ذلك الزمن الذي كانت فيه "ال24 ساعة" تمر خفيفة، نقية، مليئة بالحياة والطمأنينة.
أما اليوم، فيا أبا أصيل... نعم، لدينا "كهرباء 24 (...)
تعد القضية الجنوبية واحدة من أبرز القضايا السياسية في المنطقة، التي تتطلب منا النظر إليها من زاوية أوسع من مجرد الحقوق السياسية والمطالب السيادية.
إنها قضية تتطلب الوعي الأخلاقي والتوجيه السليم الذي يعزز قوتها ويقوي موقفها في المحافل الدولية.
وكما (...)