حين تبلغ مجزرة كصبرا وشاتيلا الخامسة والثلاثين من عمرها، فهي ما تزال في عنفوانها؛ لأنها كما سماها محمود درويش فضيحة عصرنا حتى الابد .
المجازر لا تشيخ ولا يطويها النسيان؛ لأن لكل ضحية من ضحاياها سلالة لا تتوقف، فهي وشم في الذاكرة وجرح لا يندمل في (...)
اذا صحّ ما نشر مؤخرا من احصاءات حول حصة العربي من القراءة في السنة وهي ست ساعات فقط، مقابل مئتي ساعة للاوروبي فإن اول ما يخطر بالبال هو ان تلك الساعات الست وهي بمعدل نصف ساعة في الشهر لا تكفي حتى لقراءة فواتير الكهرباء والماء والهواتف ،
وقد يتفاءل (...)
قبل نصف قرن وبعد ان اصبح التعليم مجانيا بفضل طه حسين الذي قال ان حق الناس في التعليم كحقهم في الماء والهواء كانت الاسرة التي لا ترسل ابنها الى المدرسة تدفع غرامة لكن العرب الذين لم يتقدموا في هذا الزمن الا في العمر اصبحوا يدفعون ثمن الماء والهواء، (...)
ما اكثر الكلام في هذه الايام عن حقوق الانسان، وان كان ما يقال هو احيانا حق يراد به جملة من الاباطيل وليس باطلا واحدا، فهل يحق لنا في هذا الزحام ان نقول شيئا عن عقوق الانسان وليس فقط بالمعنى التقليدي الذي يختزل العقوق في العلاقة السلبية مع الوالدين، (...)
هذه المرة ليست منظمة العفو الدولية أو المؤسسات التابعة للأمم المتحدة هي ما افتضحت آخر الأساليب الإسرائيلية في إعاقة الفلسطيني وقتله مع الإبقاء عليه حيّا .
ما افتضح هذا هو هارتس وبالعربية الفصحى، حين قالت قبل ايام ان الجنود الاسرائيليين يتعمدون اطلاق (...)
المناظرة بمعناها الدقيق ليست مبارزة دونكيشوتية بسيف من خشب او كلام، وليست صراع ديكة او مصارعة حُرّة، انها مواجهة ومكاشفة غالبا ما تكون بين انداد ، وهي ليست حكرا على قادة احزاب او مرشحين للرئاسة، فهي اختبار ميداني لكل الادعاءات والمزاعم لهذا غالبا ما (...)
تداولت الميديا مصطلح الدولة الفاشلة خلال العقدين الماضيين على نحو واسع، وقد يكون تعريف تشومسكي للدولة الفاشلة في الكتاب الذي اصدره قبل عشرة اعوام هو الأدق من تعريفات سياسية تلعب الرّغائب والنوايا فيها دورا يضاعف من الالتباس !
ومقابل ذلك العدد الكبير (...)
لو يتكرم احد الفقهاء الضالعين في علم الجمال بابلاغنا عن مقاييس الجمال في اسرائيل، خصوصا حين تتعلق بفتاة عربية، هل هو الطول والخصر والحوض والسّاقان ام شيء آخر تماما لا علاقة له بالجسد، والتقليد الذي اصبح موسميا في اسرائيل حول ما يسمى ملكة جمال العرب (...)
أحيانا يحدث للمجتمعات ما يحدث للأفراد عندما يصابون بداء عُضال ويعودون من عيادات الاطباء بخفي حنين، عندئذ يلوذون بالخرافة لأنهم يعتقدون ان الطب بمعناه العلمي الدقيق اخفق في شفائهم، والمجتمع الذي لا يجد من نخبته وطليعته من يقنعه بالأمل في الشفاء (...)
بقدر ما ينتسب اليمن الذي كان سعيداً ذات يوم إلى العرب، فإن العرب ينتسبون إليه جذراً تاريخياً وحضارياً، مما يجزم بأن سقوطه يتجاوز الحدث الواقعي إلى ما هو رمزي ووجداني .
لهذا كانت الساعة السابعة بتوقيت واشنطن، الثانية عشرة بتوقيت هذه المنطقة، وقبيل (...)
علّق صحفي عربي خلال الحرب الأهلية في لبنان على ما يسمى التصنيف الأيديولوجي السّريع قائلا : هناك من يحكمون عليك من خلال آخر مشهد سواء كان في مقهى او بصحبة صديق على الرصيف، في تلك الأيام صُنّفت حتى المقاهي بين يسار ويمين ووسط وكذلك دور النشر واحيانا (...)
كان ادوارد سعيد أول من قرع الجرس لتنبيه العرب إلى أن هناك في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها مئات مراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية والتي تستعين بعلوم النفس والاجتماع والانثروبولوجيا تضعهم تحت المجهر وتقدم التقارير للبنتاغون والمخابرات المركزية (...)
حين أراد خبير البنك الدولي السابق هانكوك التعبير عن أحدث اختراع أولي لبطالة مقنعة وسخية الأجر لم يجد أفضل من عبارات لتشوسر في حكايات كنتربري الشهيرة، هي أن شهرته وهندامه ومنصبه العالي والمال الوفير الذي يحصل عليه جعلته في مظهره الخارجي الأكثر (...)
عندما يصحو المرء مذعوراً ويكاد قلبه أن يتوقف من كابوس سرعان ما يهدأ ويحمد الله على أن ما رآه في المنام ليس واقعاً، لكن هذا الكابوس المتواصل ليلاً ونهاراً وصيفاً وشتاءً في العالم العربي المنكوب بأعدائه وأهله على السواء، لا رجاء في الانعتاق منه، لأنه (...)
أفق آخر..
يروى عن مريض مصاب بحالة إنكار لوضعه الصحي، أنه كان يقدم الهدايا لطبيبه كي يخفي عنه حقيقة مرضه، وبالتالي يقدم له وصفات علاجية بسيطة لا علاقة لها بالمرض، مما ضاعف منه حتى تفاقم وأودى به .
لو صحت هذه الرواية فإن المريض الفعلي هو الطبيب الذي (...)
مَنْ قالوا ذات يوم باستهجان أن اليمن يمنان، لم يخطر ببالهم أن ما سيؤول إليه اليمن السعيد هو هذه الأقلمة التي تشطره إلى ستة أقاليم، بحيث يصبح اليمن اتحاداً فيدرالياً، يقدم نموذجاً يمكن القياس عليه ضمن المرحلة الثانية من سايكس بيكو، وبعد تسعة وتسعين (...)
مَنْ قالوا ذات يوم باستهجان أن اليمن يمنان، لم يخطر ببالهم أن ما سيؤول إليه اليمن السعيد هو هذه الأقلمة التي تشطره إلى ستة أقاليم، بحيث يصبح اليمن اتحاداً فيدرالياً، يقدم نموذجاً يمكن القياس عليه ضمن المرحلة الثانية من سايكس بيكو، وبعد تسعة وتسعين (...)
ما كان لشرارة البوعزيزي التونسية أن تُشعل كل هذه الحرائق داخل تونس وخارجها لولا أمرين، أولهما أنها عابرة للحدود في بعديها التاريخي والرمزي، وثانيهما الهشيم الذي اشتعلت فيه النيران، بعد أن أتى الاستبداد على الأخضر كُله .
وإن كانت مصر وتونس قد (...)
ما يحدث في مصر الآن ليس الطبعة الأولى أو الأخيرة، من أدبيات سياسية تهيمن على ثقافتنا العربية منذ تصورنا أن الفرقة الناجية الوحيدة حصتها الجنة مقابل سبعين نصيبها النار، انه منطق الاحتكار الذي يَحولُ حتماً دون أي تداول سلمي للسلطة، وهو المنطق الذي (...)
ليس المطلوب من أية فضائية أن تكون زرقاء اليمامة كي ترى عن بعد أغصاناً تمشي وتكتشف أنها تخبئ غزاة، بالمقابل ليس من شأن الفضائية أن تتحول من خلال التلفزيون إلى حصان طروادة، انها في النهاية منبر إعلامي وإعلاني معاً، تنقل الواقع كما هو من خلال الكاميرات (...)
لا نظن أن العربي المعاصر كائن استثنائي من حيث القدرة على حرق المراحل والتي تتيح له القفز برشاقة من الروضة او المدرسة الابتدائية الى اعداد أطروحة دكتوراة، وهذا ليس طعناً بامكانات أو استجابة لتصور استشراقي.
فالعربي كسائر العباد، يولد محاصراً بشروط (...)
اذا كان هناك مفاضلة – بل مراذلة – بين تكسير عظام طفل بحجر أوالقائه من سطح عمارة بحيث تتحطم جمجمته امام أمه فان الجريمتين رغم كونهما من سلالة واحدة تبقى الاولى اهون من الثانية، لانها اولا بيد جندي محتل، تربى على الكراهية ورضع حليب الثأر اما الثانية (...)
ما من بلد في العالم نال من أناشيد العشق والغزل بمائه وترابه ورمله كما نالت مصر عبر العصور من شعرائها، وخطبائها السياسيين، لكن كل هذا الكلام هو الآن على المحك، فلا يكفي لانسان أن يعلن حبه لشيء ما لأن ذلك ميسوراً للجميع وليس ذا تكلفة تذكر، سواء كان (...)
نادرا ما يرد اسم هذا الحليف.
سواء بالنسبة لحزب يفوز بالسلطة او لايديولوجيا تحاول احتكار التاريخ وليس الحقائق فقط.
ومن يظفر بأهم التحالفات في عصره ولا يظفر بهذا الحليف يكون عمره اقصر مما يتخيل، هذا الحليف باختصار هو المستقبل.
وضربت اسرائيل مثلا في (...)
هذه السايكولوجيا تحكمنا في السياسة والتجارة والصناعة والسياحة وقبل كل هذا في الثقافة، وهي باختصار فقدان الاستراتيجية، والحياة كالمتسولين الذين لا يفكرون بما هو ابعد من الوجبة القادمة، انها تتأسس على الكسب الفوري والسريع حتى لو ترتب على ذلك فقدان (...)