المواجهات العنيفة التي تشهدها محافظة صعدة اليمنية بين الجيش واتباع حركة الحوثي، إضافة إلى التوتر المستمر في محافظات الجنوب بين السلطات وقوى الحراك الجنوبي، تشير إلى أن التصعيد الأمني في البلاد قد دخل منعطفا جديدا وخطيرا في آن واحد، ظل الحادبون على مصلحة الوطن يحذرون منه منذ وقت طويل. لقد مرت الدولة اليمنية بأحداث جسام خلال السنوات الماضية استهدفت زعزعة أركان الوحدة، إلا أن التحديات بلغت ذروتها خلال الأشهر الماضية مع تجدد المواجهات مع المتظاهرين في جنوب البلاد، بجانب المعركة التي تخوضها السلطات اليمنية مع عناصر تنظيم القاعدة الذي يسعى لجعل اليمن نقطة انطلاق لتنفيذ عملياته الإرهابية في المنطقة. إن استقرار اليمن أمر حيوي للأمن الإقليمي في البحر الأحمر والجزيرة العربية والقرن الإفريقي على حد سواء. ومحاولات الاستهداف التي تعرض ويتعرض لها اليمن تستدعي وقفة تأمل لسبر أغوارها ومن ثم إيجاد حلول جذرية وطويلة الأمد لها، إذ إن الحلول الجزئية والإسعافات المستعجلة لم تؤد إلا إلى تراكم المشكلات واستفحالها حتى وصلت مرحلة الانفجارات التي نراها ماثلة الآن في المشهد الكلي للأحداث التي تعصف بالبلاد. ليس هنالك شك في أن البلاد مثقلة الآن بأسباب التوتر ولا تحتاج لمزيد من العنف والتمرد ودعاوى التشطير. وعليه فإن المرحلة الحالية التي يعيشها اليمن تتطلب عملا جادا ومخلصا لتعزيز روابط الوحدة الوطنية التي يجب أن تبقى ملكاً لكل اليمنيين، لأنهم شعب واحد. كما يجب التأكيد على السلطة الحاكمة أن تستمع للطرف الآخر في جانب المعارضة وأخذ آرائه على محمل الجد، لأن من شأن ذلك أن يحدث قدرا مهماً من التوازن المطلوب الذي تفتقده العلاقة بين المركز والهامش حاليا. ومهما تباينت الرؤى بين أبناء الوطن، فإنها تظل مشروعة طالما كانت في الإطار السلمي ولم تصل بعد إلى المواجهة العسكرية. كما أن المطلوب أيضا السعي بكل جدية لاستكمال تطوير النظام السياسي وحشد الطاقات لصالح البناء والتنمية، ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة، وتحقيق التنمية المتوازنة خاصة في المحافظات الفقيرة. افتتاحية يوم السبت 15 أغسطس 2009