اعتبر الرئيس السوري بشار الاسد ان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري هو الشخص المناسب جدا لهذه المرحلة الصعبة في لبنان ، مؤكدا عدم وجود خلافات معه. واكد الاسد ، في حوار مع صحيفة "الحياة" اللندنية نشرت الجزء الأول منه في عددها الصادر اليوم الثلاثاء ان سوريا لم تغلق ابوابها في وجه الحريري ، لافتا الى انه لاتوجد مشكلة الان بينه وبين الرئيس الحريري ولا يوجد نوع من الجفاء، لكنني اعتقد بان المشكلة انهم ربما توقعوا في لبنان ان سوريا ستتدخل في كل مشكلة كي تدخل في التفاصيل. وتابع الاسد قائلا "انا كنت واضحا مع كل من التقيتهم في لبنان بمن فيهم الرئيس الحريري باننا نحن في سوريا ليست لدينا رغبة في الدخول في التفاصيل اللبنانية، وبخاصة عندما نرى ان لا رغبة لبنانية في الحل، هذا من جانب ومن الجانب الآخر لا شك في ان سوريا اتهمت كثيرا بموضوع التدخل في لبنان فعندما يتفق اللبنانيون على دور سوري نحن جاهزون من جانب اخر وهو الاهم نحن لا نريد التدخل الا اذا كان هناك حل كبير".
وقال الرئيس الاسد "نحن فعلا لم نبتعد لكن تطور الاحداث في لبنان أظهر أننا ابتعدنا، لأننا لا نريد الدخول في التفاصيل ولكن لا توجد مشكلة بيني وبين الرئيس الحريري".
واعلنت سوريا مرارا عدم رغبتها بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية وانها مع كل قضية يتفق حولها اللبنانيين.
وبسؤاله هل يقلقك اذا صدر في الاعلام ان الحريري استقال ، قال الاسد: " لا اريد ان اضع نفسي مكان اللبنانيين في هذه النقطة سأحاول ان اكون دقيقا، لكننا نعتقد بان سعد الحريري قادر على تجاوز الوضع الحالي في الازمة الحالية هو قادر على مساعدة لبنان نعتقد بانه شخص قادر انا اعتقد بانه الآن الشخص المناسب جدا لهذه المرحلة الصعبة".
وعن القرار الظني الخاص بمحكمة الحريري اكد الاسد انه " لا توجد لدينا اية معلومات جدية او فعلية في هذا الموضوع كله عبارة عن حديث اعلامي او ربما اذا لم يكن اعلاميا فهو حديث في الاوساط السياسية او الاوساط المهتمة ولكن لا توجد لدينا اية مؤشرات ليست لدينا كسوريا علاقة مباشرة مع المحكمة اذا لا يمكن الاجابة عن هذه النقطة بالذات". وصف الأسد علاقته برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بانها "جيدة" قائلا "هناك وضوح وشفافية ، ورجع وليد الذي كنا نعرفه منذ زمن".
وبسؤاله هل العلاقة السورية المصرية على المستوى الرئاسي تعاني حساسية شخصية، قال الأسد " بالنسبة إليّ انا لم اطلب شيئا من مصر، لا اريد شيئا من مصر اذا كنا نختلف سياسيا، فهذا ليس جديدا نحن في الاساس وقفنا مثلا ضد كامب ديفيد ولم نغير موقفنا في اي لحظة فنحن في سوريا نقول لنفصل العلاقة الشخصية اولا عن علاقة البلدين لنفصل العلاقة السياسية عن العلاقة الاقتصادية وكان لدينا وزراء سوريون في مصر اخيرا وسيزورنا الان وفد مصري ونعمل لانعقاد اللجنة المشتركة اما على المستوى السياسي فهناك اختلاف كبير في الآراء بالنسبة الينا في سوريا ليس مشكلة ربما يكون لدى بعض المسؤولين في مصر مشكلة ولا استطيع ان اعطي الاجابة نيابة عنهم".
وعن انتظاره لدعوة رسمية من مصر لزيارتها ، قال الاسد: "طبعا نحتاج الى دعوة لان هناك انقطاعا في العلاقات انا لم استقبل مسؤولا مصريا منذ نحو خمس سنوات كما اظن فاطلاق العلاقة بحاجة الى بعض المبادرات احيانا قد تبدو شكلية لكنها ضرورية في العلاقات السياسية والديبلوماسية".
وعن توفير جهود سعودية لتحسين العلاقات السورية - المصرية قال الاسد: "كانت هناك محاولة واضحة عندما التقينا في القمة الرباعية مع امير الكويت والرئيس المصري حسني مبارك والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض، بعدها لم تكن هناك اية محاولة اخرى".
وفيما يخص العراق اعرب الاسد عن امله بوجود حكومة عراقية قريبا, لافتا الى ان كل فراغ اليوم سيكون ثمنه اكبر مع الوقت, برئاسة نوري المالكي او غيره".
وفي سؤال له حول رأيه في الدور الإيراني في العراق رغم التشديد على عروبة العراق، قال "لا نستطيع أن نطلب من إيران أن تكون دولة عربية، هي دولة لها قوميتها، علينا أن نحترم قوميتها، وهي تحترم قوميتنا. هذه هي علاقة سورية مع إيران. هل تجاوزت إيران قومية سورية؟ نحن نُتَّهم بأننا نبالغ في التمسك بالقومية... ودائماً علاقتنا جيدة بإيران، ولو كانت هناك مشكلة لإيران مع العروبة، لكانت هناك مشكلة بين سوريا وإيران".
واضاف "المشكلة في العراق بالنسبة الى موضوع العروبة هي غياب الدور العربي، هذه هي المشكلة الأولى. إذا أردت أن أنتقد، أنتقد إيران أو تركيا، أستطيع أن أنتقد أيا كان، ربما أنتقد نفسي في هذه الحالة، الأخطاء موجودة دائماً في أي أداء. لكنني لا أستطيع أن أتحدث عن أي دور قبل أن ننتقل إلى الدور العربي نفسه".
ونفي الرئيس السوري وجود تطابق بين دمشق وطهران في العراق ، قائلا "ولو كان هناك تطابق لما التقينا في شكل متكرر أنا والمسؤولون الإيرانيون في قمتين خلال فترة قصيرة".
وحول وجهة النظر السورية والإيرانية حول الوضع في لبنان ، قال الأسد "لا نستطيع أن نقارن، فالعلاقة الجغرافية بين سوريا ولبنان ليست كالعلاقة الجغرافية بين العراق وإيران، الوضع يختلف. في لبنان لا تدخل إيران في التفاصيل بل في العموميات، فهي مثلا يهمها دور المقاومة، وهذا هو موقف سوريا، وفي هذا الإطار نستطيع أن نقول نعم هناك تطابق. بالنسبة الى ما نطرحه عن ضرورة أن تكون العلاقة جيدة بين القوى اللبنانية، والحوار اللبناني والاستقرار اللبناني، بالنسبة الى هذه المصطلحات هناك تطابق، لكن الفرق أن سوريا تعرف التفاصيل اللبنانية أكثر من إيران في السنوات والعقود التي مرت. فلا نستطيع أن نقارن".
واستطرد قائلا " أنا كعربي عندما شاهدت الرئيس محمود أحمدي نجاد في لبنان وفي جنوبه، خالجني شعور وكأن الشرق الأوسط الجديد يقوم، وهو مناقض للشرق الأوسط الذي اقترحته كوندوليزا رايس. أي شرق أوسط بدور إيراني كبير دور تركي يحاول أن يعدل بعض حجم الدور الإيراني والعنصر العربي فيه ضعيف، ويكاد أن يقتصر على المشاركة السورية بعلاقتها مع إيران هل الضعف العربي هو من ملامح الشرق الأوسط الجديد؟" وأكد الرئيس السوري أن الحوار مع كلا من إيران وتركيا "سهل جدا" ، "لأننا نفكر بالمنطق ذاته على رغم اختلاف الزوايا الجغرافية، وإلا كيف تمكنت سوريا من بناء علاقة جيدة، بل ممتازة، مع تركيا خلال سنوات قليلة، وممتازة مع إيران أيضا، موجودة في الأساس" . وفسر الأسد وجود علاقات بين دمشق وطهران وانقرة ، فيما العلاقات مع القاهرة متوترة بالقول "العلاقة العربية - العربية كما يبدو أكثر صعوبة من العلاقة العربية مع غير العرب ، ونحن نقر بذلك".