إنسان هذه البلاد جبار ويعوزه دائما القائد الذي يوجه طاقاته الوفيرة باتجاه الحياة.. وهذا اليمني المبندق وراء الشيخ أو وراء السيد وأصبح على الدوام عائقا أمام الانتقال إلى العصر؛ هو في حقيقة الأمر اليس وحشا ضاراً؛ ولا هو "بعبع"بلا رباط ؛ ولا هو همجي بطبيعته ولا هو قاطع طريق ولا هو مولعي قتل كما هو في نظر العامة ..بل هو - وبكل بساطة - إنسان مليء بالطاقات وبالقدرات ويمكن تحويله وببساطة إلى صانع حياة متى ما وجد كبيرا يدفعه إلى الاتجاه الصحيح. هذا القبيلي اللي يعصد الدنيا عصيد في داخله إنسان سمح وحلو ولكنه- وبسبب غياب المشروع الوطني الكبير والحاضن لتلك الطاقات وقع ضحية في يد الشيخ والسيد ؛ وكلاهما أحالوه إلى قوة مؤذية ؛ وبدلا من أن يقترب الناس منهم ومن نفسياتهم الطيبة والبسيطة؛ تجد النخب تتعامل معهم بتعال وتسمع وضاعات تصفهم بكونهم "مبردقين" ومشعثين " وملابسهم متسخة وما عد ناقص إلا يطالبوهم باقتناء زجاجة عطر " دافنشي " وإلا مش هم أوادم!! يامثقف ويامحترم؛ قبل أن تعبر عن تذمرك من تصرفات ذولا الجن ؛ تعلّم أولاً كيف تحبهم كأناس من طينتك ومن شعبك؛ ومافيش محترم يعاير أهله وناسه بأنهم "مبردقين" وبأنهم مش ممشطين شعورهم ! هذا التذمر الوضيع لأبرياء تخلت الدولة عنهم وتخلى المثقفون عنهم وتخلت وسائل العصر عنهم ، لا يقوم اعوجاجاً ولا يصلح نفسيات ولا يحل مشكلة قدرما يضاعفها، ويكفي الشيخ أو السيد الذي بسط نفوذه عليهم أن يخبرهم بكلمتين بسيطتين ويقولهم : ابسروا مابيقولوا عليكم؟ ليتحول أي نقد من هذا القبيل إلى كراهية متضافرة ؛ وخلي المشط حقك ينفعك!؟ على أن الاقتراب من هؤلاء وقصفهم بالحب وبالعناية وبالكتب وبالفنون هو الحل ؛ أما تصغيرهم واستهجانهم يجعلهم على الدوام في كماشة شيخ أو سيد استغل شامتهم وطاقاتهم وهو يتعامل معهم بوصفهم أبطالاً، وانتوا تشتموهم وتحقروهم وتشتوهم يستجيبوا لحقكم المشاط ! خبر فاضي.