كنا أربعة.. الزميلان أحمد الجبر ومنصور الجرادي وممثل الاتحاد الدولي للصحافيين منير الزعرور وأنا زرنا زميلنا المحبوس في الأمن السياسي عبدالإله حيدر. قضينا في غرفة اللقاء بعبدالإله حوالي ساعتين كان فيها ضابط الأمن المحترم الحاضر الغائب والمعنى أن عبدالإله قال لنا ما عنده بدون تحفظ وقلنا له ما عندنا دون خوف وهو مشهد مشكور أذاب شيئاً مما يعلق بك وأنت في حضرة مثل هذا المكان. قلت لعبد الإله حيدر مازحاً في صورة الجد: ما كنت استغرب له أنك كنت تقول للفضائيات وعلى الهواء لقد قلت لأنور العولقي وقال لي أنور وهو لم يقل لي إلى ما هنالك من التصريحات التي تضعك محل تهمة، وواصلت مزاحي الذي أحسبه خفيفاً: من يدري لو كنت أنا رجل أمن ربما اشتبهت بك . والحق أن عبدالإله حيدر كان شفافاً وهو يسرد لنا من خلف نظارته الطبية حكايته التي رأيت أن أسرد منها ما يمكن أن يبرر جرأته التي قادته إلى ما وراء القضبان. يقول عبدالإله حيدر: أنا عاشق وباحث عن المعلومة وأرى أن إخفاءها هو الجريمة لأنها ليست ملك الكاتب وإنما ملك الناس ولكل هذا لم أتردد مطلقاً في أن أقول ما عندي عن مصادري أولاً بأول. وكشف حيدر عن روح تتأثر بالمعلومة وتبحث عنها، معيداً السبب إلى الفترة التي قضاها مع والده في بيروت وهو صغير حتى أنه لم يستطع إخفاء حزنه الكبير عن أقرانه الأطفال وهم يقولون له لماذا أنت حزين، فيرد عليهم لقد قتلوا مفتي لبنان. وهنا أستطيع بحس الكاتب تفسير ميل عبدالإله حيدر إلى التعاطي مع المعلومات المتصلة بالقاعدة على ذلك النحو استجابة للمكون النفسي والمهني (المعلومة من حلق الناس) وإخفاؤها هو الجريمة وليس نشرها. أما التفسير لماحدث له ويحدث فهو أن الرجل قال لنا وقال للصحافة الأوروبية والأمريكية ربما كل ما عنده، فاستكثر هؤلاء وأولئك كل ذلك الضخ بينما المطلوب منه أن يتعاطى مع المعلومات بطريقة «أكل العنب حبة حبة». وهذا ما لم يتوافق مع الأمريكان، حيث أصدر الرئيس علي عبدالله صالح عفواً، فإذا بالرئيس باراك أو باما يقول: إن أمريكا تعبر عن قلقها فكان ما كان وما يزال.