يدين الداعية الاسلامي السني يوسف القرضاوي بشهرته الواسعة الى قناة "الجزيرة" الفضائية في قطر، البلد الذي يمنحه هذا الرجل غطاءً شرعياً لسياسته الخارجية الجريئة ذات الطابع التدخلي. وفور اعلان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان القرضاوي شخص غير مرغوب فيه على الاراضي الفرنسية، سارعت اوساط الداعية القطري المصري الاصل الى التنديد بالقرار مذكرة بالعلاقات الجيدة التي تربط بين الدوحة وباريس وتأكدت متانتها خلال حملة الحلف الاطلسي على ليبيا خصوصاً. ومنذ اندلاع الحركات الاحتجاجية التي سميت فيما بعد بثورات "الربيع العربي" جاءت مواقف القرضاوي (86 عاماً) وفتاويه متسقة مع الدبلوماسية القطرية. وفور اندلاع التظاهرات في مدينة بنغازي في الشرق الليبي في شباط/فبراير 2011، صرح القرضاوي لقناة "الجزيرة" ان الزعيم الليبي السابق معمر القذافي "انتهى". واثناء الانتفاضة في ليبيا، لعبت قطر دوراً مهماً في دعم المتمردين وكشفت بعد الاعلان عن مقتل القذافي انها ارسلت جنوداً الى الميدان لتقديم المساعدات "للثوار" الليبيين. وتؤكد أوساط الداعية ان تدخل الحلف الاطلسي في ليبيا نال الشرعية الدينية بفتوى اصدرها القرضاوي بهذا الشان. ويدعو القرضاوي هذه الايام الى ارسال اموال الزكاة الى السوريين الذين يعارضون نظام الرئيس بشار الاسد ويقودون حركة احتجاجات منذ عام. ويعطي "رجل الدين" انطباعاً بانه يريد تصفية حساب قديم مع الانظمة العربية ذات الصفة العلمانية، وذلك منذ ان غادر بلده الاصلي مصر حيث تعرض للسجن بسبب انتمائه الى جماعة الاخوان المسلمين ابان عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وفور سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011 اسرع بالتوجه الى القاهرة حيث أم المصلين في ميدان التحرير. وقد منحت قطر جنسيتها للداعية الذي تبنته وقدمت له منبراً يتمثل بقناة "الجزيرة" التي اتاحت له فرصة الظهور ك"رجل دين" يندد بأنظمة الحكم الفردي. وفي حين يؤكد المقربون منه ان القرضاوي معتدل، يبقى هذا الامر غير مؤكد حيث يشير معارضوه الى رفضه فصل الدين عن السياسة ومعارضته الشديدة لمدنية الدولة. وتحتل هذه المسائل حالياً حيزاً مهماً في النقاش الدائر في البلدان التي حقق فيها الاسلاميون فوزاً كاسحاً في الانتخابات. ورداً على الاتهامات بمعاداة السامية، قال احد المقربين منه وهو علي قره داغي الامين العام لاتحاد علماء المسلمين الذي يرأسه القرضاوي انه يدين سقوط القتلى في مدرسة يهودية في تولوز. لكن هذا الموقف المندد لم يصدر علناً على لسان القرضاوي نفسه او بواسطة اتحاد علماء المسلمين. وكثيراً ما يطل الداعية عبر شاشة "الجزيرة"، التي تحظى بنسبة متابعة مرتفعة في العالم العربي، للرد من خلال برنامج "الشريعة والحياة" على اسئلة تتعلق بتطبيق الشريعة ونواحٍ أخرى، فهو من المؤيدين للتطبيق الحازم للنصوص الدينية. ورغم شهرة القرضاوي في أوساط عوام أهل السنة إلا أنه لا يحظى بتقدير كبير في الأوساط العلمية الشرعية خصوصاً السلفية منها. ويشكك عدد من علماء السلفية في الأهلية الشرعية للقرضاوي وينصحون العوام بعدم اتباع فتاويه. وصدرت تصريحات من كبار علماء السلفيين بالتحذير من القرضاوي، ووجهوا له اتهامات بالضلال والجهل، بل إن بعضهم اتهمه بالماسونية ولقبه آخرون بلقب "شيخ الفتن". كما لا يحظى القرضاوي بود الأوساط الشيعية التي تتهمه بتغذية الطائفية والتحريض على العنف المنهجي ضد الشيعة في عدة بلدان عربية. وعلى الصعيد السياسي، يقيم القرضاوي علاقات جيدة مع حركة حماس التي تدعمها قطر علناً لكن علاقاته مع السلطة الفلسطينية يشوبها الفتور. وفي شباط/فبراير 2008، رفضت بريطانيا منحه تاشيرة دخول واعلنت وزارة الداخلية انذاك ان لندن "لا تقبل وجود من يبررون اعمال العنف الارهابية". ويعيش الداعية الاسلامي حياة مرفهة في قطر حيث اتخذ قبل أعوام زوجة ثانية تصغره سناً بكثير.