سيأتي زمان يكون المسلم فيه بحاجة إلى حبوب منع القيء، وهو يرى خطيب الجمعة يُخرج من داخله خطبة عتيقة لا علاقة لها بالعصر الذي نحن فيه.. تدخل المسجد وتخرج منه وأنت موقنٌ أنك لم تستفد شيئاً مما سمعته من خطيب الجمعة.. فماذا سيضيف إلى معارفك وثقافتك وهو يقرأ لك خطباً جاهزة من كتاب رياض الصالحين، أو كتاب منهاج المسلم؟ مقرفٌ أن تسمع نفس الخطبة التي سمعها أبوك وجدك.. وأن ترى خطيب الجمعة يعتلي المنبر ليلقي عليك موعظة كتبها أحد السلف الصالح قبل ألف سنة، موعظة لم تعد صالحة للعصر الذي تعيش فيه، موعظة لا تصلح لعصر الجوجل والفيس بوك والتويتر.. موعظة تصلح لعصر السباحة والرماية وركوب الخيل، وليس عصر الجينوم والخلايا الجذعية.. لأن خطيب الجمعة لا يرى فرقاً في ما يلقيه على مسامع الحاضرين، فهو لا ينتقي خطبته بعناية، ولا يكلِّف نفسه أن ينتقي ما هو صالح لهذا العصر، ولا يجهد نفسه بالتفكير في الحديث عن مشاكلنا التي نتعامى عنها، لأننا لم نجد من يوجِّهنا ويرشدنا لنتعامل معها برؤية جديدة، ونكون أقدر على حلها. معظم خطباء المساجد لا يزالون مسكونين بعصر قريش، أو بالأصح لا زالوا يعيشون متقوقعين في صحرائها، وكأنهم يرفضون كلَّ القرون التي تلت ذلك وفضَّلوا العيش في خير القرون، الذي وُجد فيه المصطفى الأعظم صلوات الله وسلامه عليه.. متجاهلين أن النبي، عليه وآله الصلاة والسلام، كان يدعو إلى العلم الذي سيجعلنا قادرين على مسايرة الزمن وتقلُّباته.