لعل ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن استياء دبلوماسي غربي من كل من الدكتور القربي وزير الخارجية والدكتور الشعيبي وزير التعليم العالي لسيرهما المغاير –على حدِّ زعمه- للوفاق وعن دعم وزير النفط لجماعة الحوثي بمبلغ خمسة ملايين ريال لإقامة مراكزهم الصيفية التي يسمونها (الحسينيات)، لعل لذلك كله –بصرف النظر عن صحته من عدمها- أثره السلبي على سمعة حكومة الوفاق والتقليل من شأن ما حصل بين معظم أعضائها من توافق يعوَّل عليه –فيما لو استمر ونما وتطور- أن يُفضي بالنُّخب السياسية من مختلف القوى الحية على الساحة الوطنية إلى اتفاق خلاَّق. ولو صحَّ –لا سمح الله- ما تناقلته تلك الوسائل الإعلامية عن الثلاثة الوزراء التي سبقت الإشارة إليهم، فليس لذلك من تفسير –للأسف- سوى تفسير واحد وهو أنهم ما يزالون مشدودين إلى الماضي وأن جهدهم ما يزال مُسخَّرًا في الاتجاه الخطأ الهادف –في الأساس- إلى نسف ما قد تحقق على أرض الواقع من وفاق، ولو لم يكن قد صحَّ ما تناقلته وسائل الإعلام تلك عنهم -ورجاؤنا أن لا يكون له أيُّ أساس من الصحة-، فإن ما تردد في حقهم من شائعات كفيلٌ بأن يُحفِّزهم للدفع بالأوضاع إلى أقصى حدٍّ ممكن باتجاه الوفاق والتعاون المثمر والخلاَّق حتى يثبتوا لأنفسهم ولزملائهم في حكومة الوفاق ولشعبهم قاطبة أنهم أهل للثقة وأنهم عند حسن ظن كافة أبناء اليمن. وأيًّا كانت النتيجة فإن حكومة الوفاق –في الأغلب الأعم- مندفعة للسير بقوَّة نحو تحقيق كافَّة الآمال المرجوَّة. بيد أن الوجه الأكثر إشراقًا وتوافقًا يتمثل في الأخوين المناضلين اللواء الركن محمد ناصر أحمد وزير الدفاع واللواء الركن الدكتور عبدالقادر قحطان وزير الداخلية اللذين جمَّعهما نزولُ المحن مثلما جمَّعهما حبُّ اليمن، فهذان الوزيران اللذان تتقارب طبيعة عمل وزارتيهما وتتكامل جهود منتسبيهما يعملان منذ الإعلان عن تشكُّل حكومة الوفاق في كانون الأول(ديسمبر) من العام المنصرم بتناغم وانسجام مُنقطعَي النظير، ترجما على أرض الواقع بالتطابق التام لوجهتي نظرهما طيلة فترة عملهما في اللجنة العسكرية التي ما يزالان يمثلان إلى الآن عُنصرين هامَّين فيها وبتوجيهاتهما المستمرة لمنتسبي وزارتيهما بالعمل بروح الفريق الواحد لبلوغ أعلى مستويات التكامل في سبيل إنجاز ما هو موكل إلى الوزارتين – في هذا الظرف الاستثنائي – من مهام جسام وبما يضمن للأجيال القادمة ما تصبو إليه من مستقبل سعيد. لعل الوزيران وهما يدركان خطورة المرحلة الراهنة قد عملا -عقب تسلُّم كل منهما أعباء وزارته- على رسم خارطة عمل مشتركة تقضي بتسخير كامل جهد منتسبي الوزارتين باتجاه مواجهة مخاطر التحدي الأبرز المتمثل في مشكلة الأمن، على أمل أن يثمر هذا الجهد المشترك تحقيق الأمن على المستوى الاستراتيجي للدولة على طريق تهيئة الأوضاع لبناء ما يحلم به كل يمني من جديد. وإذا كانت صور التعاون والتكامل بين الوزيرين كثيرة ويُعايشها صباح مساء كافة المهتمين من المواطنين عبر وسال إعلامنا الرسمي وتعكس ما بيمنها من توافق، فإن أنصع هذه الصور التي تترك في نفوس جمهور الشعب أبلغ الأمر تنقُّلهما شبه اليومي -مجتمعين– على مدى أيام عِدة في معظم مناطق ومرافق محافظتي عدن وأبين وتفقدهما –سويًّا– أوضاع النازحين من المديريات التي تعرضت –بشكل أو بآخر- لإرهاب (أنصار الشرِّ)، ومن ثم الإشراف المباشر منهما على سير أعمال الإغاثة لهم ومساعدتهم وتذليل الصعوبات التي تحول دون عودتهم إلى ما تبقى من مساكنهم عاكسين بتلمسهما هموم النازحين وبلسمة جراحهم إنسانيتهما وإحساسهما بالمسؤولية تجاه أبناء وطنهما الذي يعكس –بدوره- إنسانية حكومة الوفاق وإحساس رئيسها وجلِّ أعضائها بمسؤوليتهم تجاه كافة أبناء شعبهم. كما أن في ما بدا على سلوك وممارسة ذينك الوزيرين من توافقية وما بدأ على منتسبي وزارتيهما – على ضوء توجيهاتهما – من مظاهر التعاون فيما بينهم في تنفيذ المهام دلالة واضحة على اتسام أعضاء حكومة الوفاق بشكل عام بالتوافق الذي من شأنه نجاحها في تسيير شؤون البلاد طيلة مدة الفترة الانتقالية وفق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمَّنة، لما من شأنه تجاوز التحديات الراهنة والانتقال باليمن أرضًا وإنسانًا إلى رحاب القرن الحادي والعشرين الذي يُمكِّنه من تبوِئ المكانة اللائقة بهِ بين الأمم.