تقع منطقة الشّرق الأوسط في دائرة النّار، فالدّول الكبرى الطّامعة في السّيطرة على المنطقة تتسابق إلى التسلّح وإبراز قدراتها العسكريّة والميدانيّة. وأتت الفرصة الآن مثل الشّحمة على الفطيرة لتتبارز الدّول، وتستعرض عضلاتها القتاليّة، وتعرض ما لديها من أسلحة وصواريخ وطائرات حربيّة وبوارج. بعد أن ضعف الإتحاد السّوفياتي عام 1991، فقدت روسيا الثّقة بقدراتها، وباتت الولايات المتّحدة تسبقها بأشواط كبيرة. ومنذ انفجار الأزمة السّوريّة، وجدت روسيا نفسها بجانب الدّولة الممانعة للكيان الإسرائيلي والمعسكر الإمبريالي، ونلاحظ أنّها مستعدّة للوقوف بجانب سوريا حتّى الرّمق الأخير، ليس من أجل الدّفاع عن سوريا فحسب، بل من أجل استرداد ثقتها بنفسها كدولة كانت تعدّ جبّارة، ولاختبار مدى صمودها في الوقوف بوجه إسرائيل وأميركا، وبالطّبع لا تقف روسيا يتيمة في هذا الوضع، فإنّها تلقى تأييدًا من الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران والصّين. تعزم روسيا إجراء مناورات واسعة النّطاق في البحرين الأبيض المتوسّط والأسود وصفتها أنّها منقطعة النّظير منذ عقود. وقد بدأت بحرية الجيش الرّوسي ترتيبات لتنفيذ المناورات وفقًا لخطّة تدريب القوّات المسلّحة الروسية تشارك فيها وحدات من أربعة أساطيل روسيّة: أسطول الشّمال، وبحر البلطيق، والبحر الأسود، والمحيط الهادئ. وتهدف هذه التّدريبات إلى اختبار قدرة الأساطيل على العمل معًا خارج المياه الرّوسية، علاوة على أنّ الخطّة ستشمل تدريبات على مكافحة الإرهاب والقرصنة. وأفاد مصدر من قوات البحريّة الرّوسيّة أنّ سفينتي إنزال غادرتا ميناء في البحر الأسود الشّهر الماضي، وستزوران المنشأة البحرية الروسية الخاصة بالصيانة والتموين في ميناء طرطوس السوري. وتجدر الإشارة إلى أنّ ميناء طرطوس يقع على بعد نحو 220 كيلومترا شمال غرب العاصمة السورية دمشق، وأقيمت فيها قاعدة بحرية روسية بموجب إتّفاق موقع بين البلدين عام 1971 في خلال الحقبة السوفياتية، وتعتبر هذه القاعدة الوحيدة لروسيا في البحر الأبيض المتوسط. وتحاول موسكو تعزيز وجودها العسكري في منطقة البحر المتوسط، ويعتبر الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين أنّ بلاده بحاجة لجيش أقوى لحمايتها من المحاولات الخارجية لإثارة الصراعات حول حدودها. وتعتزم روسيا إنفاق 23 تريليون روبل (753 مليار دولار) على مدى عشر سنوات لتحديث قواتها المسلحة التي تعرضت لتخفيض النفقات على مدى عشر سنوات بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991. إضافة إلى ذلك، أطلقت إيران قبل أيام قليلة مناورات “الولاية 91″ التي يجريها الحرس الثوري الإيراني في مضيق هرمز، تزامنًا مع اختتام القمة الثالثة والثلاثين لدول مجلس التعاون الخليجي أعمالها في البحرين والتي أصدرت بيانًا حاد اللهجة حيال إيران. وتشتمل المناورات الإيرانية تدريبات في المياه الإقليمية الإيرانية والمياه الدولية بمشاركة مختلف وحدات القوة البحرية للجيش الإيراني، وبضمنها الغواصات والمدمرات والفرقاطات والسفن القتالية والبوارج والمنظومات الصاروخية والقوات الخاصة، فضلاً عن الطوافات والطائرات بدون طيار وطائرات الاستطلاع البحرية، وإجراء التمارين القتالية، وكذلك تمارين الحرب الالكترونية. وفي المقابل، يستعد سلاح جو الاحتلال الاسرائيلي لمناورة الأسبوع المقبل، بمشاركة دول "صديقة" للعدو الاسرائيلي، هدفها التدريب على التحرّك المشترك ضد دول عربية مثل سوريا، في حال قرّر التحالف الغربي شن هجوم عليها. وتشارك في المناورة مئة طائرة حربية وعددًاً من أسلحة الجو التّابعة لدول حليفة لكيان العدو مُنع نشر أسمائها. نرى من خلال هذه المناورات ان العالم منقسم إلى عسكرين: روسيا، الصين، إيران، سوريا، المقاومة في لبنان، وقد ينضم إلى هذا الحلف فنزويلا بقيادة هوغو تشافيز، وكوبا برئاسة راوول كاسترو من جهة. ويتألّف المعسكر الثّاني من كيان العدو والولايات المتّحدة وتركيا والدّول الأوروبيّة التي لطالما وقفت مع "إسرائيل" وحرصت على الحفاظ على أمنها. وقد ذكّرنا هذه المشهد بالحرب العالميّة الأولى والثانية بين أعوام 1914 و1918 وبين أعوام 1938 و1945 عندما انقسمت الدّول إلى دول المحور ودول الحلفاء. لذا، لا بد من حصول حرب عالميّة من أجل إطفاء لهيب الشّحن الدولي ومطامع الدّول في إثبات جدارتها العسكريّة من خلال التحرّك على الميدان السّوري أو في محيطها الإقليمي.