قالت تقارير إعلامية بريطانية أمس إن العائلة الحاكمة في قطر تخاطر بالتورط في خلاف مرير بين شركة للتطوير العقاري والسلطات المحلية والسكان المحليين في حي لامبث جنوب العاصمة البريطانية، بسبب خطط لتحويل المقر السابق لإطفاء لندن إلى شقق ومكاتب فاخرة. وذكرت أن شركة "نيتف لاند" التي تملك قطر حصة مقدارها 45% من أسهمها، تقدمت بطلب للحصول على إذن من السلطات المحلية لتحويل المقر السابق لإطفاء لندن إلى مشروع سكني يحتوي على 265 شقة فاخرة، بعد إخلائه عام 2008. وبحسب صحيفة "اوبزيرفر" البريطانية فإن لجنة التخطيط في بلدية لامبث رفضت منح الترخيص للمشروع بعد أن تبين أنه لن يكرّس سوى 7% من الموقع للسكن الاجتماعي، بدلاً من 40% وفقاً لسياستها المتبعة حيال أي مشروع عقاري بهدف توفير مساكن بأسعار معقولة. وأشارت الصحيفة إلى أن المقر السابق لإطفاء لندن كان من المقرر أن يشكل جزءاً من تطوير موقع تبلغ مساحته الإجمالية 300 ألف قدم مربع يحتوي على 7 عمارات من الشقق والمكاتب ومجموعة متنوعة من وسائل الراحة، بما في ذلك صالة رياضية وملعب تنس وحدائق واسعة وبار وغرف بلياردو. وقالت إن شركة "نيتف لاند" دخلت في مواجهة حامية مع لجنة التخطيط في بلدية لامبث بعد رفضها منح الترخيص للمشروع، والذي سيصبح أحدث حلقة من سلسلة مشاريع التنمية البارزة المدعومة من قطر في لندن بعد برج شارد ومشروع إعادة تطوير ثكنات تشيلسي بكلفة تصل إلى 3 مليارات جنيه إسترليني. وأضافت الصحيفة أن المشروع أثار استفزاز السكان المحليين بسبب أزمة السكن في لندن ودعوة رئيس بلديتها بوريس جونسون إلى توفير المزيد من أراضي القطاع العام لبناء منازل بأسعار معقولة. وأشارت إلى أن شركة "نيتف لاند" تصر على أن تخصيص 40% من مساحة المشروع للسكن الاجتماعي غير قابل للتنفيذ من الناحية الاقتصادية بسبب التكاليف الإضافية للمشروع. ونسبت "اوبزيرفر" إلى الرئيس التنفيذي للشركة، ألستير نيكولز، قوله "إن المشروع جرى تصميمه وباستيعاب دقيق لسياق الموقع، وسيشكل إضافة حيوية جديدة لحي لامبث". قطر تبتلع لندن وتملك قطر مشاريع استثمارية ضخمة في لندن مثل مخازن هارودز، ومبنى السفارة الأميركية، وعمارة هايد بارك 1 السكنية التي تحتوي على أغلى شقق من نوعها في العالم، فضلاً عن 26% من أسهم مخازن سينزبري للمواد الاستهلاكية، وشركة سونغ بيرد للاستثمارات العقارية، وحصص في مصرف باركليز وبورصة لندن، و20% من سوق كامدن في شمال لندن من خلال حصتها في شركة الاستثمارات العقارية "تشيلسفيلد". وكانت قطر قد علقت العمل بأكبر استثماراتها في لندن نهاية يناير كانون الثاني الماضي، وهو مشروع ثكنة تشيلسي، الذي تبلغ تكلفته نحو 3 مليارات دولار. وقال مصدر قريب من المشروع حينها أن قطر تدرس أيضا خيار بيع الموقع دون بناء ما كان مقررا، وهو 450 وحدة سكنية فاخرة و123 وحدة بأسعار معقولة. يذكر أن شركة الديار القطرية، وهي ذراع الاستثمار العقاري للإمارة، كانت قد حصلت على الموافقات المطلوبة لتنفيذ المشروع الذي يضم قصورا فاخرة تضم 7 غرف وصولا الى شقق صغيرة من غرفة واحدة. لكن الموقع الذي تبلغ قيمته نحو مليار دولار، لايزال اليوم خاويا ومهجورا. وبشكل متزايد أصبحت مشاريع قطر في بريطانيا تمثل مقامرة كبيرة بسبب ريبة البريطانيين بجدوى وأغراض تلك المشاريع. ويعد ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز من أشد المناوئين للمشاريع القطرية، التي يرى أنها لا تنسجم مع الطابع المعماري البريطاني. وقال مصدر قطري لصحيفة الغارديان. "سوف يأخذ المطورين وقتهم لنرى ما ستتمخض عنه خطط المشروع". استثمارات عالمية مثيرة للجدل ويرى محللون أن قطر اصبحت أكثر تحفظا في مشاريعها واستثماراتها منذ تفجر الضجة التي احدثتها استثماراتها في فرنسا والتي أثارت جدلا سياسيا واسعا، خاصة حين قررت انشاء صندوق لمساعدة سكان الضواحي الفقيرة التي غالبية سكانها من المسلمين نهاية عام 2011. وأعلنت عن تخصص 50 مليون يورو لذلك الصندوق، الأمر الذي أثار ذلك تساؤلات داخل الطبقة السياسية الفرنسية، التي طرحت فكرة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بهذا الشأن. ومنذ الضجة الفرنسية بدأت استثمارات قطر تثير تساؤلات في كثير من بلدان العالم، مثل بريطانيا والولايات المتحدة حيث تستثمر قطر مليارات الدولارات. لكن التساؤلات لم تصل حد الجدل السياسي الذي بلغته في فرنسا.