لم يعد الظن في حاجة إلى تأكيد. نحن أمام رئيس إخواني النزعة والعقيدة بكل جوارحه ومشاعره، مخلص لجماعة الإخوان وهي غير جمعية نجوى خليل (إخلاص الجنود) ويضعها في قلبه وأمام عينه وفوق رأسه في كل لحظة وثانية . أرأيتم لماذا اختار مكتب الإرشاد محمد مرسي رئيسا لحزب الجماعة ثم مرشحا احتياطيا للرئاسة؟ هل أدركتم لماذا أنفقت عليه جماعته كل هذه الأموال الطائلة من إيجار شقته في القاهرة إلى حملة انتخابية تكلّفت -كما رجح البعض- قرابة المليار جنيه؟
ليه؟ لأنه يستحق ذلك، فهو كنز الجماعة الاستراتيجي المؤمن بها والمخلص لها والمهموم بها قبل أن يهتم بأي شيء آخر مهما كانت أهمية وخطورة هذا الشيء.
محمد مرسي يحزن لحزن الجماعة ويفرح لفرحها، بل يحزن لو طلبت منه الجماعة أن يحزن ويفرح لو أذنت له أن يفرح. ولعلك تعرف أن كل أعضاء الجماعة تتم تربيتهم منذ النشأة، وفي جينات التكوين على أن يكونوا صلصالًا في يد المرشد، أو كالميت في يد مُغسله. لكن هناك من يتفوق في الطاعة ومن يتفانى في الانسحاق لصالح الجماعة حتى تتبخر شخصيته وتمتزج حتى يتحول إلى كائن تحركه الجماعة بنظرات عينيها.
ما نراه ونعيشه هو انكشاف يومي، بل لحظي أن ال51٪ من الناخبين في انتخابات الرئاسة قد صوَّتوا لمكتب الإرشاد ممثَّلًا في مرسي، وأن أحدا لا يلومنَّ إلا نفسه حين أحسن الظن بأن هناك فصلا وفاصلا قائما بين مرسي الجماعة ومرسي الرئاسة.
إن سياسة محمد مرسي لو استمر أو استمرت سوف تحيل الدولةَ جماعةً وتصيِّر الجماعة دولةً.
إن كل المآسي التي تتعرض لها مصر وكل الانتهاكات الوحشية التي وصلت للاغتيال الذي تعرض له أبناء القوى الاحتجاجية والضرب والسحل، بل وتعليق الجثث عارية على الأعمدة في قرى مصر ومدنها والفقراء الذين يشعلون في أنفسهم النار انتحارًا من اليأس والإحباط، لم يحركوا غضبة وانفعال محمد مرسي يومًا أو ساعة. إلا حين تتعرض الجماعة وأعضاؤها لخطر أو أذى أو إحراج. يا ساتر.. ساعتها ترى الرجل وهو يهدد ويرعد ويروِّع ويلوِّح ويتوعَّد خصوم الجماعة ومعارضيها. كأنها وطنه إذن. فماذا عن وطننا؟ له ربٌّ يحميه وشعب ينقذه