روسيا.. استخراج كهرمان بداخله صرصور عمره حوالي 40 مليون سنة    في مساحة الاختلاف.. يبقى الوطن أولاً..    لماذا لن يقمع الانتقالي مظاهرات الجنوب الحقيقية؟    الحثالات في الخارج رواتبهم بالدولار ولا يعنيهم انهيار سعر الريال اليمني    مورفي يكذب مزاعم ترامب تدمير البرنامج النووي الإيراني    أحزان الكعبة المشرفة.. هدم وحرائق من قبل أمراء مسلمين    خبير دولي يحذر: العد التنازلي للمؤامرة الكبرى على مصر بدأ    مانشستر سيتي ينتظر الهلال السعودي في ثمن نهائي كأس العالم للأندية    الهلال السعودي إلى ثمن نهائي كأس العالم    نادي النصر يجديد عقد الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو    الفزعة الإماراتية.. نخوّة وشجاعة في كل موقف    الأوقاف: اقتحام المساجد أمر مستنكر يسيء إلى هيبة الدولة ويزرع الفوضى ويفتح أبواب الفتنة    Fairphone تعود لعالم أندرويد بهاتف منافس    عدن تشتعل بالأسعار بعد تجاوز الدولار حاجز 3 آلاف ريال    امتيازات خيالية وأرقام ضخمة بعقد رونالدو الجديد مع النصر السعودي    عراقجي: لا نقبل حاليا زيارة غروسي لطهران    حقيقة "صادمة" وراء تحطم تماثيل أشهر ملكة فرعونية    كأس العالم للاندية: السيتي يكتسح اليوفنتوس بخماسية ليخطف الصدارة    التكتل الوطني يحذر من تفاقم الأوضاع ويدعو الرئاسة والحكومة لتحمل مسؤولياتهما    شهادات مروعة.. معتقلون يكشفون تفاصيل تعذيبهم داخل زنازين الحوثي    عدن.. انعقاد الورشة التشاورية لصياغة خطط حماية المرأة ضمن برنامج تعزيز الوصول إلى العدالة للنساء والفتيات    عن الهجرة العظيمة ومعانيها    إدارة أمن عدن توضح حول اقتحام مسجد في المنصورة وتلمح إلى الاسباب    كلمة السيد القائد بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية وآخر المستجدات (فيديو)    مبابي يتهم باريس سان جيرمان بالتعامل معه بطريقة "غير أخلاقية"    وفاة واحد من ابرز الجيولوجيين اليمنيين    عبده شرف الشامخ بفكره وعلمه ومبادئه    مقتل 29 تلميذا في افريقيا الوسطى    القائم بأعمال رئيس هيئة مكافحة الفساد يهنئ القيادة الثورية والسياسية بالعام الهجري الجديد    الارصاد يتوقع استمرار هطول الامطار الرعدية على المرتفعات    شرطة تعز تلقي القبض على متهم بارتكاب جريمة قتل في مديرية مقبنة    باقزقوز لسلطة صنعاء: تحصين الجبهة الداخلية بانصاف المظلومين ومحاسبة الفاسدين    صفقة جديدة تثير الجدل في ليفربول.. ومخاوف من التأثير على دور محمد صلاح    استبصار وقراءة في سردية احمد سيف حاشد الجزء الثاني (فضاء لايتسع لطائر)    زينة: «ورد وشوكلاته» يكشف مشاكل الشخصيات    كازاخستان.. اكتشاف قطع أثرية تعود لعصر قبيلة الساكا    الدولار يسجل مستويات متدنية وسط مخاوف أمريكية    من الماء الدافئ إلى دعامة الركبة.. دراسة: علاجات بسيطة تتفوق على تقنيات متقدمة في تخفيف آلام الركبة    بفاعلية الحقن ودون ألم.. دراسة : الإنسولين المستنشق آمن وفعّال للأطفال المصابين بالسكري    طرق الوقاية من السكتة القلبية المفاجئة    تسجيل هزات أرضية من المياه المجاورة لليمن    من يومياتي في امريكا .. مرافق بدرجة رجل أعمال    كيف نطالب بتحسين الأوضاع    استئناف نقل النفط الخام من عقلة شبوة لكهرباء الرئيس    من يدير حرب الخدمات وتجويع المواطنين في عدن؟    فعالية ثقافية في مديرية السخنة بالحديدة إحياءً لذكرى الهجرة النبوية    العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد    تحذير أممي من استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في اليمن    عينيك تستحق الاهتمام .. 4 نصائح للوقاية من إجهاد العين في زمن الشاشات والإضاءة الزرقاء    5 مشكلات صحية يمكن أن تتفاقم بسبب موجة الحر    تجارة الجوازات في سفارة اليمن بماليزيا.. ابتزازًا مُمَنهجًا    الشاعر المفلحي.. رافعات الشيادر روحن فوق جيل الديس    صنعاء .. البنك المركزي يوقف التعامل مع 9 منشآت وشركات صرافة وبنك وشبكة تحويل أموال خلال يونيو الجاري    كيف تواجه الأمة واقعها اليوم (4)    كفى لا نريد دموعا نريد حلولا.. يا حكومة اذهبي مع صاروخ    حين يتسلل الضوء من أنفاس المقهورين    إب .. تعميم من مكتب التربية بشأن انتقال الطلاب بين المدارس يثير انتقادات واسعة وتساؤلات حول كفاءة من اصدره    الحديدة و سحرة فرعون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تعز حقاً مدنية؟
نشر في براقش نت يوم 26 - 10 - 2013

سأحكي للقارئ العزيز حكاية هزلية، واعترف أن بعض الحكايات الهزلية تجعلنا نضحك أحياناً ونبتسم أحياناً، لكننا قليلاً ما نتوقف لكي نتأمل مغزى الحكاية، وقليلون هم الذين يتأملون بعد زوال مرحلة الضحك، هناك حكاية مصرية مشهورة تقول: إن خير وسيلة لصيد التمساح هي أن تذهب إلى أعالي النيل، وتجلس على شاطئ النهر، وتضع على عينيك منظاراً مصغراً، وتنتظر خروج التمساح من النهر.. فإذا خرج التمساح رأيته عند ذاك ضئيلاً في حجم العصفور عند ذاك تذهب عنك الرهبة، وتلتقطه بين أصبعيك، الأمر في هذه الحكاية ينطوي على سخرية عميقة ممن يخيلون لأنفسهم هذا التخيل، إذ يحسبون أنهم وقد هونوا من الأمر قد امتلكوه وفرغوا بذلك منه، في حين أنهم في الواقع قد ألقوا بأيديهم إلى التهلكة، ذكرني بهذه الحكاية الثأر الذي صحا بعد أكثر من عقد من الزمن ليحول مدينة تعز إلى ساحة حرب في الشهر الحرام الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام:« حرمت عليكم دماؤكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في عامكم هذا».
ومن سخرية الأقدار أن المتحاربين زعموا في 2011م أن الخيمة قد وحدت بين القبيلي والمدني وسقط الثأر وإلى الأبد، والأدهى من ذلك أنهم بشروا بالدولة المدنية، ومع كل ذلك لم يشفع لتعز مدنيتها، ما يهمنا في ذلك أن نعقد وجه المقارنة بين علي عبدالله صالح الذي اتهم بالفاشية والدكتاتورية، وبين دعاة السلمية والدولة المدنية، لقد تسامى صالح على جروحه وحمل غصن الزيتون وهو ينزف دماً وجسده يعاني من الحروق، وأغلق باب الثأر فيما لو فتح لكانت كل المدن اليمنية وقراها قد دفعت ثمناً من سلمها الاجتماعي، بينما دعاة الدولة المدنية عبروا عن مدنيتهم بالعنف والحقد فروعوا النساء والأطفال.
أعود للحكاية فهي تنبهنا إلى ذلك النوع من خداع النفس، الذي يمارسه الجبان حتى يشعر أنه مقدام، والضعيف حتى يشعر أنه قوي، والجاهل حتى يشعر أنه عالم، هذه الأطراف الثلاثة التقت في 2011م وتحالفت فيما بينها، فالجبان زعم أنه حامي الثورة، والضعيف هدد بصدره العاري، والجاهل نكث بكتاب الله في جامع الصالح وسابق الخطى إلى بوابة جامعة صنعاء ليمنح القطيع والرعاع براءة «اختراع».
والمغزى في هذه الحكاية وثيق الارتباط بعنصر الرؤية المصطنع وهو المنظار المصغر، ولا شك أن النهر العظيم وفق هذه الرؤية سيبدو للرائي من خلال هذا المنظار كأنه جدول صغير يستطيع المرء أن يعبره في خطوة وسيبدو الجيش بكامله وكأنه سرب نمل يزحف على الأرض.
من المألوف في الحياة العملية أن يضع الناس على أعينهم منظاراً مكبراً، يعينهم على رؤية الأشياء، بمزيد من الوضوح، ويكشف عن التفصيلات الدقيقة في الأشياء إنه أداة مساعدة على البصر حين يكل البصر .. أما استخدام المنظار المصغر فهو يشير إلى سلوكية خاصة يمارسها بعض الناس في علاقتهم بالأشياء وبالآخرين.
وهناك البعض من أبناء تعز من يحاول وضع منظار مصغرعلى عينيه ويمشي بين الناس منتفخ الأوداج لظنه أن الآخرين ضئيلون إنه يخيل لنفسه أنه أكبر من كل إنسان إن مثل هذا العمل محاولة يائسة لتحقيق الذات على حساب الآخرين وماذا يصيب التمساح من أذى إذا نظر إليه الرائي من خلال منظاره المصغر؟ فهل ستكون تعز هينة لمجرد أن رائيها يلبس منظاراً مصغراً؟ وهل سيتضاءل التمساح فيصبح عصفوراً ؟ كلا لن تفقد تعز قيمتها لأن نفوساً ضعيفة تريد أن تقوى، أو لأن عيونا كليلة لا تريد أن تبصر الأشياء على حقيقتها واليوم وأبناء تعز يحفرون التراب بأظافرهم ، ما أجدرهم أن يضعوا على أبصارهم منظاراً مكبراً حتى يروا أن الحسنة الوحيدة للفوضى التي عصفت باليمن هي تعيين شوقي هائل محافظاً لتعز فإذا لم تنتصروا لهذا الرجل المدني سليل الأخلاق الحميدة فإن الله لن يرضى عنكم وستلاحقكم اللعنات كما لاحقت بني إسرائيل حينما كفروا بأنعم الله، وسيحكم عليكم بالتيه كما حكم على بني إسرائيل أخيراً رحم الله الدكتور فيصل سعيد وأتمنى على حمود أخيه أن يجعل من مقتله دعوة للتسامح ونبذ الثأر، فالثورة التي يختبئ وراءها عطلت إمكانيات تعز واليمن كله.. يكفي الاتكاء على وعي زائف أو على وعي متبجح يكفي خداع الذات والانطلاق من هذا العمى الايديولوجي الذي يعيد إنتاج واقع محتشد بالخطأ.
ولست بحاجة للقول إن تعز كانت ومازالت عاصمة للثقافة اليمنية فلا تعالجوا الأخطاء بأخطاء أكبر ولا تقوضوا ما يسعى المحافظ إلى ترميمه. هناك ظاهرة سياسية بدأت تتشكل في تعز تثير الخجل لا لأنها تتجاهل أو لا تكترث فقط بالتعامل القانوني مع النشاطات الإجرامية التي تخدم مصالح أيديولوجية خاصة، بل لأن هؤلاء يمتهنون أولاً، وبشكل مستمر الأعراف التقليدية المرتبطة بوظيفة الدولة، لا يستحق أبناء تعز أن يتركوا لأشكال مختلفة من القتل والترويع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.