تبدو عملية الانتقال السياسي مهددة في اليمن، البلد الوحيد من دول الربيع العربي الذي تم التوصل فيه الى حل تفاوضي لانتقال السلطة، وذلك في ظل انسداد أفق الحوار الوطني وتزايد العنف مع تنامي الفقر. وقال المبعوث الخاص للامم المتحدة الى اليمن جمال بن عمر لوكالة فرانس برس: ان «العملية السياسية تواجه العراقيل، لهذا السبب هدد مجلس الامن بفرض عقوبات على من يعرقلونها». واشار بن عمر الى ان الاممالمتحدة أشارت بأصابعها الى «أعضاء النظام السابق والسياسيين الانتهازيين» في بلد يعيش وضعا فريدا من نوعه، اذ ان الرئيس السابق علي عبدالله صالح يتمتع بحصانة، ويستمر في لعب دور سياسي كبير، من خلال تحريك خيوط اللعبة من وراء الكواليس، بعد ان اضطر للتخلي عن السلطة تحت ضغط الشارع. وكان اتفاق انتقال السلطة الذي رعته خصوصا دول مجلس التعاون الخليجي، سمح بانتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا توافقيا للجمهورية في فبراير 2012 لولاية انتقالية من سنتين يفترض ان يتم خلالها انجاز حوار وطني يسفر عن دستور جديد للبلاد وعن انتخابات تشريعية ورئاسية. الا انه بات مؤكدا انه لم يكون بالامكان الالتزام بالاطار الزمني الذي حدده اتفاق انتقال السلطة، والذي ينص على انتهاء المرحلة الانتقالية في 14 فبراير 2014، خصوصا مع وصول الحوار الى حائط مسدود بسبب القضية الجنوبية الشائكة. وقالت المشاركة في الحوار الوطني جميلة رجاء: «الاتجاه الآن (في لجنة التوفيق في الحوار) نحو تمديد الفترة الانتقالية لمدة سنتين». واشارت الى ان «الحوار هو على قضايا كبيرة واساسية، ومدة ستة اشهر لم تكن كافية». واتفق المتحاورون على اقامة دولة اتحادية إلا انهم لم يصلوا الى توافق حول مسألة عدد الاقاليم. ويصر الجنوبيون المشاركون في الحوار على دولة اتحادية من اقليمين تستعيد من حيث الشكل حدود دولتي اليمن الشمالي والجنوبي السابقتين اللتين توحدتا في 1990. في المقابل يطالب حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح والتجمع اليمني للاصلاح (اسلامي) بدولة من ستة اقاليم. وقالت المحللة في مجموعة الازمات الدولية ابريل الي: «اعتقد ان العملية متوقفة، فالحوار وصل الى حيث بامكانه ان يصل، وما زالت هناك مسائل لم تحل لا سيما مسألة شكل الدولة». واضافت: «اعتقد انهم لن يتمكنوا من تحقيق اختراق في الاطار الزمني المحدد». واعتبرت الي: ان «السياسيين يقومون من خلال التأجيل وعدم الاتفاق على الخطوة المقبلة بفتح ابواب الانزلاق والعودة الى العنف، وهذا ما نشهده بالفعل». وبحسب المحللة، فانه «من باب الحكمة انهاء الحوار الجاري والتوافق على الخطوات المقبلة بما في ذلك وضع آلية لكتابة الدستور واطار لاستمرار المفاوضات بدلا من جر البلاد الى المزيد من العنف وانعدام الاستقرار». وتصاعدت وتيرة العنف في اليمن خلال الاسابيع الاخيرة، خصوصا مع الهجوم المثير الذي نفذه تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ضد مجمع وزارة الدفاع في الخامس من ديسمبر، ما اسفر عن 56 قتيلا. وتعتبر واشنطن ان هذا التنظيم هو الانشط بين فروع شبكة القاعدة في العالم. ومنذ الهجوم على وزارة الدفاع، تجتاح البلاد موجة هلع من السيارات المفخخة خصوصا في صنعاء الى تضاعفت فيها وتيرة الهجمات ضد الاجانب. وفي نفس الوقت، تزداد في المناطق القبلية الهجمات التي تستهدف خطوط التوتر العالي وانابيب النفط والغاز ما يؤدي الى حرمان العاصمة من الطاقة والمحروقات. وقدر وزير النفط احمد دارس قيمة الخسائر الناجمة عن الهجمات التي استهدفت القطاع ب4,75 مليار دولار بين مارس 2011 ومارس 2013. وفي الشمال، تستمر حرب منسية بين السلفيين والمتمردين الحوثيين الشيعة المتهمين بتلقي الدعم من ايران، فيما يضاعف تنظيم القاعدة في الجنوب الهجمات ضد قوات الامن والجيش.