أقر مجلس الأمن الدولي أمس مشروعاً تقدمت به بريطانيا يضع اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يسمح بتدخل عسكري في حال وجود تهديد أمني، كما يضع الفترة الانتقالية المتبقية تحت رقابة لجنة من مجلس الأمن، الأمر الذي اعتبره سياسيون ومراقبون تحدثوا ل"اليمن اليوم" (وضع اليمن رسمياً تحت الوصاية الدولية) في حين رحّب آخرون بالقرار وعلى رأسهم رئيس تكتل أحزاب اللقاء المشترك حسن زيد. وقال زيد لصحيفة "اليمن اليوم": قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بوضع اليمن تحت البند السابع ومعاقبة معيقي التسوية السياسية هو انتصار حاسم للرئيس عبدربه منصور هادي، لكنه استدرك قائلاً: القرار فتح آفاقاً واسعة إما للصراع أو الاستقرار، ونحن اليمنيين من سيحدد اتجاه سيرنا، وإننا بحاجة لدراسة نصوص وتفسير القرار من مختلف القوى في الداخل والخارج لمعرفة دوافعه.
يخالفه الرأي أحد أبرز مؤسسي المشترك، الدكتور محمد عبدالملك المتوكل والذي اعتبره قراراً غير موفق بل وسيئ للغاية.
وقال المتوكل ل"اليمن اليوم": القرار محاولة لوضع اليمن تحت الوصاية الدولية رسمياً وبما يسمح باستخدام القوة العسكرية وعقوبات أخرى لفرض مشاريع وأجندة خارجية على حساب المصلحة الوطنية.
وأضاف: هذه محاولة من المبعوث الدولي جمال بنعمر ومن يدفع به من الداخل لإرغام اليمنيين على قرارات مفروضة عليهم، وهذا ما لن يكون مقبولاً".. وزاد: هناك من عجزوا عن فرض ما يريدونه، ولهذا دعوا الخارج ليحكمنا، وهذا تخلف ولن يؤدي إلى ما يطمحون إليه من نتائج بل على العكس من ذلك سيزيد الأمور تعقيداً وسوءاً.
واختتم تصريحه مؤكداً أن هذا القرار لن ينجح حتى على المستوى الدولي.
وفي ذات السياق يعلق رئيس جبهة الإنقاذ عضو البرلمان أحمد سيف حاشد والذي ينفذ أنصاره اعتصاماً في ساحة الجامعة للمطالبة بإسقاط الحكومة.
وقال حاشد ل"اليمن اليوم": الأخطر إلى جانب وضع اليمن تحت الوصاية الدولية رسمياً، هو الغموض الذي يلف بنود القرار، وبما يمكن من توظيفه واستخدامه بشكل سيئ ولأطراف معينة، وهو ما سيقود إلى خراب ودمار للبلد، سيما وأن دولتين إقليميتين هما السعودية وقطر من أعضاء اللجنة.
وأضاف: البنود غير واضحة ويمكن التلاعب في تفسيرها واستخدامها لأغراض سيئة، وفرض مشاريع وأجندات معينة قد لا تكون مقبولة لدى غالبية الشعب اليمني.
وتابع: حقيقة نحن نشعر بقلق من أن هناك سوء نية لفرض مشاريع من خلال الاستخدام السيئ للقرار.
وعما إذا كان سيتراجع وأنصاره عن مواصلة اعتصامهم بعد قرار مجلس الأمن، قال حاشد: أبداً.. نحن نمارس حقا ديمقراطيا ونستمد ذلك من حقوق الإنسان في الرأي والتظاهر والاعتصام واستخدام كل الوسائل السلمية، وبالتالي فإن أية قرارات تتناقض مع هذا نعتبرها غير شرعية ولا نعترف بها.
وأشار حاشد إلى دور حزب الإصلاح أو ما يسميهم (جماعة الإخوان) في الوصول إلى هذا القرار وأنهم أيضاً لن ينجون من تداعياته.
وقال: للأسف الشديد نستطيع القول إن وضع اليمن تحت الوصاية الدولية رسمياً يعد أهم منجزات الإخوان، إلا أنهم في الأخير سيجدون أنفسهم عرضة لبعض قراراته، ولكن بعد ضياع سيادة البلد.
واختتم حاشد تصريحه بالقول: إن اليمن سيدفع كلفة وثمن الاستخدام السيئ لعبارات غير واضحة في قرار خطير.
الحراك الجنوبي -المعني هو الآخر بالقرار الأممي- أكد أن القرار محاولة من قبل السلطة في صنعاء لقمع الحراك أو ما يسمونها الثورة الجنوبية.
ولخص رئيس المجلس الأعلى للثورة الجنوبية الدكتور صالح يحيى سعيد في تصريح ل"اليمن اليوم" قراءة الحراك لقرار مجلس الأمن كالتالي: أولاً: هناك خلط ما بين قضايا الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية، حيث أشار إلى الحوثيين والقضية الجنوبية، وهذا خطأ كبير..
ثانياً: قضيتنا لا تخضع للمحاسبة سواء كانت ثورة أو أشخاصاً لأنها ليست قضية مطلبية وإنما سياسية بامتياز، وتتمثل في التحرير واستعادة الدولة، وقد أشعرنا مجلس الأمن وكل الهيئات العربية والدولية بذلك، ثالثاً: لسنا في الحراك الجنوبي طرفاً في المبادرة الخليجية ولا مشاركين في حوار صنعاء –الحوار الوطني- حتى نكون ملزمين بتنفيذ مخرجاته.
واعتبر صالح يحيى -الذي يترأس تيار علي سالم البيض في الحراك- "الضغط على الحراك الجنوبي أو قادة ثورة الجنوب سواء كانوا في الداخل أو في الخارج يتناقض مع قانون حقوق الإنسان في الأممالمتحدة المقر عام 1945م والذي ينص على أنه لأي شعب يشعر بالاضطهاد حق المقاومة السلمية وغير السلمية".
وتابع: نضالنا سلمي وسنستمر ولسنا مسئولين عن أي خروج على النضال السلمي بل تتحمله تلك الجهات التي تحاول الضغط على شعب الجنوب بالعصا الدولية.
وزاد: هذه محاولة يائسة من قبل السلطة في الجمهورية العربية اليمنية للنيل من الثورة الجنوبية السلمية، على حد تعبيره.
من جانبه قال رئيس المركز الإعلامي لحزب المؤتمر الشعبي العام، أحمد الحبيشي إن القرار سلاح ذو حدين، فهو إذ يعد تفريطاً بالسيادة الوطنية يمكن للرئيس هادي الاستفادة منه في تنفيذ الحوار الوطني بدءاً بإعادة تشكيل الحكومة والتي لا تزال أطراف سياسية تمنع حدوث ذلك.
وقال الحبيشي ل"اليمن اليوم": القرار لم يحدد أسماء ولا جهات وانطوى على عناوين عامة تخلص إلى وضع اليمن بأسره تحت الفصل السابع، ما يعني أن اليمن أرضاً وشعباً أصبح مهدداً ليس فقط بعقوبات اقتصادية وإنما باستخدام القوة وهو ما يتكامل مع أهداف المشروع الإمبريالي الاستعماري الجديد في الشرق الأوسط الرامي إلى تفكيك الدول الوطنية والجيوش الوطنية.
وتابع: أما ما يزيد من خطورة وضع اليمن تحت البند السابع أنه يتيح للقوى الاستعمارية الجديدة استخدام القوة بدون الرجوع إلى مجلس الأمن لامتلاك منابع النفط والممرات الدولية وصولاً إلى محاصرة مصر والسعودية ودول الخليج التي تعتبر اليمن عمقاً استراتيجياً لها لجهة موقعه الحيوي في باب المندب والمحيط الهندي وخليج عدن.
وأشار رئيس المركز الإعلامي لحزب المؤتمر إلى أن هناك جانبا إيجابيا في القرار في حال حاول الرئيس عبدربه منصور هادي الاستفادة منه في الطريق الصحيح.
وقال: مع كل ذلك يمكن القول إن القرار سلاح ذو حدين، فهناك من يعرقل التسوية ويرفض إخلاء العاصمة من الثكنات العسكرية، ويمنع الرئيس هادي من تنفيذ مخرجات الحوار بإعادة تشكيل الحكومة، وهؤلاء يمتلكون شركات تعمل في مجال النفط والاتصالات، كما يمتلكون بنوكاً في الداخل وأصولاً مالية في الخارج، ولعل جانبا من هذا القرار موجه إلى هؤلاء الذين ظلوا يعتقدون أنه بإمكانهم عرقلة التسوية والتحريض ضد خصومهم في وقت واحد.
وتابع: في اعتقادي أن الرئيس هادي مطالب بالاستفادة من هذا القرار والإسراع بتشكيل الحكومة ومواجهة الضغوط التي تعرقله في تنفيذ هذه المهمة.