عاد تعبير "نساء القاعدة" إلى دائرة الاهتمام الإعلامي مع تهديد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الأسبوع الماضي بمهاجمة أمراء سعوديين ما لم يتم الإفراج عن إحدى عضواته، وهي هيلة القصير. وقد اعتقلت القصير منذ ثلاثة أشهر. نساء القاعدة، مفردة ظلت غائبة عن الطرح الإعلامي منذ عام 2005 بعد أن توقف مجلة الخنساء الإلكترونية وقبض على أم سلمة المسؤولة عن تحريرها.
وكانت المجلة تقوم بتجنيد النساء المجاهدات وتقدم النصائح لهن حول كيفية تربية أطفال محاربين. ولكن يبدو أن القبض على القصير كان له تأثير عميق على سعيد الشهري، القائد السعودي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي أصدر بيانا صوتيا غاضبا يهدد بتنفيذ عمليات اغتيال واختطاف ضد مسؤولين وأمراء سعوديين حتى يتم الإفراج عن القصير.
وقالت تقارير إنه تم القبض على القصير، المعروفة باسم "أم الرباب"، خلال عملية ضد خليتين إرهابيتين في مارس/آذار. وأبقت وزارة الداخلية السعودية اسمها وأسماء نساء أخريات بعيدا عن وسائل الإعلام حفاظاً على الوضع القبائلي والأسري لهن.
ووفقا لتقارير إعلامية فقد قامت القصير بتجنيد رجال ونساء لصالح القاعدة، كما قامت بتقديم أموال للتنظيم في اليمن. وقالت صحيفة الشرق الأوسط في أحد التقارير إن القصير قامت بتحويل أكثر من 180 ألف دولار أميركي خلال شهر فبراير/شباط، كما قامت خلال العامين الماضيين بجمع "تبرعات" بذريعة بناء مساجد ودور أيتام في اليمن.
ويُعتقد أن القصير لعبت دورا رئيسيا في مساعدة وفاء الشهري، زوجة سعيد الشهري، على الهرب إلى اليمن. والقصير أرملة محمد سليمان الوكيل، أحد مقاتلي القاعدة، الذي لقي مصرعه خلال اشتباك مع القوات الأمنية عام 2004.
وبلغ من شدة دعم القصير للقاعدة أنها أقامت حفلا بعد محاولة انتحاري اغتيال الأمير محمد بن نايف في أغسطس/آب 2009، تكريما لهذا الانتحاري.
وقالت صحيفة الشرق الأوسط إن زوجها الراحل كان قد ائتمنها على بندقيتين وجعلها تقسم أنها لن تتخلى عنهما. وكانت القصير غالبا ما تقدم الملاذ لأعضاء القاعدة.
وتقول القصير، ولها ابنة عمرها 5 سنوات، إنها تقوم بالانتقام لمقتل زوجها. وتُعد القصير واحدة من بين العديد من النساء السعوديات اللواتي التحقن بالقاعدة.
وقال المحلل السياسي ناصر الصرامي إن "دخول المرأة على الخط في تنظيم القاعدة، وبهذا النوع من الفاعلية، يعطي الصورة عن الاستعداد التام للاستفادة من أي وسيلة يمكن أن تساعده، أو ترفع عنه بعض الحصار، وتحديداً في موضوعين التمويل والتجنيد".
وقال عبد المنعم المشوح رئيس حملة السكينة إن العديد من النساء تعاطفن مع القاعدة لأسباب عاطفية بعد قراءة الأفكار الدعائية على الإنترنت. وترعى حملة السكينة وزارة الشؤون الإسلامية السعودية، وهي تكرس جهودها لمحاورة المتطرفين عبر الإنترنت.
وقال المشوح إن الإنترنت يمثل عاملا كبيرا في دفع النساء للتعاطف مع الأفكار "المنحرفة". وقال المشوح " خلال سبع سنوات من عمل الحملة وجدنا بأن نسبة التراجع لدى الرجال أقل منها مقابل النساء: 25-30 في المئة للرجال و45-50 في المئة للنساء ممن تمت محاورتهم تراجعوا"، مشيرا إلى تأثر النساء بشكل أكبر بالآراء على الإنترنت.
من جهته، قال محمد الحرز الباحث في الإسلام السياسي في حديث ل"الشرفة" إن "خصوصية المرأة، وقدرتها على التخفي، وغموض شخصيتها، يجعل هذه ميزة تسعى عناصر الإرهاب للاستفادة منها، حينما يتم تضييق الخناق عليهم". أما الباحثة والمختصة في الشؤون الإرهابية بكرسي الأمير نايف للأمن الفكري بينة فهد الملحم، فقالت إن تنظيم القاعدة يستغل الأوضاع الاجتماعية للنساء السعوديات لصالح أهدافه. ورأت الملحم أن القدر المحدود من استقلالية المرأة والتفكير الحر الذي يوفره المجتمع السعودي للنساء يجعلهن أكثر عرضة للأفكار المتطرفة. وعبرت الملحم عن تخوفها من استغلال تنظيم القاعدة لقيم و"أعراف المجتمع السعودي لصالح أهدافه، وهذا ما يسهل اختراقها فكرياً من باب التدين، واستنهاض القيم الدينية التي تصب في مصلحة التنظيم مثل الشهادة". وقالت الملحم إن "استقلالية المرأة في المجتمع السعودي معدومة، والتربية الفكرية لها تأتي لصالح نظام التبعية، خصوصاً لدى المتطرفين الذين يرون بأن المرأة جزء من ممتلكاتهم".
وترى الملحم أن "بيئة تنظيم القاعدة مرشحة لتنامي الأفكار المتطرفة بين أفرادها، وذلك من خلال المصاهرة التي تتم بعد مقتل أي عنصر من أعضاء التنظيم".
وأشارت الملحم إلى زواج هيلة القصير من مطلوبين أمنياً.
فقبل زواجها من الوكيل، كانت القصير متزوجة من عبد الكريم الحميد حتى تم وضعه تحت الإقامة الجبرية في الطائف بسبب أفكاره المتشددة. وقالت تقارير إن القصير سعت للحصول على الطلاق من عبد الكريم بغرض الزواج من الوكيل.
كذلك كانت وفاء الشهري زوجة قائد التنظيم حاليا في اليمن متزوجة من عبد الرحمن الغامدي الذي قتل في مواجهة مع قوات الأمن السعودية عام 2004.
وقالت الملحم إن هذا يمثل "بيئة خطيرة"، مضيفة أن تنظيم القاعدة "بدأ يقوى صفوفه من خلال المحافظة على أسر الإرهابيين الذين تم تصفيتهم أثناء المواجهات مع رجال الأمن السعودي".
وطالب محللون السلطات بمواجهة هذه الظاهرة.
فقد قالت الناشطة والمحامية سعاد الشمري إنه "من الضروري تكثيف البرامج التوعوية والتثقيفية والتوجيهية في المجتمعات والتجمعات النسائية، وتبيان طرق التبرعات والجهات المخولة بها والمعتمدة من الدولة". وقال الحرز إنه "لا زال الجهد الكبير في محاربة التطرف محصوراً في الجوانب الأمنية، والتي حققت نجاحاتها في هذا الجانب"، غير أنه قال إن هناك حاجة إلى وجود خطة إستراتيجية وطنية تشمل كل جهة لها علاقة بهذا الفكر، بحيث يشمل وزارة التعليم ووزارة الثقافة والإعلام ووزارة الشؤون الإسلامية.