في مقاله الرائع المعنون ( الطليعي باوزير أيام وذكريات) المنشور في العدد الأخير من مجلة الفكر( 39) كتب الأستاذ المؤرخ عبد الرحمن عبد الكريم الملاحي بعض من ذكرياته مع رائد الصحافة الحضرمية الحديثة الأستاذ أحمد عوض باوزير، ومن أبرز الذكريات التي ذكرها ولها دلالات على مصيبة الشعوب (إذا جهّالهم سادوا )، مشاهدته للأستاذ أحمد باوزير في حي الديس بمدينة المكلا بعد أن أممت صحيفته ومطبعته تحت شعارات ثورية سبعينية معروفة، ومما قاله الملاحي: " … فاستوقفني مشهد ظل عالقا في مخيلتي إلى لحظات كتابة هذه الذكريات .. لم يكن ذلك المشهد سوى جلوس الأستاذ أحمد عوض باوزير على كرسي أرضي يقف بجانبه أحد أبنائه وأمامه صندوق خشبي وضعت على سطحه عدد من الكتب يعرضها للبيع ،فدنوت منه مسلما ونظراتي مسلطة على الكتب المعروضة، فوقفتْ الكلمات وتلجلج لساني واعتراني حزن شديد، كان يحدثني بابتسامة تخفي وراءها المرارة والأسى ولا أتذكر الحوار الذي دار بيني وبينه ولكن صورة اللقاء ظلت ثابتة في مخيلتي ، وما أذكره أني انصرفت عنه دون كلمة الوداع، فهذا الرجل الطليعي يبيع كتبه ليعيش أبناؤه. كم هي مأساة الفكر أليمة في هذا الوطن" انتهى الاقتباس … وكما غادر الملاحي أستاذه مصدوما دون كلمة الوداع غادرت المقال (واعتراني حزن شديد) ولم أستأنف قراءته إلا بعد أيام ولكن الدموع تأبى إلا أن تكون حاضرة عند القراءتين وعزاؤنا أن كلمات باوزير الوطنية الصادقة ظلت هي الباقية ،ولا نحسب أن روحه الطيبة بعيدة عن مكان يتطلع فيه الناس إلى الخير، والصلاح، والحرية. رحم الله الأستاذ أحمد عوض باوزير، ومتع الأستاذ عبد الرحمن الملاحي بالعمر المديد، والصحة الدائمة.