سوق السبت أشهر واكبر سوق شعبي في حضرموت مازال يشبه كثيراً من الأسواق التي عرفها العرب في الجاهلية ،ويعد معلماً بارزاَ من المعالم التاريخية،ربط فيه الحاضر بالماضي وبروابط مقدسه يرفض الفكاك منها بملامح المستقبل بخيوط واهية لا تكاد ترى ،فهوا شاهد تاريخي على أنماط متنوعة من الحياة ومتحف حي يوثق كثير من العادات والتقاليد الشعبية وما تميزت به مناطق الضليعه وما حولها ،بل معرض متحرك لملامح حياة ثرية بالتنوع في شتى النواحي الاجتماعية والاقتصادية في الضليعه والمناطق المتصلة بها . وفي هذا التحقيق نطوف في أغوار ماضي وحاضر سوق السبت لنضع بين يدي القاري قطوفاً دانية مما تيسر الوصول إليه من ملامح شاهده على مدار تاريخه ،وحتى توقفه لدواعي أمنيه . من عكرمة حضن المولد إلى الضليعة قبر الممات منطقة عكرمة التاريخية التي كانت قاعدة الضليعه وحاضرتها ومحضن سوقها مما زادها شهره وحيث إلى اليوم السائد في الضليعه وما حولها يتم الكيل بالمصرى العكرمي أو ما يعادله،كمقياس متعارف عليه منذ قديم الزمان وذلك نسبة إلى سوقها الشهير. وقد كانت ذات شهره عظيمه به الناجمة عن طرق القوافل التي تمر بها بين حضرموت وجهات شبوه وحبان والحوطه إلى عدن . ويشير الكثير من المؤرخون ومنهم السقاف إلى قدم عكرمة وسوقها بل أشار البعض إلى أنها تعود إلى ما قبل الإسلام. وكان دمار وخراب قاعدة الضليعه وسوقها(عكرمة) قديماً كما يفيد المؤرخون على يد جيش وحملة السلطان بدر أبو طويرق سلطان الدولة الكثيرية آنذاك عام 949ه على خلفية رفض وعدم وقوف القبائل إلى صفه في حربه مع آل العمودي في دوعن وانما كانوا حينها في ولاء مع خصمه . وعلى يد هذه الحملة كان نهاية السكن بعكرمة وانتهاء شهرتها،مما جعل قبائل الضليعه تتخذ بحدود هذه الفترة من منطقة الضليعه قاعدة ومركز لها والتي سميت المديرية فيما بعد باسمها بدلاً من اسمها القديم (الريده) ،ورافق ذلك التحول سوقها الشهير،ويؤكدون باحثي التاريخ إلى أن السوق القديم كان يتبع المقايضة أي تبادل الحبوب بالحبوب وغيرها ، وعن تحديد يوم السبت ليكون يوم للتسوق تعرض فيه البضائع وتشترى يرجح الكثير على أن في ذلك اليوم تفتح التعاونية أبوابها لتوزيع الأغذية على المواطنين ،وفيه حددت السلطات المحلية والأمنية استقبال شكاوي المواطنين ومتابعة قضاياهم وعمل أي إجراءات ومتابعات تخص المواطن ،وعلى ذلك نظر الناس إلى ذلك اليوم على انه يتميز بحضور كبير من المواطنين فقصدوه لعرض بضائعهم، وهكذا استمر شيئا فشيئا إلى أن وصل على ما هوا علية اليوم ،وعندما شهد يوم السبت زخم بشري وتجاري في نفس الوقت ففضلوا الباعة الحضور من صباح ألجمعه لتسويق بضائعهم وتحضيراً لعرضها يوم السبت أضافه إلى حجز مكانهم.. وظل الناس يتداولون ذلك الموروث الشعبي ويتم أحياه داخل المدينة وحتى العام 1994م وحيث شهد منذ تلك الأعوام زخم بشري وتجاري كبير رافقه مظاهر حمل السلاح أثناء وبعد حرب الانفصال مما اضطر ساكنين المدينة إلى إخراجه خارج المنطقة ويبعد عنها بحوالي واحد كيلوا متر تقريباً. السبت :قلب الاقتصاد النابض وشريان الحياة سوق السبت الأسبوعي التقليدي يعتبر من إحدى المعالم التاريخية والاقتصادية والاجتماعية في مديرية الضليعه،قلب نابض للاقتصاد وشريان الحياة لأكثر من ثمان مديريات منها يبعث،الطلح،عرما،رخيه،عمد،دوعن،حجر،الضليعه ،وتشد إلية الرحال من مختلف مديريات حضرموت ومحافظات اليمن ليكون مصدر رزق للباعة والمشتريين ،وفي الوقت القصير الذي يبدأ من الساعة السادسة وحتى الواحدة ظهر من نفس اليوم يقدر حجم التبادل التجاري حسب دراسة وضعة على عينه من كل فئات التجار المختلفة من 35-45مليون ريال يمني. سوق السبت لم يكن بكر المولد والنشأة وانما منذ قدم الزمان تناقله قاطنين الضليعه عبر سلالات عديدة حتى أصبح موروث شعبي يعمل الجميع على إحياءه والحفاظ علية ليكون معلم تاريخي وخط تمويل اقتصادي ولكي يقدم خدمات إنسانيه قبل أن تكون استثماريه ،ويعد من اكبر وأشهر الوقفات الأسبوعية والأسواق الشعبية في حضرموت واليمن قاطبة ،ما يمتاز به سوق السبت من طابع تقليدي اثري أشبه بأسواق العرب في العصر الجاهلي حيث يفترش ألباعه ببضائعهم الأرض وتباع الأسماك تحت سعير الحرارة وغبار الرياح،وزبيب وعنب تحت سقف من الإشرعه بجانبه يباع تفاح لبناني ورمان. ويضم السوق عدداً من الأسواق الفرعية منها سوق الخضروات واللخم ،وسوق الأغنام ،وسوق المواد الغذائية ،وسوق الكماليات ،وأسواق أخرى تمزج بين العديد من السلع . الحرف الشعبية في سوق السبت رغم عراقة سوق السبت لم تنشا فيه أو في المناطق استجلابه حرف نوعيه متميزة،عدا بعض الحرف التي لا تختلف عن غيرها من الحرف التقليدية في غير المناطق من البلاد،وأبرزها ألحداده وعمل الأواني من الجلود لحفظ الماء،وصناعة الحلوى بأنواعها ،وشغل الأواني المنزلية من حصير النخل ،وعصير الجلجل وغيرها من الحرف التقليدية الأخرى . من حلم التحرر من دهاليز التلادة إلى فقدان الموروث كان يتطلع المتسوقون بان يغدو سوق السبت معلماً اثرياً من آثار الضليعه يوثق التاريخ دون أن يعطل عجلة الحاضر وإطلالة المستقبل ،ويتطلعوا إلى أن لا يظل السوق ومتسوقوه أسرى للماضي متمترسين خلف دهاليز التقليدية والتلادة وتفترش فيه بضائعهم الأرض ،وبدلاً من هذا وذاك يتشوقوا لرؤية مدينه ذات مراكز تجاريه راقيه كمدن الأمم الفقيرة وأسواق لا يعوزها التنظيم،فكان على العكس تمام من ذلك لم تجد سحابة الصيف العابرة مرفآ يحتضنها لتظل عالقة في عالم النسيان الأبدي،ذهب حلمهم أدراج الرياح وخاب آملهم وبدلاً من ذلك كله فأجاهم أصحاب القرار بقرارهم التعسفي الذي تم أحاكته في جنح الظلام بإيقاف سوق السبت الأسبوعي ابتداءٍ من تاريخ 31/3/2012م وحتى إشعار آخر لدواعي أمنيه . صدمه قويه أصاب بها المواطنين وخاصة أبناء الشريحة الفقيرة التي تؤمن به كمصدر رزقها الأسبوعي ففيه تبيع ما حصلت علية خلال الأسبوع لتشتري ما يسد حاجتها حتى قدوم الأسبوع الآخر وعلى هذا السيناريو يستمر حياتها ،صخب بين أوساط المواطنين عن هذا القرار وعن مستقبل وحياة هذه الشريحة ،بينما يعتبره البعض إعدام جماعي بحقهم غير مباشر وبأداة غير السيف والبندقية تمتد فتره طويلاً ،والبعض الآخر يوصفه بأنه حصار اقتصادي مفروض على المديرية وساكنيها وبالأخص للبضائع ألمستورده من خارجها ويجمع الجميع على أن القرار قبلي في صبغة سياسيه له خفايا غير معلن عنها. يأتي ذلك القرار على خلفية الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة من اشتباكات بين عناصر الأمن وأنصار القاعدة . وتفيد مصادر محلية بان هناك تحركات من بعض مشايخ القبيلة الذين لم يكن لهم حضور في قرار توقيف السوق تطالب بعودته أو نقله إلى أراضيها إذا لم تكن هناك رغبة في إبقاءه مكانه. مبررات إيقاف السوق غير مقنعه للسواد الأعظم وخلال جولتنا في حاضر وماضي سوق السبت وعن قرار توقفه وما يترتب علية من عواقب حرصنا على أن نلتقي بمثقفي المنطقة وكان منهم:الأستاذ/علي عبدالله باشميل أوضح أن المبررات التي استند إليها قرار توقيف سوق السبت ومنها الدواعي الأمنية لم تكن مبررات مقنعه للسواد الأعظم من أبناء المديرية على حد قولة .مضيفاً بان القرار تجاهل المصلحة ألعامه التي تكمن في استمرار السوق كونه يلبي متطلبات المجتمع. أما من خلال ربط الإيقاف بالدواعي الأمنية على خلفيه الأحداث الأخيره التي شهدتها المنطقة مع عدم رؤية أي مظاهر لتامين المنطقة والتحكم في مداخلها ووضعها تحت السيطرة الكاملة من قبل الجهات الأمنية اعتبر ذلك القرار واهياً في حد ذاته ،وناشد باشميل الجهات المسئولة من سلطه ومشائخ واعيان إلى أعاده النظر في القرار والعدول عنه، ودعاء إلى تنظيمه وترتيبه بما يخدم المنطقة والعمل على تطويره وتحسينه لرؤيته مركز تجاري في المستقبل يلبي كافة احتياجات ومتطلبات مجتمع الضليعه وما حولها . القرار طمس لهوية ومعلم تاريخي الأستاذ/ محمد سالم باكرشوم باحث تاريخي من أبناء المنطقة وحول قراءته للقرار من الناحية التاريخية اعتبره طمس لهوية ومعلم تاريخي كان يفتخر به الجميع الذي هوا أقدم من الأجيال الحاضرة والماضية بكثير ،ولمكانته المرموقة والتي لم يأتي ذلك الزخم البشري والتجاري من فراغ وانما عبر تدرج زمني قديم . وأوضح أن سوق السبت فرض نفسه بان يكون في هذه المنطقة دون غيرها لخلفية تاريخيه مهمه لها اثر على سوابق أن تكون الضليعه محور هذا النشاط خلفاً لعكرمة. معتبر الذرائع التي بني عليها القرار بعيده كل البعد ولا ينظر متخذوه إلى مكانته التي يتمتع بها والقوة الاستهلاكية التي أصابت الناس في مدا خيلهم ومستوى معيشتهم. وأضاف باكرشوم بان القرار كان مفأجي للمواطنين ومجحف بحقهم من الناحية الاقتصادية،ولم يكن مدروس ،وتسأل عن موافقة السلطة المحلية على إيقافه ،كيف وهي أداره لتدير الأمور؟ والتعرف على ما سيحدث بعد القرار من عواقب وسلبيات وخيمة. وناشد في ختام حديثة إلى من يهمه الأمر والذين غفلوا عن قوة ومكانة السوق ألتاريخيه وحجم التبادل التجاري الذي يحتضنه إلى العدول عن قرارهم الذي كان ضحيته كل المواطنين والإسراع في البت فيه والبحث عن حلول بديله وحتى لا تتفاقم المشاكل التي كان المجتمع في غنى عنها. الأشعار الآخر.. ووقته المرتقب صفحات الفيس بوك هي السباقة إلى صناعة الثورات،وعند إعلان إيقاف سوق السبت شهدت حراك قوي من الدرجة الأولى بين مؤيدين ومعارضين من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة المقيمين داخل الوطن وخارجه ،مشككين في خلفية القرار كونه لا يخدم المصلحة ألعامه وتجاهله متطلبات شعب كامل ما يزيد عن المليون نسمه باستثناء الوافدين علية من خارج المديرية والمحافظة ،ومن حسن حظ أصحاب القرار عدم تواجد خدمة ألنت في مديريتهم وإلا لأشعلت ثورة ضدهم بناء على ما نطالعه بشكل يومي في صفحات الفيس من حراك ناتج عن شباب متحمس إضافة إلى جانب الباعة والمنتفعين منه . وكونهم بعيدين عن المنطقة وأهلها اتخذوا الفيس قناة للتواصل عن مجريات الأمور وتطورها ،وعن سؤالهم اليومي متى سيكون الإشعار الآخر وعسى أن يكون قريب فلم نجد له الإجابة عند سلطتنا الرسمية ولا مشايخ واعيان وحتى الشارع لم يدركها بعد.