أصبح الحديث في السياسة على مستوى الساحة الحضرمية حديثا سائدا بين شريحة واسعة من أفراد المجتمع .في الشارع , في المقهى , في مقرات العمل ! يتداوله الناس من الأمي إلى المتعلم إلى المسيس مرورا بمن بين هؤلا كل بحسب ثقافته . ذلك كان نتيجة من نتائج الحراك الاجتماعي الذي شهدته حضرموت كغيرها من مناطق اليمن بل والبلدان العربية , خاصة بعد إسقاط عدد من الأنظمة العتيقة فيها فيما سمي بثورات الربيع العربي .. وهو حديثا مشروع طالما أنه مرتبط بحياتهم وطريقة عيشهم ومستوى إستقرارهم خاصة حين يكون حديثا موضوعيا يعتمد على الخبرة والمعرفة والقدرة على التحليل … إلا أن بعضه يفتقد لذلك ويعود هذا إلى أن بعض الكيانات السياسية الموجودة على الساحة اليوم قد أعتمدت على عمليات الشحن العاطفي لمنتسبيها وأنصارها على حساب عمليات الإقناع العقلي مما يجعل النقاش في كثيرا من مراحله يتخد طابعا عاطفيا متشددا يفرق ولا يجمع … يعكس ذلك مستوى البعد الذي كانت ولازالت عليه الأحزاب والتيارات السياسية في المحافظة سلطة ومعارضة عن جماهيرها حيث أقتصر دور العضو فيها على حمل البطاقة لا غير وربما تردد البعض منهم على مقراتها لتعاطي القات وتبادل أحاديث القيل والقال ليجد نفسه اليوم في قلب الحدث ومطلوب منه ان يقوم بدورا فيه منطلقا من معاناته متطلعا نحو مستقبلا زاهر حلم به كثيرا مثلما حلم به أبيه وجده من قبل . حتى تلك الأحزاب العقائدية المخضرمة فقد كان نشاطها في حضرموت ضعيفا وموسميا يبرز مع كل مرحلة إنتخابية يخاطبون من خلاله عقول الناس وقلوبهم عن الإنجازات والماضي الذي عاشته في ظل حكمهم وسيادتهم بهدف الحصول على أكثر عدد من اصوات الناخبين والتي لا يحصلوا إلا على القليل منها في الوقت الذي تحصد معظمها تلك التي تعودت في مثل هذه المناسبة على مخاطبة معدة المواطن الخاوية قبل عقله القلق من خلال المساعدات العينية ( كقطمة) السكر والأرز ودبة الزيت . وعليه فالإعتماد على عمليات الشحن العاطفي والاكتفاء به على حساب الإقناع العقلي قد يخلق تحركات جماهيرية واسعة وقوية ولكنها سرعان ما تضعف بضعف المؤثر او بدخول مؤثر جديد لذلك فان الجماهير تشكل قوة لا يستهان بها إذا تم توعيتها بأهدافها وصنفت بحسب إمكاناتها وإلا أصبحت عبئا على تياراتها السياسية بل خطرا يهددها في بعض المراحل الحاسمة . فالكثيرون لا زالوا يتذكرون الصورة التي كانت تبثها الفضائيات من داخل الساحة الخضراء بطرابلس للجماهير الليبية المدججة بالسلاح , المناصرة لقائدها (معمر القذافي ) والمستعدة للدفاع عنه حتى آخر قطرة دم في شرايينها بحسب تعبيراتها وشعاراتها الحماسية ولكنها اختفت بمجرد دخول المناوئين له إلى طرابلس بل أن الكثير منهم كان في استقبالهم ومنهم من انضم إليهم وألتحم بهم وفي مصر خرج معظم شعبها ضد النظام السابق حتى أسقطوه وفي أول انتخابات تنافس فيها النظام البائد ممثلا في أحمد شفيق مع قوى الثورة المتمثلة في عدد المنافسين كان أحمد شفيق قاب قوسين أو أدنى من الفوز بكرسي الرئاسة بالرغم من أن الانتخابات تمت في مناخ ثوري وفي مجتمع يعتبر أكثر مدنية من غيره من المجتمعات العربية الأخرى والأمثلة كثيرة تلك هي العامة التي على السياسيون عدم الاستهانة بدورها أو تهميشها وفي نفس الوقت عدم الاعتماد عليها كليا في عملية القيادة وإنما يجب تصنيفها بحسب إمكاناتها وتوعيتها بأهدافها وتمكينها من وسائل انتزاعها ورسم الطريق واضحا أمامها ثم تقدم صفوفها حتى لا تقطع هي بدورها أمامهم طريق النجاح.