باللأمس القريب وبحزن بالغ ودّعت مدينة الهجرين التاريخية والقرى المجاورة لها واحد من خيرة أبنائها الذين ظلوا محافظين على الفن المعماري والبيئة للمدينة والمناطق المحيطة بها ألا وهو معلّم البناء بالطين بل المهندس يسلم أحمد عسكول هذه الشخصية المعروفة لدى أهالي الهجرين في الداخل وبلدان الاغتراب وخاصة المملكة العربية السعودية لأنه لا توجد منطقة من مناطق الهجرين إلا وبصمات المعلّم يسلم عسكول أو أحد أشقائه الثلاثة عمر وعوض وسالم رحمهم الله جميعاً بادية على منازلها المكونة من الطين بل أصبحت هذه الأسرة(آل عسكول) نار على علم في مجال البناء بمادة الطين بما امتازت به أنامل هؤلاء البنائين من مهارة فنية وتعامل مبدع في عملية بناء المنازل والمساجد والمنشآت التربوية والصحية من مادة الطين المعجون بالقش ليعطي هذه المادة تماسك وقوة مما جعل هذه المنازل والمنشآت تقاوم عوامل وتقلبات الطقس والأمطار وكأنها بنيت بالأمس وليس منذ عشرات بل مئات السنين . لقد جمعتني بمهندس البناء يسلم أحمد عسكول وبحكم القرابة جلسات عدة سواء في مدينة المكلا أو في مدينة الهجرين فتجده مرح بروح الشباب برغم بلوغه من العمر عتياً فهو على معرفة تامة بتاريخ الهجرين وخاصة عندما يحدثك عن تاريخ الأفراد والأسر التي هاجرت من الهجرين واتخذت من المملكة العربية السعودية موطناً لها قبل حوالي 60 و70 سنة وكيف استطاعت هذه الأسر بفضل الله تعالى وجهودها أن تبني لها بيوتاً تجارية مشهورة في المملكة وأن بعض من أفراد هذه الأسر كان زميل طفولة مع المعلّم يسلم عسكول بل البعض جار لا تزال منازلهم عامرة في مدينة الهجرين إلى اليوم إلا أنه ظل عزيز النفس فعاش مستور الحال لا يمد يده إلى أحد واعتمد على عرق جبينه وله من الأولاد خمسة وبنت . إن الواجب الوطني يحتّم على الجهات المسؤولة الحفاظ على المدن التاريخية والبيئة والتراث المعماري والسلطة المحلية بمحافظة حضرموت وأبناء مدينة الهجرين والقرى المجاورة لها المهاجرين في المملكة العربية السعودية تكريم مثل هؤلاء المبدعين عرفاناً لما قدموه من عطاء وخدمات جليلة لمناطقهم بشكل خاص وللوطن بشكل عام من خلال محافظتهم على التراث الإنساني وفن العمارة الطينية والحفاظ على البيئة . تغمد الله روح معلّم البناء المهندس يسلم أحمد عسكول وأسكنها فسيح جنانه وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان . (إنا لله وإنا إليه راجعون)