بسمة ربانية تغادرنا    من أقرب أصدقائه علي ناصر ومحمد علي أحمد.. وقت محنته تخلوا عنه    توافقات بين رئيس اتحاد الكرة مع لجنة وزارية لحل مشكلة أندية عدن    مبادرة وطنية ترفض أي مفاوضات جديدة بشأن الأسرى قبل الكشف عن مصير قحطان    جماعة الحوثي تعلن ايقاف التعامل مع ثاني شركة للصرافة بصنعاء    أمطار رعدية غزيرة على 15 محافظة خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للمواطنين    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    مأساة في تهامة.. السيول تجرف عشرات المساكن غربي اليمن    ثلاث محافظات يمنية على موعد مع الظلام الدامس.. وتهديد بقطع الكهرباء عنها    أبوظبي اكستريم تعلن عن طرح تذاكر النسخة الرابعة التي ستقام في باريس 18 مايو الجاري    عندما يغدر الملوك    النائب العليمي: مليشيا الحوثي تستغل القضية الفلسطينية لصالح اجندة ايرانية في البحر الأحمر    جزار يرتكب جريمة مروعة بحق مواطن في عدن صباح اليوم    قارورة البيرة اولاً    أساليب أرهابية منافية لكل الشرائع    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    المحطات التاريخية الكبرى تصنعها الإرادة الوطنية الحرة    مهام العليمي وبن مبارك في عدن تعطيل الخدمات وإلتقاط الصور    حرب غزة تنتقل إلى بريطانيا: مخاوف من مواجهات بين إسلاميين ويهود داخل الجامعات    متصلة ابنها كان يغش في الاختبارات والآن يرفض الوظيفة بالشهادة .. ماذا يفعل؟ ..شاهد شيخ يجيب    أتالانتا يكتب التاريخ ويحجز مكانه في نهائي الدوري الأوروبي!    الدوري الاوروبي ... نهائي مرتقب بين ليفركوزن وأتالانتا    ضوء غامض يشعل سماء عدن: حيرة وتكهنات وسط السكان    العدالة تنتصر: قاتل حنين البكري أمام بوابة الإعدام..تعرف على مراحل التنفيذ    الحوثي يدعو لتعويض طلاب المدارس ب "درجات إضافية"... خطوة تثير جدلا واسعا    قوة عسكرية جديدة تثير الرعب لدى الحوثيين وتدخل معركة التحرير    لا وقت للانتظار: كاتب صحفي يكشف متطلبات النصر على الحوثيين    ولد عام 1949    الفجر الجديد والنصر وشعب حضرموت والشروق لحسم ال3 الصاعدين ؟    فرصة ضائعة وإشارة سيئة.. خيبة أمل مريرة لضعف استجابة المانحين لليمن    هموم ومعاناة وحرب خدمات واستهداف ممنهج .. #عدن جرح #الجنوب النازف !    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    باذيب يتفقد سير العمل بالمؤسسة العامة للاتصالات ومشروع عدن نت مميز    أمين عام حزب الشعب يثمن موقف الصين الداعم للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة مميز    دواء السرطان في عدن... العلاج الفاخر للأغنياء والموت المحتم للفقراء ومجاناً في عدن    منذ أكثر من 70 عاما وأمريكا تقوم باغتيال علماء الذرة المصريين    لعنة الديزل.. تطارد المحطة القطرية    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدوان على لبنان كله والأمة بأسرها
نشر في حشد يوم 22 - 12 - 2010

ليس هو مجرد تسييس مكشوف الأغراض والمرامي هذا الذي نلمسه كل يوم في عمل المحكمة الدولية ولجان تحقيقها وقرارها ألاتهامي الموعود والاستقالات المتلاحقة لكبار العاملين فيها، والتسريبات المتدفقة عن توجهاتها، والآتية من معظم العواصم، بالإضافة للمخالفات الدستورية العديدة التي ينطوي عليها إقرارها ذاته تحت الفصل السابع، بل أن بعض القيّمين عليها يريدون لعملها أن يكون أيضاً تحضيراً لعدوان قضائي شامل لا يقل في خطورته عما شهده سابقاً لبنان ودول المنطقة من مؤامرات وحروب وفتن، كما لا ينحصر، كما يظن بعض قصيري النظر، باستهداف المقاومة وحدها.
فما شهدته مصر عام 1967، بكل مقدماته والنتائج، لم يهدف إلى إسقاط جمال عبد الناصر وما تمثله قيادته من وزن كبير على المستويات القومية والإقليمية والدولية فحسب، بل كان الهدف أيضاً إسقاط دور مصر والنيل من أمنها القومي من ضمن إستراتيجية أعلنها هنري كيسنجر بعد حرب تشرين 1973، حيث تحدث عن اصطياد السمكة الكبيرة (أي مصر) ثم يسهل اصطياد السمك الصغير.
وما شهده العراق على امتداد عقدين، من حصار فحرب فاحتلال، تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل، لم يكن، كما يتضح اليوم، يستهدف نظاماً أو حزباً أو فرداً فقط، وإنما العراق برمته، كما لم تكن الحرب على العراق حرب "تحرير" أو "تغيير"، كما توهم المتورطون في الرهان على المحتل، بل كانت مؤامرة ضخمة ضد بلد عربي وإسلامي هام تستهدف تدمير وحدته وتزييف هويته وتعطيل دوره التاريخي المعروف ونهب موارده الغنية وضمان أمن الكيان الصهيوني، بل كانت تلك الحرب مؤامرة تسعى إلى تصدير الفتن العرقية والطائفية والمذهبية من العراق إلى المنطقة كلها باسم مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أعلن بوش الأصغر عنه عشية حربه على العراق عام 2003، كترجمة "للنظام الدولي الجديد" الذي أعلن بوش الأكبر ولادته عشية حربه على العراق أيضاً عام 1991، ولا ننسى هنا أن نتذكر محاكمات العراق "بإشراف دولي" وما أثارته من اعتراضات حتى داخل أهل البيت الدولي نفسه.
وما يشهده السودان منذ عقود، والذي سيصل إلى ذروته خلال أيام عبر تقسيمه وفصل جنوبه عن شماله، لا يستهدف رئيسه وحده، كما ظن كثيرون حين صدرت مذكرة أوكامبو بتوقيفه، والتي أعلنها البيت الأبيض قبل صدورها، كما لا تستهدف النظام القائم منذ 21 عاماً فحسب، بل يستهدف بلداً هو الأكبر، وربما الأغنى، في دائرتيه العربية والأفريقية، ويستهدف ثرواته وموارده ودوره الهام في التواصل العربي – الأفريقي – الإسلامي، كما يستهدف من خلاله أمن مصر القومي والمائي لشطب أي تأثير لهذا البلد الكبير ذي الدور الفاعل عربياً وأفريقياً وإسلامياً وعالمياً.
وما تعرضت له سوريا، وما تزال، من ضغوط وانقلابات وحروب وأحلاف ومشاريع، وتحت ذرائع مختلفة، بما فيها "الذريعة" القضائية ذاتها قبل سنوات، والتي تستهدف اليوم المقاومة في لبنان، إنما كان، ولا يزال، يستهدف موقع سوريا الإستراتيجي، وتراثها الوطني والقومي العريق، وواقعها، القديم والحديث، العصي على كل محاولات الإخضاع والإذعان، حيث لم تبق وسيلة من الوسائل، ولا ذريعة من الذرائع، للنيل منها إلاّ واستخدمت ضدها.
أما الجزائر، وقد كان معوّلاً عليها كثيراً في مواجهة المخططات والقوى المعادية للأمة، فقد أُدخلت على مدى عقدين في دوامة من العنف الداخلي، بكل وجوهه وذرائعه، لإخراجها من معادلة الصراع في المنطقة لاسيّما بعد وقفة رئيسها بومدين الشهيرة بعد حرب 67 إلى جانب مصر وسوريا، وهي وقفة قيل أنه دفع حياته ثمنها، كما دفعت الجزائر بسببها الكثير مع أعداء لا يغفرون أبداً لمن تحدى إرادتهم ولو مرة واحدة.
حتى في لبنان نفسه، فالشواهد كثيرة على كيف يستخدم أعداؤنا الذرائع لتمرير مخططاتهم، ألم يكن غزو 1982 يتذرع بإخراج منظمة التحرير من لبنان، فخرجت المنظمة وبقي الاحتلال والحروب المرافقة له 18 عاماً.
وما يصح على هذه الدول الهامة، يصح على كل دولة أخرى، حيث يُحضّر لكل دولة أسلوب إرهاقها وإضعافها ومحاصرتها وتفتيتها، والذرائع دائماً حاضرة، بهدف شل قدراتها ونهب مواردها، وإدامة تخلّفها، ومصادرة حق شعبها بالمشاركة، ومحاصرة حرياته الخاصة والعامة.
ومن هنا، فالعدوان القضائي "المرتقب" على المقاومة باسم "المحكمة الدولية الخاصة المستقلة بلبنان"، هو في جوهره، حتى إشعار آخر، عدوان شامل على شعب لبنان بأسره عبر إثارة فتنة تنجح فيما لم ينجح في تحقيقه كل ما مرّ على لبنان من حروب وفتن، كما أنه عدوان على الأمة كلها عبر النيل من أحد أبرز عناصر قوتها، التي تعتدُّ بها وتعّتز، وهي المقاومة اللبنانية المجاهدة التي لم تعد تشكل عنصر ردع وتوازن مع العدو الصهيوني وحلفائه فحسب، بل باتت أيضاً عامل إحراج كبير لنهج التسوية السياسية الذي أُقحمت الأمة فيه منذ عقود فازدادت ضعفاً وتشتتاً وتراجعاً، فيما ازداد العدو غطرسة وعنجهية واستهتاراً بكل الأعراف والمواثيق والقرارات والعلاقات، كما نرى اليوم مع احتضار المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين رام الله وتل أبيب.
بل أنه عدوان على العدالة والحقيقة في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لا لأنه يخضع هذه القضية الهامة لألاعيب وتجاذبات ومناورات باتت معروفة الغايات والأغراض فقط، بل لأنه يصرف الأنظار عن الجناة الحقيقيين والمجرمين الأصليين الذي كانوا الأكثر استفادة من تلك الجريمة، وهم الأكثر قدرة على تنفيذ مثلها، بل هم أصحاب سوابق عديدة في ارتكاب الجرائم ولصقها بغيرهم.
ومن هنا فليس من حق حزب الله أن يدافع عن نفسه بوجه هذا العدوان القضائي المرتقب فقط، بل أن من واجبه، (كما من واجب كل أحرار لبنان والأمة والعالم)، التصدي لهذا العدوان "القضائي" المرتقب الذي يستهدف أعداؤنا من خلاله ضرب لبنان كله والأمة بأسرها.
وإذا كان سماحة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه عشية اليوم العاشر لذكرى استشهاد الإمام الحسين (ر)، كما في خطب سابقة، قد رسم لهذه المواجهة وسائلها وسبلها وحدودها، مؤكداً على أنها مواجهة مع المحكمة الدولية المسيّسة نفسها، لا مع أي طرف لبناني، بل داعياً الأطراف كلها إلى إيجاد الصيغة القادرة على إخراج الوطن من آثار ذلك العدوان وتداعياته الخطيرة، فإن إشارتين هامتين صدرتا من سوريا وتركيا، في الوقت عينه، قد كشفتا عمق التحسس بما يخطط للمنطقة من مؤامرات وفتن واحتراب أهلي.
فبقدر ما كان اللقاء الإسلامي – المسيحي في دمشق، عرين العروبة الجامعة، رسالة واضحة لكل المصطادين في المياه الطائفية العكرة بأن إرادة الوحدة الوطنية والقومية ستهزم مخططاتهم، فأن خطاب رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان في ذكرى عاشوراء وإلى جانبه د. علي أكبر ولايتي مستشار الإمام على خامنئي، هو رسالة قوية إلى كل نافخ في نار الصراع المذهبي على امتداد الأمة، وتأكيد على أهمية أن تصبح ذكرى عاشوراء يوماً للوحدة الإسلامية لكي يصبح حلم التفرقة المذهبية آخر الأحلام الصهيونية والاستعمارية بل آخر كوابيسها.
غير أنه ما لا يقل أهمية عن الرسالتين العربية والإقليمية، هو ما تم كشفه في أعالي جبال لبنان، في صنين والباروك، من منظومتي تجسس بالغتي الدقة والخطورة، وفي توقيت لا يقل كذلك أهمية وخطورة.
فالأهمية الحقيقية للكشف عن هاتين المنظومتين التجسسيتين الخطيرتين لا يكمن في أهميتهما الأمنية والإستراتيجية فقط، ولا في النجاح الجديد لمظلة المعادلة الذهبية: شعب + جيش + مقاومة في صون أمن الوطن واستقلاله واستقراره فحسب، بل أنه كشف مرّة جديدة، وبعد ما كشفته من شبكات التجسس الصهيونية، لاسيّما المتصلة منها بقطاع الاتصالات، عن عمق الاختراق الصهيوني، للبشر كما للحجر، للجبل كما للبحر والسهل، للاتصالات الثابتة كما الخليوية، للسلكي كما للاسلكي، وهو اختراق وصل إلى ذروته مع سنوات الزلزال السياسي والأمني والأخلاقي والقيمي الذي ضرب لبنان بعد القرار الدولي 1559، ثم بعد أشهر مع اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.
ألا يسمح لنا حجم الاختراق الصهيوني هذا، والذي سبق عملية الاغتيال، واتسع بعدها، أن نسأل القابعين في هدوء لاهاي والمتنعمين بجمال طبيعتها: ألا تستحق تل أبيب أن تكون متهماً افتراضياً في جريمة كانت هي أكثر من استفاد من وقوعها، ثم ألا يحق لنا أن نسأل هؤلاء أيضاً: ألا يشكل إهمال الفرضية الإسرائيلية بالكامل من قبلهم، رغم القرائن التي توفرت، عدواناً سافراً على الحقيقة والعدالة والأصول القانونية، وبالتالي على لبنان كله.
لقد تحكموا بنا سابقاً بجيوشهم، ثم بأحلافهم ومشاريعهم، ثم بإرساليتهم التبشيرية، ووصفات صناديقهم الدولية، ثم بغزوهم الثقافي وهيمنتهم الإعلامية، فهل يريدون اليوم أن يتحكموا بنا عبر "قضائهم" الدولي...
قليلاً من التبصر والتدقيق أيها المعنيون بالأمر، وكثيراً من الإقدام والشجاعة ومراجعة المواقف والخروج من المزايدات... فظروف اليوم غير ظروف الأمس... وما كان ممكناً تحقيقه قبل سنوات بات صعب المنال اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.