عبد الفتاح حيدره: تسير الأحداث في العالم العربي بوتيرة عالية لتأتي نتائجها الثورية متسارعة فمنها المفاجئ كما حدث في تونس والمدهش كما في مصر، والمرعب كما في ليبيا، والعاطفي كما في البحرين، والغامض كما في اليمن، والمريب كما في سوريا.. ان لكل حالة من هذه الدول معادلة يجب دراستها وتمحيصها جيدا لمعرفة أسباب نجاح الثورة التونسية والمصرية وتحطيمها مراحل الخطر التي تحيق بالثورة الليبية والأزمتين اليمنية والسورية. هذا الأمر وضعني في حيرة من امري ولأقنع ايماني وعقلي وفكري بضرورة التفكير الآمن لم اجد أمامي سوى اللجوء الى التفكير العلمي التطبيقي لدراسة كل حالة مما اضطررت الى وضع كل حالة وتحويلها الى معادلة ومسالة حسابية لها قوانين ونظريات وقواعد وأسس لا يمكن القفز عليها او تجاوزها لعل وعسى ان أجد مخرجا يمنحني الطمأنينة والسكينة ليثبّت إيماني ويمنحاني القوة لأناقش من حولي دون ان انزلق لأحد او ابتز احد، وان اكون غير مدرك لما يجري من حولي يستخدمني المدرك لما يجري لصالحه كبش فداء دون ان اعلم وكي لا أكون جاهلا لأعرض نفسي وغيري للخديعة. وعودة على ذي بدء طرحت الأزمة اليمنية كمعادلة اذ بدأت بطرح السؤال البديهي الأول وهو: هل ستأتي الثورة التغييرية بالأفضل ام الأسوأ؟ وحينها تذكرت النظرية العلمية التي مفادها " ان جميع النتائج للأحداث لا تأتي متسارعة إلا في حالة واحدة فقط، وهذه الحالة هي عندما يكون لديك مسالة وحلها معقد فعليك ان تضع الحلول على صورة تخطيط مسبق ومدروس بشكل لا يحتمل التأويل والتكهن والشك وهذه الحلول هي الاحداث التي تساعدك في حلها لتكوين نتائج حتمية متسارعة، والأحداث الراهنة تنبئ عن مستقبل غامض، تتصارع فيه التنظيمات والمذاهب والقبائل. ولتطبيق هذه النظرية على السؤال السابق وجدت ان الإجابة جعلتني أتقيّد بالإجابة العقلية التي يحكمها العقل والمنطق لأجد الآتي: 1. لا تتسارع نتائج الإحداث إلا إذا كان مخطط لها مسبقا بشكل مدروس. 2. ان التخطيط المدروس لنتائج الأحداث لا يأتي بنتائج متسارعة مرتبة ومنظمة بشكل دقيق. وهنا لو أعدنا قراءة السؤال البديهي الأول سنجد أنفسنا في حالة هذيان مسموع بالخوف من القادم بعد التغيير وهو أمر يحمل وضع التردد والشك. وهنا سنجد أنفسنا مجبرين على الإجابة عن السؤال الأول الذي إجابته ستشكل بحد ذاتها سؤال وسنظل ندور في حلقة مليئة بالأسئلة وفي حالة هذيان وهستيريا مستمرة. وخروجا من هذه الحالة التي تغذي البلادة العقلية دعونا نفسر ما هو الأسوأ وما هو الأفضل للتغيير. الأفضل طبعا هو التغيير السلمي للسلطة، ولكن الأسوأ هو ما يحدث الآن في ساحات التغيير وهو كالتالي:
الفئة الأولى الشباب حركة شبابية طاهرة تحاول ان تأتي بالأفضل، وركوب الموجة عليهم جعل منهم كبش فداء لكل من يحاول استخدامهم من اجل الحصول على صفقات عبرهم وللمزايدة بهم.
الفئة الثانية تنقسم الفئة الثانية الى أربعة أقسام 1. المشترك.. مجموعة أحزاب لها قيادات فكرية وأكاديمية اتخذت الغطاء السياسي الفاقد للوجاهة القبلية والدينية والعسكرية. 2. العسكر.. مجموعة "علي محسن" استخدمت الغطاء العسكري الفاقد للوجاهة القبلية والدينية. 3. العلماء.. مجموعة "الزنداني" استخدمت الغطاء الديني الفاقد للوجاهة القبلية. 4. المشائخ.. مجموعة "حميد الأحمر" استخدمت الغطاء القبلي لحماية الوجاهة التي تضم تحت إبطها معظم الوجاهات في اليمن حسب رأيها المتحكم بكل شيء في اليمن حسب العرف.
الفئة الثالثة صراع القوى الفئة الثالثة تمثل صراع القوى "منطقة النفط" كالتالي: 1. الانفصاليين.. يبحثون عن السلطة والثروة في المحافظات الجنوبية "الولاءات لدول النفط وحماية الغرب وأمريكا لهم". 2. الحوثيين.. يبحثون عن دولة شمال الشمال "الولاء المذهبي لايران وصراع القوة الكبرى".
الفئة الرابعة الاحتلال الفئة الرابعة تمثل الاحتلال "انهاء مشروع الشرق الاوسط الكبير" كالتالي: 1. القرصنة.. تستخدم بحجة حماية المياه الدولية بالقرب من خليج عدن.. 2. القاعدة.. تستخدم بحجة الحرب على الإرهاب.
وهنا سنجد الآتي: 1. شكل الشباب رأي للتغيير أو سيستخدم الشباب وثورتهم ككبش فداء من اجل ان تخرج الفئة الثانية وهم المشائخ والعلماء والعسكر والسياسيين كغطاء ثوري ظاهري وغطاء اجندة خاصة باطنيا لكل فئة.. 2. بمجرد عدم التواصل لاتفاق ستستخدم كل فئة شبابها وأعضائها للتصعيد من اجل ان تبتز الأخرى. الأمر الذي سينتج عنه خلق قوى تصارع تبدأ بالصراع السياسي مرورا بالصراع العسكري والقبلي، وهذا الأمر لا ينتج عنه سوى أمر واحد فقط وهو "أمراء حروب".. والصومال مثال كبير.. 3. عند الدخول في مرحلة أمراء الحروب سيلجأ البعيدين عن المواجهة المعقدة الى خروج الحوثيين بدولتهم الجغرافية الموالية لإيران والتي تريد اطباق كماشتها على دول الخليج بدون العراق الموالية ودولة الحوثيين. وبعدها ستخرج دولة الجنوبيين كحل رديف موازي للقوى في جنوب الوطن للبحث عن توازن لحفظ مصالح امريكا والغرب المهددة في منطقة النفط من إيران والقاعدة برا والقرصنة بحراً.. 4. ما ان ينقسم شمال الشمال وجنوب الوطن الذي سيخلق ملاذا آمن لتنظيم القاعدة وهو أمر سيدعو الدول الكبرى لحماية مصالحها وحماية حلفائها بالتدخل العسكري بحجة الحرب على الإرهاب وحماية الحياة الدولية ينتهي الأمر بالاحتلال السهل واليسير..