منذ توقيع المشترك وشركائه والمؤتمر وحلفائه على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الرياض في ال 23 من نوفمبر المنصرم، ظهر وكأن الشباب في الساحات أصبحوا يغردون خارج السرب جراء رفضهم للاتفاق في ظل الدعم الإقليمي والدولي الكبيرين له والحرص على إنجاحه على ارض الواقع، إضافة إلى أن المؤشرات تظهر أن الأغلبية الصامتة داخل المجتمع اليمني تميل إلى تأييد الحل السلمي للازمة خاصة مع التململ من طول عمر الثورة ، وعدم قدرة الغالبية من اليمنيين تحمل المزيد من الآثار السلبية للازمة على مختلف نواحي الحياة. * هذا الوضع أثار قلق البعض من أن يؤدي تباين موقف الثوار في الساحات مع موقف غالبية اليمنيين والمجتمع الدولي من الاتفاق السياسي، إلى عزل الثوار لأنفسهم عن المحيط الداخلي والخارجي ، والذي لاشك انه سيكون له انعكاسات سلبية في المستقبل القريب على الثوار أنفسهم وعلى زخم الثورة. * لاشك أن الكثيرين من أنصار الثورة السلمية سيعتبرون هذا الطرح مجافياً للواقع سيما مع الزخم الشعبي الكبير الذي تشهده المسيرات المتواصلة ، التي تخرج في الوقت الراهن في عدة محافظات لتأكيد موقف الثوار الرافض للاتفاق السياسي وبالذات البند الخاص بالحصانة القضائية،وارتفاع مستوى التوتر جراء الاحداث المؤسفة التي رافقت مسيرة الحياة الراجلة عند دخولها الى العاصمة وكأن الهدف منها اعادة البلاد إلى المربع الاول للازمة. * رغم صحة ذلك ، لكنه في الوقت ذاته لا يغير من حقيقة ان مشاركة أتباع المشترك ، الذين يمثلون نحو 80% من المتواجدين في الساحات، كان السبب الرئيسي لهذا الزخم، مع العلم ان هذه المشاركة تعتبر انتهاكاً من المشترك لأحد بنود التسوية السياسية ، التي يلتزم بموجبها سحب أتباعه من الساحات . * تعمد أحزاب المشترك إلى حد الآن في عدم سحب أنصارها من الساحات وذلك لغاية في نفسها، وهي تدرك أنها ملزمة بتنفيذ جميع بنود الاتفاقية بما فيها بند الحصانة من الملاحقة القانونية ، ولا مجال إمامها للتنصل من أي بند من البنود إذا ما أرادت إنجاح الحل السياسي سيما مع الترجيح بممارسة راعيي الاتفاق السياسي الضغوط اللازمة على القوى التي تقف وراء التصعيد الأخير داخل المشترك من اجل وقف هذا النهج الذي قد يودي الاستمرار فيه الى نسف الاتفاق السياسي برمته، وهو ما يعني أن عبارات التأييد التي ترفعها عدد من قيادات المشترك لموقف الشباب الرافض لمنح الحصانة إنما هو في حقيقة الأمر نوع مع أنواع الضغط النفسي والابتزاز السياسي ، الذي تمارسه على الرئيس الفخري صالح ورموز نظامه أكثر من كونه يعبر عن موقف المشترك . * تدرك أحزاب المشترك أنها في نهاية المطاف ستقوم بسحب أتباعها من الساحات لتجنب أي عقوبات قد يفرضها مجلس الأمن عليها إذا ما ظهر أنها تعرقل تنفيذ بنود الاتفاق والقرار 2014 ، صحيح ان جزء من أنصار المشترك قد يخرج عن نطاق سيطرتها ، ويرفض الانصياع لأوامرها بإخلاء الساحات، لكنها في الأغلب ما تزال مسيطرة على الجزء الأكبر منهم. * في حال سحبت المعارضة أتباعها من الساحات فان ذلك يعني حصول تراجع كبير في عدد الثوار المتواجدين ، في الساحات وفي المسيرات التي ينظمها الثوار ، والذي سيؤثر سلبا على مستوى الضغط الذي تمارسه الثورة السلمية على مختلف الأطراف وإمكانية التجاوب معها. * يبدو أن أحزاب المشترك تحاول استغلال موجة الرفض الشديدة داخل الساحات لمسألة منح الحصانة من اجل الضغط على الرئيس صالح للوصول إلى تفاهم ضمني معه، يقضي بقبوله مغادرة اليمن نهائياً وعدم ممارسة العمل السياسي ، وكذا الضغط على أقاربه وابرز رموز نظامه في عدم تولي مناصب عسكرية وسياسية هامة في السنوات القادمة مقابل تخلي المشترك عن دعم التيار الرافض لمنح الحصانة داخل الساحات بل والعمل على أقناع الشباب بالتراجع عن موقفهم والقبول بحل وسط، وهو ما يظهر أن المشترك يهدف من الضغط الحالي في قضية الحصانة الحصول على تنازلات جديدة من الرئيس صالح ونظامه كان قد فشل في تضمينها في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. * يشير إلى صحة هذا الأمر نشر صحف ومواقع الكترونية تابعة لحزب الإصلاح كصحيفة الناس وموقع مأرب برس في الأسابيع الماضية مقالات وتقاريره تتحدث عن مستقبل المؤتمر الشعبي العام بعد تنحي صالح، وكذا الحديث عن استعادة الحزب لقراره بعد سنوات طويلة من استفراد صالح به ، إضافة إلى إثارة كتاب معارضين لهذه القضية كان آخرهم عضو المجلس الوطني منير الماوري في مقالة الأخير الذي ربط بين الحصانة وترك العمل السياسي وقبله عيدروس النقيب وغيرهم . * إضافة إلى رغبة المتورطين في حادث جامع الرئاسة في إغلاق الملف عبر التوصل إلى تسوية ما مع الرئيس صالح يتم فيها قبوله بوقف المطالبة بمحاسبة الضالعين في الحادثة مقابل منحه الحصانة ، ويدل على ذلك ما تحدث به النائب الإصلاحي العنسي عن استبدال منح الحصانة بقانون المصالحة العامة الذي سيشمل جميع المتورطين في أعمال العنف في هذه الأزمة ، أي أنه سيشمل المتورطين في حادثة دار الرئاسة . * هناك أخبار عن تورط ممول المسيرة الراجلة رجل الأعمال المعروف في تغيير المسار المتفق عليه سابقاً لمسيرة الحياة في شوارع العاصمة ، وتحويلها نحو دار الرئاسة من أجل حصول صدام مع عناصر الأمن ومن ثم تعقيد قضية منح البرلمان للحصانة في جلسته التي كانت مقرره في ال 25 من الشهر الجاري ، وبالذات أن ذلك جاء بعد ساعات من تأكيد الرئيس صالح في مؤتمره الصحفي الذي عقده يوم 25/12 من أن ملف حادثة الرئاسة ليس للصفقات السياسية ، كما أن تصريح السفير الأمريكي بصنعاء في اليوم ذاته عن أن المسيرة ليست سلمية وأن هدفها الفوضى والتسبب برد عنيف من قبل أجهزة الأمن ، يكشف عن فهم واشنطن والمجتمع الدولي عموماً للهدف الحقيقي من مسيرة الحياة. الحاجة لاستعادة الثورة لقراراتها من الأحزاب:- من اجل ضمان نجاح الثورة وتحقيق جميع أهدافها ، هناك حاجة ملحة للبحث عن مكامن الخلل وجوانب القصور ، التي رافقت الثورة السلمية منذ انطلاقها وحتى الوقت الراهن، ومن ثم العمل على معالجتها، وذلك لن يتم الا عبر طرح الشباب في الساحات لجميع القضايا الخلافية والمثيرة للجدل للنقاش بشيء من الواقعية والمنطق والابتعاد عن لغة التخوين والتعصب ورفض الرأي الآخر. سيطرة الإصلاح على قرار الثورة:- كانت احد ابرز الصعوبات التي واجهت الثورة الشبابية الشعبية منذ الأسابيع الأولى لانطلاقها اتهامات العمالة والانتماء للأمن القومي التي وجهت لكل من يخالف توجهات اكبر أحزاب المشترك داخل الساحات ، مما أدى إلى تصنيف ابرز القيادات الشبابية الفاعلة وعدد من الصحفيين والكتاب المستقلين المعروفين بانتقاداتهم اللاذعة لنظام صالح في خانة أعداء الثورة . * هذا الأمر حرم الثورة الشبابية من جهد هؤلاء، وفي ذات الوقت عزز من قدرة أحزاب المشترك على التحكم في زخم ومسار الثورة بالصورة التي تخدم أجندتها. * يشير إلى صحة هذا الطرح عدم اتخاذ الشباب في الساحات لموقف واضح ضد المعارضة كإعلان فك ارتباط الثورة عن أحزاب المشترك واعتبارها لا تختلف كثيرا عن نظام صالح خاصة مع مخالفتها المتواصلة لرغبة الشباب في الساحات ولأهداف الثورة الشبابية ، والتي كان آخرها تشكيل حكومة وفاق وطني مع المؤتمر الشعبي العام. * للأسف رغم كل ما قامت به أحزاب المشترك لكنها ما تزال مسيطرة على مسار الثورة حتى الآن، حيث تقوم بتوجيهها للمسيرات وللشعارات المرفوعة بصورة تخدم أجندتها السياسية أكثر من سعيها لتحقيق أهداف الثورة الشبابية. الحاجة إلى المبادرة:- هناك حاجة حقيقية للثوار في الساحات لمسك زمام المبادرة وقلب الطاولة على الجميع بحيث يحد ذلك من استمرار استغلال المشترك للثورة ، وتتحكم الساحات بمسار الأحداث ، وذلك لن يتم ألا عبر توصل الثوار في الساحات لرؤية متفق عليها من قبل ابرز المكونات الفاعلة في الساحات يتم تقديمها للجنة الحوار التي تعتزم حكومة الوفاق الوطني تشكيلها للتحاور مع الشباب تتضمن عدد من الشروط والإجراءات المطلوب من القائم بالأعمال والحكومة اتخاذها خلال فترات زمنية محددة مقابل قبول الشباب بالتعاطي الايجابي مع حكومة الوفاق والحل السياسي عموماً ، بحيث يؤدي ذلك إلى تحقيق بقية أهداف الثورة الشبابية أو على الأقل ضمان ان يتم قطع خطوات رئيسية باتجاه تحقيقها خلال الفترة الانتقالية المقبلة ، مع ضرورة ان يتم توقيع تفاهم بذلك من قبل نائب الرئيس ورئيس حكومة الوفاق وقيادات المشترك والمؤتمر الشعبي وقيادات الشباب في الساحات. ثوابت وحقائق على الأرض:- هناك عدد من الثوابت والحقائق لابد من مراعاتها عند تحديد الرؤية الشبابية لكيفية التعامل مع حكومة الوفاق و الاتفاق السياسي والإجراءات المطلوب تنفيذها من القائم بإعمال الرئيس وحكومة الوفاق الوطني ، بحيث تكون مقبولة من جميع الأطراف ومن ذلك التالي:- 1. الوطن ملك الجميع، والمصلحة العليا للبلاد مقدمة على ما سواها من مصالح ، وان اليمن وصل إلى مرحلة شارف فيها على الانهيار ، و استمرار هذه الأزمة أصبح يمثل خطرا حقيقياً على بقاء اليمن ككيان موحد ودوله ، مع التأكيد على ان ذلك ليس من باب المزايدة ، خاصة مع تحذير الأممالمتحدة الأسبوع الماضي من خطر تشكل صومال جديد في اليمن. 2. تحقيق أهداف الثورة الشعبية السلمية أمر لاجدال فيه وغير قابل للمساومة ، وان إقامة دولة مدنية حديثة هو حلم اليمنيين جميعاً بمختلف أطيافهم وانتماءاتهم. 3. دماء الشهداء لن تضيع هدرا، ومحاكمة القتلة أمر مفروغ منه، وهو حق أصيل لعائلات الضحايا ولا يسقط بالتقادم، خاصة أن الشرائع السماوية والمواثيق الدولية ترفض منح أي حصانة للقتلة مع التأكيد على ان هذا الأمر يسري أيضا على جميع الضحايا المدنيين والجنود الذين سقطوا من الجانب الآخر، وان لهم الحق في الاقتصاص من القتلة ،مع التأكيد على ان من يساهم في دفع الشباب للاصطدام بقوات الامن يتشارك في المسئولية عما ينجم عنها من ضحايا ، و التأكيد ايضا على ضرورة الابتعاد عن تسييس هذه المسألة ، وان تحقيق العدالة في هذا الشأن لن يتم الا عبر تولي القضاء العادل المستقل البت في جميع حوادث القتل التي حدثت خاصة ان أثبات جريمة القتل على شخص ما في الشرع والقانون هو أمر ليس بالسهل ويحتاج إلى خبراء ومختصين في هذا الشأن . 4. ان استشراء الفساد بمختلف أنواعه (سياسي، اقتصادي ، ديني..) هو من أهم الأسباب التي أوصلت اليمن إلى هذا الوضع المأساوي ، الأمر الذي يجعل من مكافحته والعمل على استئصاله من جذوره أولوية ملحة ومهمة وطنية مقدسة في الفترة المقبلة ، وانه لايمكن ان تتعافي اليمن دون النجاح في هذه المهمة . أما بالنسبة للحقائق على ارض الواقع فتتمثل في:- 1. عدم دقة الرأي السائد في الساحات حالياً من ان استمرار المسيرات المطالبة بمحاكمة صالح ورموز نظامه سيؤدي إلى تحقيق بقية أهداف الثورة السلمية في وقت قريب ، وذلك لأنه في حقيقة الأمر لا المشترك ولا راعيي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية قادرين على التجاوب مع هذه المطالب كونها تعني نسف الحل السياسي تماماً ، والذي جاء بعد جهود مضنية بذلتها القوى الإقليمية والدولية لأشهر طويلة من اجل التوصل إليه ، ولا يمكن إضاعة ذلك بهذه البساطة ، ومن ثم فان تحقيق بقية أهداف الثورة من دون تجاوب هذه الأطراف مع مطالب الشباب ستكون مهمة شديدة الصعوبة. 2. عدم قدرة الثورة على الحسم الشعبي وإسقاط النظام عبر الشارع في ظل المعطيات التالية:- أ) وجود أنصار للرئيس الفخري لا يمكن إنكارهم خاصة مع انقسام واضح داخل مكونات المجتمع (القبيلة، العلماء ، الجيش ، منظمات المجتمع المدني ، الطبقة المثقفة ، البسطاء...) بين مؤيد ومعارض ، ومن ثم لا يمكن تهميش أو إقصاء طرف للآخر ولابد من التعايش بينهما. ب) استمرار ولاء نحو 70% من المؤسسة العسكرية والأمنية لصالح ونظامه. ج) رغبة القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الاحتفاظ بجزء من نظام صالح في الفترة القادمة، والحرص على بقاءه على الساحة وبالذات في المجالين السياسي والعسكري للحيلولة دون استفراد جهة ما أو فصيل سياسي بمقاليد الأمور على الساحة الداخلية، وإيجاد التوازن بين مختلف القوى ، وذلك لضمان مصالحها في اليمن. 3.إن اعتقال صالح وأقربائه وكبار رموز نظامه لن يتم الا على حساب التسوية السياسية ، بمعني أن الاستمرار في المطالبة باعتقالهم ، ومحاكمتهم يعني نسف الحل السياسي ، ومن ثم التحول إلى النموذج الليبي، وهو ما يعني تفجر مواجهات عسكرية واسعة النطاق بين القوات الموالية للثورة وبين القوات الموالية لصالح ونظرا لان تعقيدات الوضع في اليمن تفوق بمراحل الوضع في ليبيا، ومن ثم فان الأمر المرجح في هذه الحالة يتمثل في:- أ) الحسم العسكري للثوار ضد قوات صالح قد يستغرق وقت أطول من الثمانية الأشهر التي استغرقها ثوار ليبيا لإسقاط نظام القذافي . ب) عدد الخسائر البشرية التي تجاوزت في ليبيا ال 50 ألف شهيد قد تتجاوز أربعة اضعاف هذا الرقم في اليمن حتى يتم إسقاط نظام صالح ، وهو ما يعني انه إذا كنا نطالب حالياً بمحاكمة قتله أكثر من 1000 شهيد في الوقت الراهن ، فأننا قد نتحدث عن محاكمة قتلة أكثر من 200 الف شهيد لو انهار الحل السياسي ، هذا إضافة إلى تدمير ما تبقى من بنية أساسية في البلاد . ج) حسم المعركة عسكريا لصالح الثوار أمر مشكوك فيه لعدة أسباب منها ان موازين القوى العسكرية تصب لمصلحة قوات صالح، إضافة إلى استحالة حصول دعم عسكري خارجي لصالح الثوار كما حصل في ليبيا ، حيث كان تدخل حلف النيتو لصالح الثوار نقطة تحول رئيسية في مسار الحرب لصالحهم ، في حين ان النيتو أو القوى الإقليمية والدولية قد حسمت موقفها في هذا الأمر ، برفض أي تدخل عسكري في اليمن لأسباب عديدة ، إضافة إلى ان هذه القوى أصلا تدعم الحل السياسي للازمة في اليمن . د) ان مخاطر انزلاق اليمن إلى أتون حرب أهلية طويلة ستكون هي الأرجح في حال تفجر الوضع العسكري ، أكثر من احتمال نجاح طرف في حسم الحرب لصالحه على حساب الطرف الآخر، أما لو تم الحسم لأحد الطرفين فانه حتى الطرف المنتصر في الحرب سيخرج منهكاً وضعيفاً، وقد لا يستطيع فرض سيطرته على كل أجزاء الوطن في ظل وجود قوى متربصة كجماعة الحوثي في شمال الشمال وقوى الحراك الانفصالي والقاعدة في جنوب البلاد. * بل أن الطرف المنتصر في الحرب سيجد صعوبة في بسط سيطرته على كثير من مناطق البلاد جراء طبيعتها الجبلية وانتشار السلاح بمختلف أنواعه بين المواطنين، وهذا ليس من باب التشاؤم أو المبالغة بل هو احتمال وارد إذا ما دخلت البلاد في حرب أهلية لعدة أشهر ، ويدل على ذلك الوضع الحالي في ليبيا، حيث ما تزال هناك مناطق واسعة بما فيها مناطق داخل العاصمة طرابلس خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة ، التي شاركت في الحرب ضد كتائب القذافي. 4.ن الحل السياسي هو المخرج الأمن للبلاد من هذه الأزمة، وان المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هي الحل الوحيد المتاح في الوقت الراهن، ولم يكن التوصل إليها بالأمر السهل واستغرق فترة طويلة من الزمن ، ومن ثم لايمكن المخاطرة بنسفه بهذه البساطة. 5. ان المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية حققت للثورة السلمية هدفها الأول بتنحيه صالح عن منصبه ، وان المضي في تنفيذ بقية بنودها كفيل بتحقيق الجزء الأكبر من أهداف الثورة وان كان ذلك سيستغرق وقتا أطول مما يريده الثوار. 6. ان التغيير الشامل مرة واحدة غير ممكن وغير واقعي ، وان التعامل مع جزء من النظام القائم أمر لا مفر منه ، فالتونسيون اضطروا للقبول بفؤاد المبزع – احد أركان نظام بن علي - رئيساً مؤقتاً للبلاد لما يقارب العام قبل ان يتم انتخاب الفيلسوف المنصف المرزوقي قبل أسبوعين كرئيس جديد لتونس ، في حين رضخ الثوار في مصر لنقل السلطة من الرئيس المخلوع مبارك إلى المجلس العسكري، هذه الحقيقة المرة تدركها وزيرة الخارجية الأمريكية المؤيدة لثورات الربيع العربي هيلاري كلينتون ، التي قالت في خطاب لها قبل أكثر من شهرين ان على شعوب دول الربيع العربي ان تدرك ان انفصالها عن ماضيها سيستغرق سنوات. 7. إن المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك هما وجهان لعملة واحدة من حيث وجود أشخاص وقوى نافذة وفاسدة داخل هذه الاحزاب تتحكم بدرجة كبيرة بقراراتها وسياساتها ، وان مصالح هذه القوى النافذة يؤثر على جدية ومصداقية هذه الأحزاب بشأن إقامة الدولة المدنية الحديثة ، ومن ثم فان هذه القوى على الأرجح ستضع عقبات عديدة تعيق التحول نحو الدولة المدنية الحديثة. 8. هناك حاجة ماسة لوجود حزب سياسي جديد يملئ الفراغ الموجود على الساحة السياسية اليمنية، كما ان احد ابرز نقاط ضعف الشباب تتمثل في تعدد كياناتهم وعدم تشكيلهم لحزب سياسي ، كما ان هناك حاجة لاستعادة الشباب زمام المبادرة والتحكم في مسار الثورة والحد من تأثير الأحزاب والقوى الأخرى عليها. 9. غالبية الوجوه التي تضمنتها حكومة الوفاق الوطني برئاسة باسندوة هي وجوه مقبولة وجيدة ، ومن ثم فان هذه الحكومة تحتاج إلى منحها فرصة من قبل جميع الأطراف بما فيهم الشباب للنجاح في أداء دورها والقيام بمهامها سيما مع التحديات الكبيرة والمهام الجسام المطلوب منها ، ومع ذلك هناك قلق من ان عدم تفعيل أدوات الرقابة والمحاسبة ، والشفافية وحرية الوصول إلى المعلومة قد يوقع هذه الحكومة تحت تأثير النافذين وقوى الفساد، خاصة ان توجيه باسندوة السريع بإعادة خدمة التجوال الدولي والهاتف الثابت لشركة سبأفون رغم ان وزارة الاتصالات تطالبها بدفع مبلغ 8 مليار ريال كضرائب للدولة عن سنوات ماضية أسوة بما دفعته شركة MTN، إضافة إلى الاهتمام الكبير الذي أولاه باسندوة وعدد من الوزراء في الاجتماع بوفد شركة كنديان نيكسن التي يترأس نجل قائد الفرقة فرعها في اليمن ، مثير للقلق من أن هذه الحكومة كسابقاتها وإنها مجرد( ديمة وخلفنا بابها )هذاوفي الجزء الثاني سنتحدث عن المطلوب من الثوار من اجل التحكم في مسار الأحداث وقلب الطاولة على القوى السياسية