تزامناً مع ذكرى الهجرة ..الهجرة وما أدراك ما الهجرة إن الهجرة ليست مجرد الإنتقال من بلد إلى آخر فقط , إنها تعني هجرة ما نهى الله ورسوله عنه حتى يكون الدين كله لله . هجرة من الذنوب والسيئات . هجرة من الشهوات والشبهات . هجرة من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة . هجرة من التحريض والتآمر وزرع العداء والكراهية . هجرة من سموم العصبيات والخلافات الفكرية والمذهبية . هجرة من معاداة المناسبات الدينية والشعائر الإسلامية . هجرة من أذى الناس والتعرض لهم وقطع أرزاقهم . هجرة من ضيق الصدور إلى سعتها ورحابتها . هجرة من الرضا باستباحة السيادة الوطنية . هجرة الرفض للوصاية الغربية والتدخلات الأمريكية . هجرة التخلص من العُقد وأمراض الباطن . هجرة الصرخة في وجه الإستكبار والمستكبرين . هجرة موالاة أولياء الله تعالى ومعاداة أعدائه . حين ننظر للهجرة كدروس عملية نرى تجليات الحق والإخلاص المطلق لله عز وجل , تجليات الصبر والثبات واليقين على طريق النصر والتمكين . " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا " . في الهجرة تجلَّى درس التوكل على الله تعالى والإعتصام بحبله " إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا " . فالزم يديك بحبل الله معتصماً *** فإنه الركن إن خانتك أركان . في الهجرة تجلت التضحيات , تجلى الفداء والحب " وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك " , تجلت التضحيات والفداء والحب في فتى الإسلام الشجاع الإمام علي بن أبي طالب (ع) فقد روي أن الله تعالى ليلة الهجرة قال لأحب ملكين هما إسرافيل وميكائيل : " لقد جعلت عمر أحدكما أكثر من الآخر فأيكما يُؤثر أخاه " ؟ فسكتا , فقال لهما : " هلَّا كنتما مثل وليي علي بن أبي طالب فدا نبيي محمداً بحياته , أنزلا فاحرساه " . فنزلا فجعل أحدهما عند رأسه والآخر عند قدميه وهما ينظران إليه ويقولان : بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب من مثلك يباهي الله به ملائكة السماء . تتجلى الهجرة بتاريخها الذي فرَّطنا به فصرنا نحفظ التاريخ الميلادي أكثر من الهجري بكثير , بل ربما أجزم بأن غالب من في الجامع لا يعلمون التاريخ الهجري إلا بالمناسبات . التاريخ الهجري الذي يعني الأصالة والإعتزاز اللَّذين تخلينا عنهما فصرنا بلا عزة ولا كرامة , ها هي معظم الدول العربية بسكانها قد هجروا التاريخ الهجري ولم يعد الكثير يعلمونه سوى بدخول رمضان أو حلول موسم الحج !! لقد تجلت الهجرة في ثمرة التربية المحمدية , التربية القرآنية , الفكرية , الثقافية , الجهادية التي كانت الوسيلة والأساس الذي بنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجاله وهذَّب أرواحهم . وختاماً : فالهجرة سلوك واجب ومستمر وهي أخلاق وقيم .