تعد مهنة الطب من أهم وأرفع وأشرف المهن التي تزاولها البشرية .. ولم يكن لها ذلك السمو وتلك المكانة إلا لأنها تهتم بأرواح البشر، ووجود الإنسانية فبرقيها وتطورها تتطور الأمم وتتميز0 وبهدمها وانحطاطها تصبح الأمة في تشرذم وضياع،، وذلك مايعانيه بلدنا الحبيب ودولتنا الغالية من قبل تجار الطب ومروجيه. ماحدى بي لكتابة هذا المقال هو مامر بنا قبل يومين حيث أصيب أحد أقربائي بإصابة في ساقه بمنشار كهربائي إصابة بالغة فاضطررنا إلى إسعافه لمحافظة الحديدة وسط نزيف بالغ وعندما وصلنا محافظة الحديدة إذ بنا نجد لوحات وملصقات دعائية كبيرة في وسط الطريق وعلى جنباته تشير لأفخم المستشفيات في الحديدة وأفضلها وأخص بالذكر مستشفيين معروفين لجميع الناس. فاطمئنت نفوسنا وقلنا بحمدالله سنجد من يهتم بمصابنا ويرعاه وماكانت هذه اللوحات لتكتب بهذا الشكل الملفت وذلك الحجم المهول إلا لأنهما أفضل وأرقى المستشفيات في اليمن لكننا عندما وصلنا لطوارئ المستشفى الأول في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف تفاجأنا بردهم بأن الدكتور سيداوم في الرابعة والنصف هذا بعد أن رأوا الحالة وتأكدوا من ضرورة الإسراع بعلاجها قبل أن تنتهي الشرايين والعضام ويستحيل علاجها فألححنا عليهم بأن يستدعوا الطبيب كي يتدارك الحالة على حسابنا. لكنهم رفضوا بل لم يعيروا المصاب أي اهتمام0 فأصبنا بالدهشة وانتقلنا إلى المشفى الآخر فإذا بنا نجد نفس الرد ونفس الامبالاة.. عندها لم يكن أمامنا غير الإنتظار حتى يصل دكتورهم الهمام أسطورة الشرايين والعضام. وعندما وصل إذا بنا نفاجأ بخبره المخيف والمفجع بأن الحالة خطيرة ورجل المصاب لن تستطيع المشي والتحرك بعدها إلا ببطء شديد لأن الأوتار مقطوعة على حد قوله.. وقع علينا الخبر كالصاعقة وحاولنا نتفاهم مع الدكتور لكنه رفض الرد وتوضيح الأمر . فقمنا بأخراج المريض من عندهم ولكن عملية الإخراج استمرت أكثر من ساعة وسط إجراءات مصطنعة وتضخيم متكلف . حينها جن جنون المصاب وأصابه اليأس هو وجميع أهله لأن الحالة تأخرت ويخاف على قدمه من البتر أجاره الله من ذلك .. واحترنا بعدها أين نذهب ؟هل نسعفه إلى صنعاء لكن الوقت لايكفي وربما تنتهي الشرايين والأوردة فدلنا أحدهم على مستشفى 22 مايو التابع لإخوان ثابت فذهبنا إليه وكلنا يأس مما لاقينا من سابقيه. وعندما وصلنا للمستشفى أستقبلونا في الطوارئ فإذا بنا نجد مستشفى يعجز قلمي عن وصفه من حراس البوابه إلى العاملين والممرضات والأطباء والمدير الجميع يتسمون بالتواضع وترى على وجوههم الإبتسامة عندها اطمأنت نفوسنا ومازادها إطمئنانا كلام الدكتور الهندي القدير جون زكريا بأن الحالة يمكن علاجها وفعلا وجدنا طبيبا ماهرا وعارفا بالطب أجرى عملية ناجحة بنسبة 100% . فأين هذا من ذاك؟ وأين الثريا من الثرى؟ بعدها توالت علينا مميزات هذا المستشفى من منع للتدخين والقات والسلاح بجميع أنواعه ومن جانب آخر الإهتمام المنظم بالمريض ومراقبة حالته وملاحظة تطوراتها والإهتمام حتى بغذائه.. فعلا مستشفى يستحق الثناء والتقدير وعناء السفر والمسير.. كلمة أخيرة ربما يظن البعض بأن هذا من قبل الترويج والدعاية لكنها والله ماهي إلا حقيقة ماثلة لكل من يزوره ويسعى إليه وتساءلت حينها ياترى ماالذي جعل الحال مختلفا هنا عن هناك؟ إنه الضمير والإستشعار بالمسؤولية . بل إنه اليقين والإيمان العميق بأن الطب لم يكن يوما تجارة، ومتى ماأصبح الطب بأرواح الناس تجاره يصبح المرضى لديهم دوابا أو حجارة. وتأكدت حينها من الحقيقة القائلة (ليس كل مايلمع ذهبا) وبأن العظمة تحت الأسمال(