رئيس الجمهورية (دلع) كثير من رجال الدين الذين يقال- من باب التحبب والتفاؤل- انهم علماء، و(نغنغهم) وشكل لهم هيئات ولجانا وجمعيات بقرارات جمهورية.. جمعية العلماء.. لجنة المرجعية..و..و.. وصار لبعضهم في عهده جامعات وجمعيات ومؤسسات تعليمية خاصة ومساجد خاصة ايضا. وحمى طريدهم، وأمن مجرمهم، وقوى نفوذهم ومد صلاحياتهم الى ما ليس لهم، ولا مناختصاصهم، وطلب منهم القيام بأدوار ليست من شأنهم.. وها هم اليوم منتشرون في ميادين الغضب يهيجون الناس ضده، ويشنعون عليه ويطلقون عليه اخس الاوصاف، فكبرت بهم الفتنة وزادت الفرقة.. ومن ليس منهم او معهم من المعتدلين يطلقون عليهم وصف علماء السلطة، او العلماء(الجهلة) كما قال عنهم الزنداني قبل ايام، رغم انهم هذه الايام نذروا لله صوما وأن لا يكلمون انسيا. العالم بالشريعة الاسلامية – اذا كان عالما بها- مهمته البيان والتوضيح والتفسير لما ورد في القرآن والسنة من غامض او مشكل في امور الحلال والحرام والعبادات والمعاملات، وكذلك القيام بمهمة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر الفضيلة، وهي مهمة اخلاقية محضة. اضافة الى الاجابة عن اسئلة الناس حول الحيض والنفاس ومفسدات الصوم..و..و... وما عدا ذلك لم يعطهم الاسلام أي صلاحية للحديث باسمه، ولا نفوذ في أي شأن من شئون الدنيا يدعونه باسم الله. وكيف يعطيهم ذلك وهو الذي جاء يطوح بالمؤسسة الدينية التي كانت قائمة في الجاهلية التي كان رجالها (العلماء) يعتبرون انفسهم خبراء في شئون الالهة والاصنام فيما يجب لها، وما تطلب من الناس، وما تحب اوتكره، وما السلوك الديني والدنيوي الذي يجب ان يلتزم به العربي، ومأمور به من اللات والعزى ومناة وهبل وودن وغيرها من الآلهات والاصنام.. انهم يتوارثون اليوم ارث (علماء) بني امية وبني العباس الذين توارثوه هم ايضا من (علماء) الجاهلية وكهنة ومومبذانات(الديانة الزرادشتية الفارسية القديمة) الذين كانوا يحتكرون المعرفة بالآلهة، وباسمها منحوا انفسهم سلطة مرجعية وحق التدخل في شئون الدنيا باسمها، والتدخل في تفاصيل حياة الفرد والمجتمع.. وقد اضفوا على هذا الموروث غير الاسلامي صبغة اسلامية، واصلوا له تأصيلا بأدلة من القرآن والسنة.. فصدقهم الحكام والمحكومون.. قالوا ان الرسول(ص) قال: إن(العلماء ورثة الانبياء الذين لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم).. وهذا حديث ورد اكثر من (15) مرة بصيغ مختلفة، ولا يعقل أن يصدر هذا عن الرسول.. اولا لأنه لم يكن في عهده من يصنفون انهم (علماء) كفئة مهنية كما عرف لاحقا.. وثانيا لأن الحديث يخالف الواقع ويناقض القرآن، ففي الواقع معروف أن الرسول ترك ارثا ماديا، وقد تنازع عليه علي وابن عباس، كذلك ترك لابنته فاطمة ارض (فدك) التي سلبها منها ابو بكر فيما بعد.. وفي القرآن نقرأ على لسان زكريا (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث آل يعقوب) وايضا ( وورث سليمان داوود).. والميراث المقصود هنا ميراث مادي وليس ارث نبوة.. فكيف يقال إن الانبياء لم يتركوا لمن بعدهم دينارا ولا درهما؟ بل إن هناك احاديث وضعت من قبل رجال الدين القدامى ترفعهم مكانة لا يقرها الاسلام مثل( العلماء خلفاء الانبياء.). لاحظ: خلفاء الانبياء.. كذلك حديث: (العلماء يحشرون مع الانبياء).. هكذا.. ولكي يعززوا سلطاتهم ويوسعوا نفوذهم في كل مجال حملوا القرآن على آرائهم وعطفوا الحق على اهوائهم كما قال الامام علي، فقالوا إن (اولي الامر) المذكورين في آيات قرآنية مثل (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) المقصود بهم الحكام والعلماء، وبعضهم قال الحكام فقط، وبعضهم قال بل العلماء فقط. وقد وجدوا من يصدق هذا الزعم رغم ان الحقيقة تقول ان الرسول كان هو حاكم المسلمين في حياته ولم يكن الى جانبه أي حكام ولا علماء، بل صحابة.. امراء سرايا وجيوش وأهل شورى وعوام.. اننا لا نقول ان رجال الدين لا شأن لهم في السياسة وأمور الدنيا، فهم في هذا مثل غيرهم من الناس يبدون آراء ويستشارون لكن بوصفهم -في هذه الحالة- رجالا مثلنا وليس بوصفهم متكلمين باسم الله والاسلام, يقررون احكاما ملزمة باسم الدين في شئون دنيوية ليس للدين فيها كلمة او حكم معين.. أخيرا ها هي آخر تجارب الرئيس المريرة الناتجة عن ذلك الخطأ شاهدة على ذلك.. فأين هي لجنة المرجعية مثلا وما الدور الذي لعبه رئيسها في هذه المحنة؟ والجواب معروف.. الشيخ الزنداني خاض خوضا مضطربا، واحيانا كريها في مهمة كان الرئيس يظن- خطأ- ان العلماء بها علماء.. وبعد (النثرة) ترك الزنداني صنعاء الى قريته (زندان) في ارحب ليعسكر القبائل.. ولم يذهب الى موطنه الاصلي في إب.. فاين يذهب من لا قبيلة له؟