عدن (رويترز) - قال مسؤولو أمن ومحللون، إن حملة عسكرية مدعومة من الولاياتالمتحدة، ربما تكون قد أخرجت متشددين من بلدات سيطروا عليها في اليمن العام الماضي، لكن كثيرين أعادوا تنظيم صفوفهم وتحولوا إلى “خلايا نائمة” تهدد مجدداً المناطق التي أخلوها. وتمثل قدرة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على الصمود رغم تزايد ضربات الطائرات الأميركية بلا طيار للقضاء على المتشددين مصدر القلق على أمن ممرات الشحن البحري الرئيسية قبالة اليمن. وعندما اندلعت الانتفاضة اليمنية في العام الماضي، انشغلت قوات الأمن، وحدث فراغ في السلطة استغله المتشددون في الهجوم على بلدات زنجبار وجعار وشقراء وأقاموا “إمارات” إسلامية. وقال سكان إن المتشددين يضمون سعوديين وباكستانيين ومصريين وشيشانا وصوماليين، ما يظهر البعد الدولي للخطر الذي يمثله هؤلاء على المصالح العربية والغربية. لكن سكاناً يقولون إن جنوب البلاد - الذي يشهد استياء من هيمنة قبلية من الشمال منذ زمن طويل، كما تجددت حركة انفصالية به عام 2007- أصبح أكثر خطورة منذ ذلك الحين. وقال مدين المقبس وهو معلق مقيم في عدن “بعد انسحابهم المفاجئ من أبين انتهى الوضع دون منتصر أو مهزوم... جاءوا فجأة وسيطروا ثم فروا للتلال وتركوا وراءهم خلايا نائمة.” وتلا ذلك موجة عنف أسفرت عن سقوط قتلى في محافظة أبينجنوباً، ما يشير إلى أن مقاتلي أنصار الشريعة ما زالوا موجودين في منطقة مجاورة للبلدات التي كانوا يسيطرون عليها يوماً. وقتل تسعة من المتشددين، منهم نادر الشدادي رئيس “إمارة” جعار في هجوم طائرة أميركية بلا طيار، أطلقت صاروخاً على منزل ريفي كانوا يختبئون به خارج البلدة في 19 أكتوبر. وقال مصدر أمني يمني ل(رويترز) إن خمسة من المقاتلين كانوا من الفتيان من جعار ذاتها، وكانوا قد انتقلوا في هدوء إلى المنزل الريفي للمكوث هناك كخلية نائمة. وفي اليوم التالي نصب متشددون كميناً لقاعدة عسكرية في شقراء، ما أسفر عن مقتل 16 جندياً بعد الخروج من أماكنهم في الجبال الوعرة المطلة على البلدة. وفي يونيو، قتل قائد في الجيش بجنوب اليمن وقد اختير من الجنوب ليحل محل أحد حلفاء صالح من الشمال في مارس، وذلك في انفجار سيارة ملغومة في إحدى ضواحي عدن. وكشفت قوات الأمن لاحقاً عن مخابئ عديدة بها أحزمة ناسفة تستخدم بالعمليات الانتحارية في المنطقة. ووقعت عشرات الهجمات وحوادث الخطف التي قام بها متشددون متخفون يستهدفون بها مسؤولي الأمن والجيش. وقالت مصادر أمن يمنية إن مثل هؤلاء القياديين الإقليميين نشطوا الخلايا النائمة لتنفيذ اغتيالات لمسؤولي الأمن في عدن وهجمات مثل ما حدث في شقراء. وبدأ الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي يغير قادة قوات الأمن والجيش في الجنوب، ويضع شخصيات من الجنوب أقل صلة بصالح. ولقيت القيادة الجديدة ترحيباً في عدن لاعتبارها أكثر جدية في مواجهة تنظيم القاعدة. لكن القادة الجدد ما زال يتعين عليهم الاعتماد على ميليشيات قبلية يطلق عليها “اللجان الشعبية” داخل بلدات في الجنوب والمناطق المحيطة بها لمنع المتشددين من العودة بكل قوتهم. ويخشى سكان من أن يكون بعض المتشددين قد اخترقوا هذه اللجان الشعبية، نظراً لأن جماعة أنصار الشريعة في جعار تمكنت من التفاوض على اتفاق مع الجيش يتيح للكثير من المسلحين ألا يمسهم أحد. ويحاول محمد سكين الجعدني وهو رئيس سابق لإحدى اللجان الشعبية في شقراء ساعدت في تنظيم القبائل في مواجهة المتشددين العام الماضي حالياً، إثناء شبان المنطقة عن الفكر المتشدد. وقال الجعدني “بعد جعار وزنجبار تحولت القاعدة إلى خلايا نائمة. إنها خطر على المجتمع وهي موجودة في أماكن عديدة. إنها تهدد القبائل والمواطنين.” وشكل مجلس التحالف القبلي الاجتماعي في مسقط رأسه في محافظة أبين. وقال “قمنا بعمل لا بأس به مع القبائل وما زلنا نعمل على إنقاذ مناطقنا من القاعدة والأشخاص المجهولين لرفض الأفكار الإرهابية الهدامة. لقد أوجدوا ثقافة العنف والتطرف. نحاول أن نساعد السلطات على العودة”. وتحدث الجعدني عن تصرفات مثيرة للريبة من قوات صالح في العام الماضي، بما في ذلك ثلاثة حوادث عندما استهدفت مقاتلات مواقع قواته القبلية بدلاً من مواقع المتشددين. وقال إن 30 شخصاً قتلوا في ذلك الهجوم الذي قالت الحكومة إنه كان خطأ. وأضاف الجعدني “كانت القاعدة في كل مناطق شقراء. لكننا أخرجناهم وكانت لدينا خطة للقضاء تماماً على أنصار الشريعة هنا... لكن بعض المسؤولين في الدولة قطعوا الإمدادات عنا وانسحبنا بسبب ذلك. النظام السابق أهمل واجبه. عندما كان صالح ما زال موجوداً لم يكونوا يرغبون في نجاح القبائل... عندما انسحبنا (العام الماضي) عادت القاعدة واستولت على الكود وشقراء وكأن السلطات قد رتبت ذلك سلفاً”. ويقول ناصر النوبة، وهو ضابط جيش سابق ساعد على إحياء الحركة الانفصالية في الجنوب، إن المتشددين يتحصنون في جبال المحفد والمراكشة المتاخمة لمناطق ساحلية مثل جعار وزنجبار وشقراء. لكنه أضاف أن خطر الموت الذي يواجهونه يتزايد بسبب الطائرات بلا طيار في حالة ظهورهم. ومضى يقول إنهم يظهرون في بعض الأحيان في الشوارع فجأة ثم يختفون، كأنهم يتحركون بجهاز للتحكم عن بعد. ومضى يقول إنهم يركبون سيارات دفع رباعي عليها ملصقات تنظيم القاعدة، لكن منذ سقوط صالح بدأت هجمات الطائرات بلا طيار تحدث أثراً.