( لاقُدّست أمة لا تأكل مما تزرع ، وتلبس مما تصنع ) لطالما وقفتُ على عتبات هذه الكلمات في طفولتي ، رغمَ صغري إلا أنني كنت أقف لحظات طويلة أتأمل ماذا يعني ( الاكتفاء الذاتي ). بينما كانت المعلّمة في إحدى المراحل تشرح لنا درس في مادة الجغرافيا ، كنت أقفُ متأملة مُنصتة ماعساها تقول عن وطني . كنت أعتبر أرضي وموطني غنيّة جداً ، ومميزة عن كل أرض ، كلما قرأت قولهِ تعالى( بلدةٌ طيبةٌ وربٌ غفور ) . ويوماً ما فوجئت بالمعلمة تتحدث بينما هي تشرح الدرس وتقول أن اليمن مصنّفة ضمن الدول الفقيرة التي تعتمد على الاستيراد من الخارج ، وأنه لايوجد في موطني أيادٍ عاملة ، هنا كنت أريد الكلام وأقول أن هذا غير صحيح !! ولكنني شردت بأفكاري التي تعتصر من الألم ، وظللت أُبحرُ وأغوصُ محاولةً أن أصل لمعنى كل ذلك الكلام . قلبي الصغير وأفكاري البسيطة ومشاعري الرقيقة ، ظلّت تبحث وتنظر ، وددت لو أنني أستطيع التعبير عما يجول بخاطري تمنيت أنني أستطيع الصراخ لأُهدّئ من ألمي ، وكنت أترقّب اليوم الذي قد يأتي وموطني يُبنى ، وياليتني كنت ممن يبني ياليت الطفولة كبرتني سريعاً ، ياليت موطني يُزهر ويثمر أمام عيني لأقرّ عيني به ، وأشفي بهِ قلبي العليل . واليوم كبرتُ ونظرتُ ، وقفتُ حائرة مندهشة ! ماأعظم فضلك ياالله !! وماأبهاك ياوطني !! أزهرت ، وأثمرت ، صنعت ، وأنتجت ، صرت ترتقي وتصعد رغم الظروف الحالكة ، ورغم الجراح الغائرة ، رغم الوحوش المفترسة الشرسة التي لاتود لنا من خير من ربنا حتى !! ، رغم من أرادوا لك ياموطني السقوط إلا أنك شمخت عالياً مرفرفاً في سماء الحرية والاكتفاء والاستقلال . تذكرت بعد هذا كله تلك الطفلة التي كانت تترقّب وتقف أمام نافذة الفصل لساعات محاولةً أن ترسُم وطناً زاهر ، أرضهُ خضراء ، أن تصنع ولو في مخيلتها فالخيال خيرً من لاشي ، أرادت أن ترى وطنها عظيماً ، مُصنّعاً ، مُكتفياً ، مُنتجاً ، أرادت أن ترسم وطناً خالٍ من الوحوش الجائعة التي تنتظر الفرص لأكل هذا الوطن وافتراسه ، أرادت أن تتخيل وطناً يعيش في سلامٍ وأمان . نضُجت تلك الطفلة اليوم ، وصار خيالها واقعاً يفوق الخيال ، عندما رأيت موطني ينهض ويرتقي ، عندما رأيت أرضي خضراء ، عندما رأيت أيادٍ لا تألوا جُهداً ليلاً ونهاراً . تعمل لاتكلّ ولا تملّ ، ولن تقف حتى تحقق الاكتفاء الذاتي ، وتفوق كل العالم إن شاءالله وبتوفيقه . هُنا عرفت أهمية الجانب الإقتصادي ، فهو الذي ينهض بالشعوب والأمم ، وهو الذي يُسقطها ويجعلها تعيش العبودية والارتهان أمام الدول المصنّعة . وتجلّى لي لماذا يحرص العدو أن نظل نستورد حتى أبسط الأشياء من الخارج ؟؟!! حتى لاتقوم للشعب قائمة . وبالقدر الذي ننظر به للأيدي التي تحمي ، ننظر للأيدي التي تبني ، نعم فكِلاهما في خندق واحد يواجهون العدو بكل ثبات واستبسال ، أولئك يوفقون في التصنيع ، وأولئك يؤيدون بالنصر ، وبوووركت وسلمت أياديهم أجمعين . ويبقى الواجب على كل أبناء الشعب اليمني ، وعلى كل فرد في الوطن تنمية الاقتصاد ، وتشجيع الأيدي العاملة ، والاهتمام بالتصنيع المحلّي ، والأهم المقاطعة الإقتصادية على وجه الخصوص ، البضائع الأمريكية والإسرائيلية ، وماذُكرَ من الخليجية ؛ لنجعل منها سلاح فعال في المواجهة ، وبفضل الله وتلك الأيدي المباركة أصبح لدينا البديل . لكل من قرّ عيني وبفضلهُ شُفي قلبي لكل من تفنن وأبدع ، وأنتج وصنّع ، لكل أولئك العُظماء ، في القوة الصاروخية ، وفي كل المجالات الإقتصادية ، والعسكرية ، والفنية ، وغيرها . لكل من زرع ، وصنع ، أنتم من ارتقيتم بالوطن في سُلّم الاكتفاء ، وأنتم من أزهرتم هذا الوطن ، أنتم الذين ستخلّدون بأحرفٍ من ذهب ، ولن تخلوا من إبداعكم وإتقانكم صفحات التاريخ ، وسيفخر بكم الأجيال ، فأنتم من بنى وشيّد الوطن ، وبجهودكم يقف الشعب على قدميه ، فبوركت جهودكم ، وتقبّل الله أعمالكم ، ودمتم للوطن معنئ القداسة ، وصانعي الحرية ، وبكم وبجهودكم الجبارة لم تسقط الكلمات المقدسة ( يدًا تبني ويدًا تحمي ) بل رُفعت عالياً ورُفرفت فوق السحاب . #سنحقق_الاكتفاء_الذاتي #اتحاد_كاتبات_اليمن