وانا اطالع كلمة الاخ الرئيس مهدي المشاط لاحظت اجتهاد الرجل في محاولة اعادة تعريف الفساد من خلال تجربته واطلاعه على سيل من المعلومات التي تصل اليه كرئيس للجمهورية , رغم قلة سنوات حكمه, الا انه كما يبدو قد خرج بخلاصة تشخيصية لا بأس بها و استطاع فهم عمق الفساد كسلوك وليس كظاهرة محصورة على شريحة بعينها من المجتمع , وهو ما حاولت الانظمة السابقة تكريسه في الضمير الجمعي للناس للاسف، في تظليل متعمد استمر منذ قيام النظام الجمهوري قبل نصف قرن.. اي منذ تحالف القبيله والعسكر , وحرص حكام البلاد المتعاقبون حصر الفساد واسبابه في موظفي القطاع العام والمختلط احيانا في محاولة للتغطية على اشكال الفساد الاعم والاشمل والاكثر تدميرا للاقتصاد بل ومنظومة الاخلاق ككل.. ومن هنا اصر الرئيس المشاط على فكرة ان الفساد سلوك ممكن ان يأخذ شكل تبديد المال العام او التقصير في الاداء او الاهمال في تقديم الخدمات او التغاضي عن المتابعة لمصالح الناس… الخ , وقد يمارسه الوزير والغفير وقد يكون متعمد او من دون قصد.. والمعالجه لهكذا سلوكيات تاخذ اشكال واساليب متعدده وتحتاج الى تكاتف المجتمع.. وقبل كل هذا وذاك… علينا الاعتراف بالمرض وحجمه لكي نستطيع علاجه.. اي ان نحاسب انفسنا قبل كل شي.. من خلال ممارسة النقد الذاتي.. ونسأل انفسنا هل نمارس الفساد بقصد وبغير قصد.. !؟. الا نرى كل يوم مظهر من مظاهر الفساد ونتغاضى عنه.. بل واحيانا نشجعه ؟! من منا لم يذهب لدائرة حكومية ويطلب منه المال للتسهيلات ولا يقدمه عن طيب خاطر لكي يمرر معاملاته , فلا وقت لديه يضيعه في المهاترات او محاولة تقويم الاعوجاج , من منا اليوم.. يرى فساد التجار سواء اصحاب البقالات او تجار الاستيراد والجمله وهم وهم يحاولون التكسب من اقتصاد الحرب ومأساة الحصار.. ومع ذلك لايحرك ساكنا او يكلف نفسه حتى عناء التبليغ عن حالات التلاعب بالاسعار , وليس هذا فقط.. بل يحاول نشر روح الاحباط واليأس، ويقول لافائده من التبليغ، هم كلهم شركاء الموظف والتاجر.. وهو يعلم في قرارة نفسه ان ذلك غير صحيح بل ومستحيل منطقيا.. من منا لا يمارس الفساد المعلوماتي من خلال تسرعه في نقل معلومات خاطئة واحيان مظلله عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمجرد انها وافقت هوا في نفسه.. اليس هذا فساد وافساد في الارض.. الا يمارس الاعلامي الفساد وهو ينشر خبرا من مصادر غير موثوقه لكي يحصل على اكبر قدر المتابعين.. الا يمارس السياسي الفساد عندما يجير كل مواقفه السياسيه لمصالحه الشخصية وبقصد الابتزاز، بل ان السياسيين استباحوا الاموال القادمة عبر الحدود من الدول الشقيقه والصديقة على انها هبات وتبرعات، وعندما يترك المشرع البرلماني هذه الثغرات في القانون.. اليس فاسد مع سبق الاصرار والترصد … والدوله عندما لاتقوم بواجبها نحو مكافحة كل هذه المظاهر الفاسدة تكون مقصره ونحن كشعب ان لم نقاوم هذا الفساد ومن يمارسه كذلك نصبح مساهمين في انتشاره.. يجب ان تكون لدينا الشجاعه والمسؤولية لنقول للفاسد فاسد بعينه ولانخشى احد ولا يخوفونا ان فلان نافذ او فلان قريب من فلان او ان هذا خط احمر او اسود , لايوجد خطوط ونحن نمارس لعبة الموت يوميا تحت القصف والحصار والتجويع.. لم نعد نبالي بشيء اونخاف من احد… لقد اخطأنا كثيرا في انفسنا وحق بلدنا.. وحان الوقت لتغيير واقعنا ومن اسرف على نفسه فالله تواب رحيم اذا صدقت التوبه.. وكانت نصوح. تعالوا اليوم نرسم بالدم والدموع خطا فاصلا بين الماضي والحاضر، ونبدأ من جديد ونتعاون في بناء يمن جديد.. ولعلها فرصة تاريخية لن تتكرر بسهوله مع وجود قياده شابه نظيفه ومسؤوله وطموحه ومتوثبه لاعادة كتابة التاريخ وتغيير قدرها وقدر اليمن.. وقد اختبرنا صبرهم وبأسهم في مواجهة عدوان لم نشهد له مثيلا في التاريخ , ومع ذلك وبرغم قلة الامكانات وصغر سنهم وتجربتهم استطاعوا تحقيق المعجزه وصمدوا وتبعثر المعتدون.. اليس هذا كافيا لنا و دليلا على اصرارهم على النجاح… الا يكفينا مثالا صادقا على روحية التصميم والتضحيه دم الشهيد الرئيس الصماد الذي استهدفه الاعداء عندما شعروا بجديته في اجتراح المعجزات . لازال الطريق طويلا امامنا للتعافي.. لكن كل يوم يمر نزداد يقينا بقدرتنا على خلق الفرص لاستمرار الحياه.. وان الفساد كسلوك سيظل العقبه الكأداء امام تقدمنا وتعافينا.. و آن لنا ان نحطم هذه الصخرة من خلال روح المسؤلية تجاه المجتمع.. وترك اليأس والاحباط والايمان بذاتنا وقدراتنا على الانتصار في معركة التنميه واعادة البناء كما انتصرنا في معركتنا الوجودية مع قوى الشر والعدوان.. وما النصر الا صبر ساعه.. * امين عام حزب الشعب الديمقراطي حشد