تعتبر الإستراتيجية الجديدة أن الأمن القومي الأميركي يبدأ من الداخل، وأن هناك مخاطر أخرى تهدد الأميركيين وباقي الشعوب مثل ظاهرة التغير المناخي، وما سمته الوثيقة "التقنيات المدمرة" والتهديدات التي تشكلها شبكة الإنترنت وشبكات الجريمة الدولية، إضافة إلى الأوبئة. وكانت قد كشفت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس عن إستراتيجية جديدة للأمن القومي تركز على محاربة ما سمته "الإرهاب الداخلي" في الولاياتالمتحدة، وتعتبر في الوقت نفسه أن ما يسمى "الإرهاب" ليس التهديد الوحيد الذي تتعرض له البلاد. وتتضمن الوثيقة -التي تقع في 52 صفحة- نبذا ضمنيا لمبدأ "الحرب الاستباقية" ضد ما يسمى "الإرهاب"، وهو المبدأ الذي كان يوجه السياسة الخارجية للرئيس الأميركي السابق جورج بوش بعد الهجمات التي تعرضت لها مدينتا واشنطن ونيويورك يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001. كما تخلت عن مصطلح "الحرب على الإرهاب" الذي لازم الإدارة السابقة، وركزت على ما سمته "الإرهاب الداخلي".
لا حرب على الإسلام ونصت الوثيقة على أن الولاياتالمتحدة "ليست في حالة حرب عالمية على الإرهاب أو على "الإسلام", بل هي في حرب على شبكة محددة هي تنظيم القاعدة و"الإرهابيون" المرتبطون به. ووثيقة إستراتيجية الأمن القومي الأميركي تكون مطلوبة قانونا من كل رئيس أميركي, وتكتسي أهمية خاصة لتأثيرها في الموازنات والتشريعات التي يعتمدها الكونغرس. وعلى المستوى الدولي أكدت الإستراتيجية الأمنية الجديدة ضرورة أن تنسق واشنطن مع حلفائها إن أرادت استخدام القوة العسكرية، وأكدت حاجة الولاياتالمتحدة إلى تقوية المؤسسات الدولية وبلورة عمل جماعي دولي. وتقول الوثيقة إن أميركا ستعتمد وسائل متعددة لعزل إيران وكوريا الشمالية إذا لم تلتزما بالقرارات الدولية المتعلقة ببرنامجيهما النوويين، وتعهدت بتقليص الترسانة النووية الأميركية والحد من الاعتماد على الأسلحة النووية بشكل لا يمس بفعالية "قوة الردع". كما تدعو لوقف انتشار الأسلحة النووية وتأمين المواد النووية. وتعطي الإستراتيجية الجديدة الأولوية للدبلوماسية وتركز على "القوة الناعمة" وعلى محاولة التواصل، وتجعل الخيار العسكري آخر حل يتم اللجوء إليه.
طرق جديدة للقوة وأشارت الوثيقة إلى أن على الولاياتالمتحدة أن تستخدم قوتها بطرق جديدة، وأن توسع الشراكة الدولية خارج إطار الدول الحليفة التقليدية لتشمل دولا وقوى أخرى مثل روسيا والصين والهند.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون خلال تقديمها الإستراتيجية الأمنية الجديدة في معهد بروكنغز إن الولاياتالمتحدة "في طور التحول من الاستخدام والتطبيق المباشر للقوة -في أغلب الأحيان- إلى مزيج من القوة والنفوذ غير المباشرين أكثر تطورا وصعوبة". وإضافة إلى المزج بين القوة العسكرية والدبلوماسية، تركز الوثيقة على التنمية والقوة الاقتصادية وإعادة تنظيم الأوضاع المالية للولايات المتحدة، وتجديد أساس القوة الأميركية عبر تعزيز رفاهية الأميركيين، وتحقيق نمو اقتصادي متوازن ومستدام. وما تزال الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية أمورا محورية بالنسبة للسياسة الخارجية الأميركية، حيث تسعى الإستراتيجية الجديدة إلى الابتعاد عما يسميه منتقدو بوش "دبلوماسية رعاة البقر"، وتقول "لكي ننجح علينا أن نواجه العالم كما هو". وتعهدت الوثيقة الأميركية الجديدة بأن تصون الولاياتالمتحدة حقوق الإنسان وتعززها، كما رفضت اللجوء إلى التعذيب أداة لتحقيق أمن البلاد، داعية إلى تعزيز الشراكة مع المسلمين وتأكيد الالتزام الثابت بتحقيق سلام شامل في الشرق الأوسط والانسحاب من العراق.