الجزيرة - عبده عائش:في مفارقة عجيبة حسب بعض المراقبين، أعلن الأحد في صنعاء تاجر السلاح اليمني الشهير الشيخ فارس مناع إنشاء "مؤتمر السلام الوطني" لإرساء السلام بمحافظة صعدة شمالي اليمن، التي شهدت ست جولات حرب بين قوات الجيش والحوثيين. وقال مناع في أول ظهور علني أمام وسائل الإعلام، إن "مؤتمر السلام الوطني" الذي يرأسه، يضم في عضويته أكثر من ستمائة شيخ وشخصية اجتماعية، وعلماء ومثقفين من محافظة صعدة.
وأوضح أن المؤتمر "سيعمل على إرساء دعائم السلام في صعدة بشكل خاص واليمن بشكل عام وتضميد الجراحات التي خلفتها الحروب الست، كما سيكون تحالفا لجميع أبناء قبائل اليمن للدفاع عنها، والمطالبة بالتنمية والإعمار وتعويض ما دمرته الحرب والحقوق المهدورة الأخرى في صعدة".
ولأن شخصيته تتسم بالغموض، وتثور حوله الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، كان معظم الأسئلة التي طرحت عليه تتمحور حول علاقته ب"السلام" بينما عرف عنه أنه "تاجر سلاح"، إلا أنه رد بحسم غير مقنع "أنا لست تاجر سلاح، أنا تاجر سلام".
وقال مناع "مؤتمر السلام جاء نتيجة طبيعية لظروف بالغة التعقيد ومعاناة أبناء صعدة الذين طحنتهم الحروب" معتبرا هذا المؤتمر هو السبيل الوحيد للخروج من هذه المأساة.
" فارس مناع: مؤتمر السلام نتيجة طبيعية لظروف بالغة التعقيد ومعاناة أبناء صعدة الذين طحنتهم الحروب " شخصيات وأشار تاجر السلاح والسلام إلى أنه يسعى حاليا لإقناع الشخصيات السياسية والاجتماعية والمشائخ من أبناء صعدة، الذين نزحوا إلى صنعاء، للعودة إلى صعدة وممارسة حياتهم بشكل آمن ومستقر.
يُشار إلى أن فارس مناع يعد من كبار تجار السلاح في اليمن، وكان اسمه وضع على رأس قائمة سوداء متهمة بتجارة السلاح، حسب مصادر رسمية، وجرى تعميمها على وسائل الإعلام الحكومية.
وثار لغط كبير بالشارع اليمني حول علاقته بتزويد الحوثيين بالسلاح خلال الحرب السادسة التي استمرت من أغسطس/ آب 2009 وحتى فبراير/ شباط 2010.
وزادت التساؤلات عن صلته بالحوثيين، وتعرض إثرها للاعتقال من قبل السلطات اليمنية وأفرج عنه منتصف يونيو/ حزيران الماضي، بعد خمسة أشهر خلف القضبان، على خلفية سرقة الحوثيين لمخزن سلاح تابع له في صعدة.
دعوة فاشلة وتعليقا على إعلان مؤتمر السلام وتزعم مناع له، قال المحلل السياسي محمد الغابري بحديث للجزيرة نت "هذه الدعوات فاشلة ولن تنجح بسبب دوافع أصحابها وماضيهم وعلاقاتهم بالأطراف الأخرى".
وأضاف "هؤلاء الذين يدعون إلى السلام في صعدة مثل تاجر السلاح فارس مناع، لا يصلحون لقيادة دعوات كهذه، فالدعوة للسلام تتعارض مع مهنته التي يمارسها وهي تاجر سلاح، كما أن تزعم مشائخ وقبائل لمؤتمرات السلام في وقت هم غير مقبولين من قبائل أخرى".
" المحلل السياسي الغابري: فارس مناع، لا يصلح لقيادة الدعوة للسلام لأنها تتعارض مع مهنته التي يمارسها كتاجر سلاح " كما اعتبر مثل هذه الدعوات والهيئات التي تنشأ هنا وهناك من قبل مشائخ وأطراف قبلية تعطي مؤشرا على ضعف الدولة وفقدانها للسيادة على بعض مناطق البلاد، وخروجها عن السيطرة.
من جانبه رأى الباحث السياسي نجيب غلاب أن الحروب السابقة بمحافظة صعدة أثبتت أن الدولة غير قادرة على حسم المعركة مع حركة التمرد الحوثية، نتيجة الكثير من الأخطاء، ومن بينها تخلي الدولة عن حلفائها القبليين بصعدة الذين تعرضوا لضربات انتقامية من الحوثيين وقتل العديد من المشائخ وتشريد البعض الآخر.
وأضاف غلاب في حديث للجزيرة نت "مثل هذه المبادرات التي يصنعها المجتمع المحلي يجب أن تكون متحركة في إطار النظام والقانون، وأن تكون أداة فاعلة لفكرة ترسيخ سيادة الدولة على مناطق البلاد المختلفة".
وقال أيضا "مؤتمر السلام بحاجة لتوسيع نطاقه بحيث يشمل أطرا قبلية خارج إطار محافظة صعدة، وألا يتحكم به طرف، وأن يكون هناك تحالف كامل يجمع أبناء صعدة لصالح فكرة السلام، وأن يتم إلغاء كل أسواق السلاح في صعدة، ومواجهة تجارة المخدرات".