الأعمار لاتقاس بالسنين ولكن تقاس بقدر ماينتجه الإنسان في حياته قد تكون سنين كثرة أو قليله وهذا الرجل الذي اعرفه . رجل ذات مواقف يشهد لها التاريخ إنسان عادي في حياته عصامي في تعامله ....حدثني عن حياته منذ الصغر كيف عاش وكيف اغترب حدثني عن هروبه الى عدن وكيف عاد الى قريته وماهي الصعاب الذي واجهها في حياته العملية . انه القاضي الأديب والشاعر / المرحوم محمد ابن عقيل الارياني ذلك الأديب والشاعر الفذ الذي سكن مدينة تعز وعاش فيها .وتغنى فيها وعشقها حتى الثمالة في حوالي بداية السبعينيات عرفته في المحافل بين الأدباء أديبا وفي المحاكم قاضيا وبين عامة الناس مصلحا.عرفته يتغنى للوطن كله وعند تشكيل فرع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع تعز لم نجد أبا يرعينا نحن الادبا والكتاب سوى استأذنا الجليل محمد بن عقيل الارياني رحمه الله . عشنا معا ردحا كبيرا من الزمن أوجدنا فيها قاعدة للكتاب والأدباء فرع تعز وكان هو الأب الروحي بدون منافس. في الموتمرات لانفترق وفي الاجتماعات لانختلف استأجرنا مقر للاتحاد أسسنا مجلة المعرفة وأصدرناها رغم الظروف الصعبة أقمنا الأمسيات والندوات في الريف والمدينة من المخاء غربا وصبر جنوبا والراهدة غربا ثم منطقة التربة ومشرعه وحدنان كنا نستقطب الادباء ونقيم الأمسيات .في زبيد أقمنا عدة أمسيات بامكانياتنا المحدودة كان يشجعنا للكتابة في القصة والشعر وغيرها من المقالات . كما تم استضافة بعض الادباء من عدن وحضرموت ولحج وكنا نتبادل الزيارات في الوطن الواحد المشطر في حينه . كان الأستاذ محمد رأس ألحربه .لايختلف عليه اثنين شماله او جنوبه . في المؤتمر العام الثالث الذي عقد في عدن كان استاذنا هو الأب الروحي يرعانا كما يرعي الأب أولاده خرجنا يومها من موتمرنا بثمار عظام رغم النظامين الشموليين حين ذاك . في سفرنا كان يتحفنا في نكته . يحمل معه عاس ( خبز ) الشعير وقهوة القشر لأن قوته الوحيد حتى يحافظ على توازن السكر لديه أكلاته المفضلة. السلطة وعاس الشعير الذي يحمله وقليل من الخضار المسلوقة . في إحدى الموتمرات في عدن زرنا دكه معلا : زهقنا من أكل الفندق فتجهنا يوما الى دكه معلا لتناول طعام الغداء . طلبنا يومها سمكا مشويا . كانت وجبة غداء لاتنسى قال : كل يوم من هذا ياخبره ؟ إن الصور التي لم ترسم وتصور تضل عالقة في الذهن مهما مر الزمن عليها لقد مرت سنين على تلك الأيام لكن الذاكرة ضلت تختزن لها محفورة صلبه لاتمتحي من الذاكرة أبدا .والذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان من المواقف المضحكة في إحدى الموتمرات . دعونا الى صنعاء كنا خمسه برئاسة الأستاذ محمد عقيل أنا والأستاذ محمد عبد الرحمن المجاهد والشاعر الأستاذ محمد الفتيح والمرحوم عبد الرحمن سلام والسائق وبسيارة الأستاذ المجاهد غادرنا تعز صباحا نحمل هم الرحلة وعناء السفر . بدء الأنين من داخل السيارة انه الأستاذ الفتيح أصيب بحمه جعلته يهلوس طول الطريق في سماره بدأت السيارة بالصعود والفتيح لم يهدى أبدا صعدنا جبلا نزلنا واديا ومحمد الفتيح لايهدى له بال طالت الرحلة الساعة الواحدة وصلنا صنعاء مرهقين قال المرحوم ابن عقيل ( هه ) وصلنا صنعاء سكت الفتيح قال استحملوني يااخواني وصلنا صنعاء ؟ وضحكنا جميعا . انهينا مهمتنا عائدين الى تعز لكن الفتيح هذه المرة كان هادئا لم يتكلم إلاعند ما يجد ما يعكر مزاجه . كثيرا تلك المواقف التي كان القاضي يضحكنا بها سوى في سفرنا اوترحالنا .فهو ذات مواقف أدبية وسياسية لقد كان أنسانا قبل أن يكون أديبا وقاضيا. إن المواقف كثيرة وخاصة عندما تأتي مناسبة قومية أووطنية تراه يهرع لها ليقدم مالديه من احلى الكلمات من شعر غزلي يمزج فيه السياسة في الأدب يكتب المقالة يرسمها بحروف من نور .لو هناك اتساع من الوقت لكتبنا المزيد من تلك المواقف الرائعة . هذا هو المرحوم القاضي والشاعر والأديب والسياسي والإنسان الأستاذ محمد بن عقيل الارياني رحم الله استأذنا وادخله فسيح جناته والهم أهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون .