مامن شك أن التطرف والتعصب والغلو الديني الذي نشر شباكه حول عدد من الشباب المسلم في الدول العربية والإسلامية، أصبح يمثل هاجساً ليس للحكومات فحسب، وإنما للآباء والأمهات، حيث باتوا يخشون من انزلاق أبنائهم الى التطرف الذي ينتهي إلى ارتكاب جرائم العنف والإرهاب مدفوعين بذلك بدعاوي نصرة الإسلام ومحاربة الأعداء.(1) ولأهمية الموضوع وحساسيته خصوماً وان بلادنا اليمن تقاسي الأمرين جراء التطرف الديني وتدفع ثمناً باهضاً من اقتصادها الوطني، وهذا يحتم علينا البحث في أغوار هذا الموضوع، فماهو التطرف؟ وماهو التطرف الديني؟ التطرف لغة: هو الوقوف في الطرف، هو عكس التوسط والاعتدال ومن ثم فقد يقصد به التسيب أو المغالاة، وان شاع استخدامه في المغالاة والإفراط فقط، وفي المصباح المنير: غلا في الدين غلوا من باب تعد أي تعصب وتشدد حتى جاوز الحد. فالتطرف هو الميل عن المقصد الذي هو الطريق الميسر للسلوك فيه، والمتطرف هو الذي يميل الى أحد الطرفين. (2) التطرف في الاصطلاح: يرتبط بأفكار بعيدة عن ماهو متعارف عليه سياسيا واجتماعياً ودينياً دون أن ترتبط تلك المعتقدات بسلوكيات مادية متطرفة أو عنيفة في مواجهة المجتمع أو الدولة.(3) ويرى البعض أن التطرف يحمل في جوهره حركة في اتجاه القاعدة الاجتماعية او القانونية أو الأخلاقية، يتجاوز مداها (أي الحركة) الحدود التي وصلت إليها القاعدة وارتضاها المجتمع. (4) والتوجيه القرآني كان دوماً يحث على الاعتدال والوسطية، فالله سبحانه لايكلف نفساً إلا وسعها. وهو يعلي من شأن اليسر وينهي عن البخل والشح لأنهما تطرف في التعامل مع المال. وقد جاء الفقه ليؤكد على تمثل روح التيسير والسماحة وليجعل من القواعد الأصولية قاعدة المشقة تجلب التيسير، وقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وقاعدة الضرورات تبيح المحظورات. ويحفل فقه المعاملات بما يحث على الأخلاق الحميدة وينهى عن السخط والضجر والشطط والمغالاة وغير ذلك من صور التطرف.(5) خصائص التطرف: تتعدد خصائص التطرف لتشمل كل تصرف يخرج عن حد الاعتدال وذلك في كافة صور السلوك ومنها: 1- التعصب للرأي بحيث لايتم السماح للآخرين بمجرد إبداء الرأي، أي الإيمان الراسخ بأنهم على صواب والآخرين في ضلال عن الحقيقة، لأنهم وحدهم على حق والآخرين في متاهات وضلالات. 2- العنف في التعامل والخشونة والغلظة في الدعوة والشذوذ في المظهر. 3- النظرة التشاؤمية والتقليل من أعمال الآخرين والاستهتار بها. 4- الاندفاع وعدم ضبط النفس. 5- الخروج عن القصد الحسن والتيسير المعتدل. (6)