المتابع لما يدور في الساحة اليمنية من صراعات بين فرقاء الطيف السياسي ، يدرك كثيراً بعد فشل جولات من الحوارات والفرص التي كانت سانحة لتهدئة الملعب السياسي بغية الوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف ويلبي المصالح العامة للوطن، أن هناك من يحبذ حياة الفوضى وعدم الاستقرار في إطار نشاطه المعروف بصناعة الأزمات واستثمارها. ليس هذا تهويماً أو ضربا من الخيال، غير أن ما لمسناه و قرأناه بل و شاهدناه عبر وسائل الاتصال المختلفة يؤكد لنا أن فريقاً مازال متصلباً بمواقفه المتطرفة تجاه الأزمة التي تعيشها البلاد، وهذا الفريق من المؤسف له أن الشعب ذات يوم كان يأمل منه خيرا في تبني همومه و سعيه لتعزيز الأمن والاستقرار ، غير أن شيئاً من ذلك المؤمل لم يحدث، فمنذ أن انشأ كيان ما يسمى ب" أحزاب اللقاء المشترك " وهو منذ ميلاده لا يتقن سوى صناعة الأزمات واستثمارها مهما كانت النتائج، حيث لم ترضهم الحلول الوسط التي تغلب مصالح الوطن على غيرها من المصالح الحزبية والشخصية ،تلك التي تعزز الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، والسبب يعود لكون هذه الأحزاب أسيرة ولاءات ضيقة وإملاءات خارجية ورهينة توجهات أيديولوجية متناقضة ويجمعها الإحساس بالكراهية تجاه الوطن ومصالحه العليا التي تحققت في عهد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح ، ولهذه الأسباب – وغيرها الكثير – نجد هذه الأحزاب في كل آونة وأخرى تمعن في الإيغال في كل ما هو مؤسس للفساد السياسي والفوضى والعنف والكراهية . فحين أدرك الأشقاء في دول الخليج خطورة المنزلق الذي يحيق بالوطن والذي تعمل له أحزاب المشترك مهيئة كل الوسائل الممكنة للوقوع فيه، سرعان ما أقبل الخليجيون يحثهم على ذلك حق الجوار والخوف من تداعيات انفجار الأزمة اليمنية على المنطقة ، نعم لقد سارع قادة دول الخليج إلى إيجاد مخرج آمن من الأزمة ، تمثل بتقديم مبادرة لحل الأزمة اليمنية، لكن الذي يتضح أنه على الرغم من التنازلات التي قدمها فخامة الرئيس بقبوله المبادرة الخليجية التي صادرت حق أغلبية الشعب اليمني التي منحت فخامة الرئيس ثقتها حين صوتت له في الانتخابات الرئاسية في 2006م وحتى 2013م ، وذلك بعد أن تضمن أحد بنودها تنحي فخامة الرئيس خلال شهر من التوقيع. نعم.. رغم تلك التنازلات التي وجد فيها فخامة الرئيس حقناً للدماء إلا أن الطرف الآخر لم يعجبهم هذه التنازلات الأمر الذي جعلهم يبحثون عن وسائل تعمل على إفشال ومساعي المبادرة الخليجية، وقد كانت أحداث الأربعاء الماضي حين أوعز اللقاء المشترك للمتطرفين من الشباب المعتصمين بالزحف على مخيم المعتصمين المؤيدين للشرعية الدستورية في المدينة الرياضية، احدى وسائلهم الخبيثة لتفجير الوضع. ولعل معظمنا شاهد ما على الفضائية اليمنية وقناة سبأ بعضاً من المشاهد الحزينة التي تبعث على الأسى والحزن بل و تدمع له العينين نتيجة التعامل الوحشي من شباب أحزاب المشترك وعلى الأصح مجاهدي حزب الإصلاح ، تجاه أحد المعتصمين من كبار السن والذين أشبعوه ضرباً وركلاً ورفساً حتى الموت، وكان كل ذنبه أنه يحمل على جبينه صورة فخامة الرئيس ويصيح مؤيدا للشرعية الدستورية رافضا كل أشكال العنف والفوضى. ومع ذلك فأحزاب المشترك وبكل وقاحة خرج بيان صادر عنها يدين الحادثة، وكأن شيئا لم يحدث. الحقيقة أن ذلك صورة حقيقة لسلوكهم العدواني تجاه الشعب ممن يخالفهم الرأي، ومثل هذه السلوكيات الإجرامية الكثير والكثير والهدف منها إثارة الرعب في نفوس العامة من الشعب إضافة إلى تأزيم الوضع مراهنين على ردود الأفعال التي يؤملون منها جني مواقف يزايدون من خلالها.