*نعم الموت حق وواجب، والنفس المطمئنة ترجع الى ربها راضيّة مرضيّة، لكننّا ونحن نودع الأمير الإنسان نشعر بالحزن وألم الفراق، فقد رحل عنا رجل الخير تاركاً لنا ذكرى معطرة بتراب الوطن ونخله ومساجده وحدائق الياسمين، فيها الأمل للأبناء، وحكمة الأفعال والأيام، *حزننا كبير وعميق، حينما غادرنا جسديّاً، وكان غزيراً كالبحر في عطائه ومحبته للجميع ، فما أعظم الخير الذي خلفه لنا الامير سلطان (رحمه الله) ، وما أعلى البناء الذي أنجزه، وما أجمل الحكمة التي غرسها في تراب وطنه ، وما اجمل الدروس البليغة التي تركها للأبناء في مواجهة الزمن،. *الفقيد كان حريصا على التكاتف العربي والإسلامي والخليجي وحريصا على استقرار المنطقة وهو ما انعكس عقب حله ملفي قطر واليمن بحنكة وسياسة هادئة وتجاوز كثير من العقبات ودون جرح مشاعر تلك الدول والمنطقة. *رحيل الأمير سلطان سيؤثر على المنطقة لكونه أحد صمامات الأمان لها، فقد كان رحمه الله "العقل السياسي المتحرك". فقد كان كثيرا من رؤساء الدول يلجؤون إليه لحل بعض المشكلات التي تطرأ عليهم وكان يسهم معهم بحلها بسياسة هادئة، كان رحمه الله "رجل المهام الصعبة والكبيرة" المسرح العربي و الدولي والإقليمي سوف يفقد برحلية الكثير .... * أن الأمير سلطان الأمير سلطان كان الشخصية المحورية التي أسهمت بدور فاعل ومؤثر في الدفع بأطر العلاقات الثنائية بين السعودية واليمن بعد "حله ملف اليمن" إلى آفاق من التقدم والانفتاح، إضافة إلى مواقف الأمير سلطان في دعم القضايا العربية من خلال مواقفه التاريخية المشرفة في تعزيز التكافل بين الدول العربية وتحسين مقدرات التنمية في المجتمعات العربية الفقيرة. كان "سياسيا محنكا" من الصعب إيجاد مثيل له، وقد تولى ملفات "شائكة" عديدة وتعهد بحلها رغم صعوبتها، ك"ملف اليمن" رغم احتوائه على مشاكل كثيرة إلا أن بالحنكة السياسية وعلاقته مع مشايخ قبائل اليمن استطاع حل هذا الملف، بالرغم من أن الملف كان أشبه ما قد يكون ب"القنبلة الموقوتة" لكنه استطاع إلغاء خطورتها. وعودة للملف اليمن نتذكر حكمة الأمير الراحل كان على قمة أولويات الأمير سلطان "الملف اليمني"، الذي يمثل "عمقا استراتيجيا للمملكة العربية السعودية وحديقة خلفية لم يكن من الحكمة السياسية تجاهلها". وتوجت هذه الحنكة بتوقيع اتفاقية الحدود اليمنية السعودية في 12 يونيو 2000، بعد اضطراب سياسي حدث بين صنعاءوالرياض، ووقوف النظام السياسي في صنعاء إلى جانب "نظام الرئيس العراقي صدام حسين" إبان غزو العراق للكويت وامتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 660 في الجلسة الطارئة مساء 2 أغسطس 1990 التي أدانت بالإجماع الغزو العراقي، مطالبا قوات صدام بالخروج الفوري، إلا أن وفد اليمن الذي كان العضو العربي الوحيد امتنع عن التصويت، وانسحب قرار عدم التصويت في اجتماعات المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، وامتناعها عن التصويت أيضا في القمة العربية الطارئة بالقاهرة في 10 أغسطس. بعد "الاستعراض البانورامي السياسي" المعقد بين المملكة العربية السعودية ونظام صنعاء، إلا أن الأمير سلطان استطاع فك "شفرة استعصاء هذه البوابة المعقدة"، عبر معرفته الوثيقة بخارطة القبائل اليمنية. وهنا نتذكر عندما دعا الأمير سلطان مشايخ القبائل اليمنية إلى العاصمة الرياض، بعد موقف الحكومة اليمنية المساند من الغزو العراقي للكويت، وتحدث للقبائل بهذا الموقف السياسي التي لم يكن موقفها على مسافة موازية لحكومة صنعاء، والتي أيدت موقف المملكة من أزمة حرب الخليج الثانية". رغم ذلك استطاع الأمير سلطان تجاوز ذلك بالنظرة الإنسانية السياسية، وتغيير موقف الحكومة اليمنية 180 درجة بالإضافة إلى تغيير الأجواء السياسية إلى الأحسن ترجمت بتوقيع الاتفاقية بين وزيري خارجية البلدين". *في العام نفسه قام سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز (رحمه الله ) بزيارة اليمن واستئناف اجتماعات مجلس التنسيق السعودي اليمني حينها أصدرت جريدتي ( الحقيقة) عدد خاص بزيارة سموه لليمن حمل 16 صفحة كرست عن الأمير ومقالات عديدة وعبر سفارة خادم الحرمين الشريفين سلم العدد لسموه الذي إبداء إعجابه خصوصا وان الصحيفة نشرت الأعلام السعودية واليمنية متشابكة وحظينا حينها ببرقية شكر من مكتب سموه وعبر سفير خادم الحرمين الشريفين بصنعاء الأسبق تقديرا لما اسماه سموه دور نبيل في خدمة العلاقات السعودية اليمنية وكانت شهادة نعتز بها من شخص بمكانه ومقام الفقيد .. * وعلى الصعيد الشخصي أتذكر مواقف عديدة للأمير الكبير رحمة الله خصوصا تكفله في أكثر من مرة بعلاجنا وأخرها هذا العام 2011م حيث تحمل سموه رحمة الله نفقات أجراء عملية تبديل مفصل الورك الأيسر لي لهذا لا تكفي المقالات والكلمات أن تفي شي من خير هذا الرجل الذي امتد للبعيد قبل القريب .. *واليوم يستقبل الشعب السعودي والعربي بأذرع مفتوحة وحفاوة بالغة ابنه البار الأمير نايف بن عبدالعزيز وليا للعهد، وعضداً لقائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (أيده الله). إن تعيين سموه ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء تأكيد على نعمة الاستقرار وسلامة البناء الوطني، وتوافق أبناء الأسرة المالكة وفعالية هيئة البيعة. واختيار الأمير نايف لهذه المهمة لم يأت من فراغ فهو المحنك والخبير بالشأن المحلي، والإداري المتمرس، صاحب تجربة إدارية وسياسية فريدة بدأت وهو ابن الثامنة عشرة وتواصلت في خدمة بلده وشعبة . وإذا ذكر الأمن ذكر نايف، والأمن أساس التطور لأنه هو الذي يصنع الاستقرار، وقد أثبتت التجارب العالمية أنه لا يمكن للتنمية أن تنبت في غير بيئة مستقرة ولا يمكن وجود بيئة مستقرة بدون أمن. *هنيئا للمملكة وشعبها الوفي قيادتها الرشيدة التي تصمد في الشدائد وتقدم المصالح العامة للوطن على المصالح الشخصية، وأبارك لسموه هذا التشريف والتكليف وهو أهل للمسؤولية وندعو له بالعون والتوفيق والسداد. * سلطان الخير... لن ننساك لأنك حيّ في وجداننا وضمائرنا... في ذمة الله يا أمير الخير والحكمة يا من عشت نموذجاً حياً للحكمة والبصيرة لن ننسى حكمتك في حب الناس والخير، وعزاؤنا انك أنجبت شباباً وقادة سيحملون رايتك ورؤياك إلى الأبد. أيها الأب العزيز سيطول حزننا عليك ولكننا سنقرأ بعد فراقك قول الله تعالى: "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" (صدق الله العظيم). . رئيس تحرير جريدة (الحقيقة ) اليمنية . [email protected]