التقاليد البرلمانية العريقة تقول أن الحصانة البرلمانية تستهدف حماية النائب في عمله البرلماني حتى لا يختطف من أحضان المجلس بسبب قوة وجرأة آرائه ورقابيته على السلطة التنفيذية). ولكن الحصانة تحولت في كثير من القضايا إلى (فيزا كارت)، للسرقة والنهب والفساد.. وتحوّل بعض النواب –تحت عباءة الحصانة- إلى حيتان شرسة في عالم الثروة والبيزنس الحرام. وللأسف الشديد فإن بعض النواب تضامنوا فيما بينهم لتعطيل إجراءات رفع الحصانة عن زملائهم، حتى لو كانت أدلة الاتهام واضحة.. ومواطن الشُبهات لا تخفى على أحد. لهذا فإن الجرائم الشخصية التي ليست لها علاقة بعمل النائب في البرلمان لا تشملها الحصانة، وعلى المجلس أن يأذن فوراً باتخاذ الإجراءات، فجرائم النصب والامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية وغيرها من الجرائم.. لا تشملها حصانة النائب، والدليل الفاضح على ذلك القضية التي يعود تاريخها إلى العام 1997م، عندما كانت الدعاية للانتخابات البرلمانية في أوّجها، سجل المواطن محمد أحمد قائد الوصابي موقفاً مشهوداً بثقله المعنوي والمادي إلى جانب المرشح البرلماني محمد صالح الناحية.. ولولا هذه الوقفة المشهودة حسب كثيرين لما استطاع النائب من دخول البرلمان. كان الوصابي يومئذٍ عائداً من المهجر –المملكة العربية السعودية- بعد سنوات من الكفاح المرير لقضاء إجازة سنوية داخل وطنه.. و لا يمتلك سوى مبلغ من المال أدخره لبناء منزل لأسرته في حي القادسية –شارع تعز خلف فندق المستقبل بأمانة العاصمة- مكوّن من دورين تُحيط به مساحة (حوش).. لم يستقر المغترب الوصابي في المنزل، بل عاد بعد قضاء إجازته للغربة بمعية أسرته، وبكرمه وبطيبته وثقته قام بتأجير المنزل للنائب الناجح الذي كان يومها لا يمتلك منزلاً في العاصمة صنعاء.. وبإيجار رمزي لا يُذكر.. ولم يقم النائب حتى بدفعه. خيانة النائب.. وتنكر للجميل ورغم عودة المهاجر الوصابي وأسرته إلى المملكة العربية السعودية، إلاّ أن النائب الناحية لم يفِ بدفع الإيجارات للوصابي، بل أنه ظل يماطل ويتهرب عن دفع الإيجارات حتى العام 2002م. لاشك أن قضية المهاجر الوصابي عند البرلمان لهي قضية هامة وحساسة وشائكة.. وأيضاً لها جذورها الإنسانية والأخلاقية التي تجعلنا مضطرين لمناقشتها بصراحة وموضوعية.. وذلك لأن المتسبب فيها نائب برلماني يستقوى بالحصانة البرلمانية.. وبذلك تظل المشكلة قائمة كما هي بالرغم من محاولة توسط مشائخ (وصاب) لدى النائب.. الأمر الذي اضطر معه المهاجر الوصابي الشكوى لدى هيئة رئاسة مجلس النواب، أسفرت الشكوى يومها عن قرار اتخذه يومها رئيس مجلس النواب الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر بإيقاف مرتبات النائب الناحية. لكن للأسف لم يجد ذلك نفعاً.. ولثاني مرة عُرضت القرية على نائب رئيس المجلس حينها (الشيخ الراعي) الذي بدوره أحال القضية على النيابة العامة. المشكلة الأساس في القضية كلها.. أن النائب البرلماني الذي لم ينصاع للأحكام والقوانين حتى اليوم، يستقوي بأمرين اثنين: الأول: الحصانة البرلمانية والثاني ضُعف الشاكي وعجزه عن المواجهة أمام أي جهة بسبب نفوذ النائب الناحية. إن كل الأعباء والمسؤوليات الأسرية الجسام التي ينوء بحملها المواطن الوصابي، لم تشفع له عند النائب الذي تنكر لكل جميل صنعه له، فالرجل متزوج من أربع نساء وأب لثمانية عشر ولداً.. فوجد نفسه تحت ثقل كل المسؤوليات، وأمام تعنت النائب الاتجاه إلى القضاء كي يكون الفيصل بينهما ويعود الحق المُغتصب لأصحابه.. فكان أن صدر له حكماً ابتدائياً قضى بوجوب خروج النائب الناحية من المنزل، وعلى أن يقوم بدفع كامل الإيجارات. ولأن النائب لا يحترم القضاء ولا يضع اعتبار لأي حكم قضائي، فلم يتم تنفيذ الحكم، وفي 27/7/2010م، كلف مجلس النواب ثلاثة من أعضاء مجلس النواب هم: عبده محمد بشر، محمد ناصر الحزمي، وعبدالكريم شيبان، بالنزول الميداني وتسليم المنزل للمغترب محمد الوصابي بموجب الأحكام الشرعية، غير أن النائب الناحية استخدم حيلة شيطانية، حيث التزم خطياً بتنفيذ الحكم الصادر ضده وتسليم المنزل خلال شهر من تاريخه، وهو الأمر الذي لم يتم إطلاقاً. رئيس مجلس الوزراء يطالب برفع الحصانة البرلمانية عن النائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور/ علي محمد مجوّر وجه خطاباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى طالب فيه برفع الحصانة البرلمانية عن النائب.. ولكن ذلك لم يتم. وبعد مُضي أكثر من ثمانية أعوام بالجري وراء المحاكم.. تمكن الوصابي من الوصول إلى حكم من معمد من المحكمة العليا يقضي بتسليم المنزل له.. المهم.. تم تكليف الأخ/ حمود أحمد الهتار من قبل رئيس المحكمة بالنزول الميداني لتسليم المنزل وهو ما تم بالفعل، حيث تم وبحضور عدد من رجال الأمن تسليم المنزل للوصابي وكان يوجد بداخل المنزل نساء وكبار سن قالوا أنهم سيخرجوا خلال فترة عصر الأربعاء الماضي –نفس اليوم- واستلم الوصابي الطابق الأول من المنزل. وفي المساء وصلت سيارتين تحمل عدد من الأشخاص المُدججين بالأسلحة النارية، قاموا على الفور باقتحام المنزل ومقاومة رجال الأمن المتواجدين هناك.. وسيطروا على الطابق الثاني بالقوة. يناشد المغترب محمد أحمد قائد الوصابي كلاً من رئيس الجمهورية والنائب العام ووزيري الداخلية والعدل وكافة المسؤولين إيقاف النائب الناحية عند حده وخروج أصحابه بالكامل من المنزل حسب الأحكام القضائية التي معه. للإعلاميين؟! وتمنى الوصابي في نهاية سرد مأساته من الوسائل الإعلامية التأكد والنزول لمعرفة وكشف الحقائق قبل نشرها.. نافياً بذلك ما تطرقت إليه بعض المواقع الإخبارية أنه تم اقتحام منزل عضو مجلس النواب من قبل الوصابي ومجموعة مسلحة.. وإظهار القضية للرأي العام وكأنها قضية سياسية.