لا زالت الاتصالات التي تجري تحت عنوان عقد قمة عربية، عالقة في منطقة الحسابات السعودية التي تتقاطع معها احيانا حسابات مصرية وغالبا حسابات اردنية، واستنادا الي مصادر مطلعة داخل الجامعة العربية لم يتقرر بعد عقد قمة عربية طارئة لبحث العدوان الاسرائيلي علي لبنان بالرغم من حماس الامين العام للجامعة عمرو موسي. ويبدو ان هذا الموعد المقترح لا يراعي الاجندة المصرية والسعودية فلا زالت خمس دول عربية تناضل بقوة لكي تنجح في عقد قمة طارئة للزعماء العرب علي اساس بحث العدوان الاسرائيلي علي الشعبين الفلسطيني واللبناني فيما وافقت ثلاث دول اخري علي عقد القمة دون المشاركة في الضغط علي الدول الممانعة لعقدها. ولا زال المتابعون لاجتماعات مجلس الجامعة يرصدون التصلب السعودي الرافض لعقد القمة علي اساس ان توقيت الحرب الاخيرة لم يكن عربيا وفقا لما فهم من اوساط الوفد السعودي، فالقمة الطارئة ستكون خطأ فادحا لانه لا مبرر لعقدها بدون اتخاذ قرارات جماعية قوية ولا مسوغ لهذه القرارات لان ايران وحزب الله سيكونان الطرف المستفيد. وتبدو الحسابات السعودية هنا متمسكة بخيارات تجاهل عقد القمة منعا لاستثمار الموقف لصالح الايرانيين وحلفائهم في لبنان والمداولات خلال اليومين الماضيين شهدت مسافة ملحوظة ما بين الموقف السعودي والموقف المصري، فالحكومة المصرية ورغم انها انتقدت حزب الله علنا واشارت لمغامراته حسب القياس السعودي الا ان الحسابات الداخلية للقيادة المصرية دفعت باتجاه وجود مسافة ابعد قليلا عن الموقف السعودي. وحسابات المصريين من عقد القمة مرتبطة تأسيسا علي الشارع المصري الذي يتهم قيادته بالتخاذل علنا، وعدم وجود ممانعة مصرية لاستضافة القمة الطارئة مرده بشكل اساسي لحسابات مصرية داخلية فالرأي العام المصري ثائر اصلا. وعليه فالاستدراك في الموقف الرسمي المصري يتأسس علي السعي لتجنب مواجهة جديدة مع الرأي العام ولذلك تقف القاهرة رسميا في موقف الين من الموقف السعودي تجاه الحماس اليمني والقطري لعقد قمة طارئة وفي اسرع وقت ممكن. وخلافا للمشهدين المصري والسعودي لا نتوجد خلافات او تباينات داخل مؤسسة القرار ذات المرجعية الواحدة في الاردن فعمان رسميا لم تقل ولا كلمة واحدة ضد عقد اجتماع طارئ للقمة لكنها لم تعلن موافقتها علي عقد القمة ولا تفضل عقدها علي اساس ان الخيار التكتيكي الان هو العمل مع المجتمع الدولي لوقف العدوان الاسرائيلي ووقف اطلاق النار. وعمان تكتفي بالكلاسيكيات ولا تظهر سياسيا او دبلوماسيا او اقليميا منفردة في المشهد وتستظل دوما بالموقفين السعودي والمصري او احدهما وان كانت تصوراتها الرسمية بان ايران هي اللاعب الخفي وراء الاحداث الاخيرة، كما تعتبر الاوساط الرسمية في عمان ان الطموحات الايرانية عنصر قلق رئيسي في المنطقة وان التيارات الاسلامية في البلدان العربية يمكن ان تحصل علي جرعات معنوية مرتفعة في حالة تفوق المقاومة المسلحة المدعومة ايرانيا وسوريا في كل من فلسطين ولبنان. لكن يلاحظ بصفة عامة ان عمان كالعادة تمسك العصا من منتصفها في المشهد السياسي، فهناك اعتراف بان اسرائيل بالغت في ردود الفعل واصبحت الان شريكة مع حزب الله في تقريب الايرانيين اكثر من منطقة الصراع العربي الاسرائيلي. وفي سياق المعادلة السياسية والدبلوماسية الاردنية التي شاركت وتشارك في اجتماعات القاهرة يستقر تصور اضافي يفسر الشرارة التي اشعلت الحرب الاخيرة، فالاردنيون كانوا يتوقعون حربا اضافية في المنطقة تستهدف سورية او ايران او الاثنين وبهذا المعني فايران عبر حزب الله استبقت الاحداث وخلطتها. ومن هنا يمكن القول وفي التحليل النهائي بان الدرب نحو عقد قمة عربية طارئة صعب ومعقد وتدخل فيه الكثير من الاعتبارات والتوازنات ويمكن القول ان اجتماعات القاهرة الاخيرة التي ما زالت قائمة علي مستوي مجلس الجامعة عكست طبيعة التوازنات والمخاوف التي الهبت بؤر القلق والارتياب عند الدول العربية المفصلية.