صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة صراع بين جهازين
الأمن السياسي والأمن القومي الانتقال من حماية الوطن إلى حماية الذات والزعيم
نشر في مأرب برس يوم 23 - 04 - 2011

يتساءل العديد من المراقبين عن سبب تأخر إعلان قيادات في الأمن السياسي إنضمامها للثورة الشعبية الشبابية , أسوة بمؤسسات الجيش الوطني والأمن . ويطرح هؤلاء أسبابا مهمة تدعو ضباط الأمن السياسي للإنضمام للثورة وليس أخرها ما لوحظ من إستهداف لضباط وأفراد من قبل القاعدة أو أطراف أخرى , وتحويلهم لجهاز هامشي . وتحميلهم مسؤلية ملفات فشل أمنية ,إضافة لعدم إعطاءهم نفس حوافز أفراد الأمن القومي . الحرص الامريكي عليهم عبر الدورات التدريبية الدائمة والمكثفة التي تقام للعاملين في الجهاز داخل الاراضي الامريكية كذلك الحال بالاجهزة والمعدات ولا ننسى الدعم المالي الضخم المعتمد بصورة دورية للجهاز، حيث لايقل راتب أي عامل في جهاز الأمن القومي عن (200) الف ريال يمني شهرياً .
ومن جانبهم يشعر ضباط الأمن السياسي بالإحباط بسبب تميز زملائهم في الأمن القومي بالرواتب الأعلى والتقنيات الأفضل، والسيارات النظيفة، ولكنهم يشعرون في الوقت ذاته أنهم الأقدر والأكثر خبرة في مكافحة الإرهاب واحتوائه، وأنهم استطاعوا أن يجندوا كثيرا من عناصر الإرهاب في صفوفهم وأصبحوا يتبادلون معهم الزيارات وكأنهم أفراد في أسرة واحدة. قبل سنوات قام الأمن السياسي بالتخلص من مجموعة من أكفأ كوادره وضباطه عبر الفصل أو التوقيف , وذلك بدواعي مختلفة منها ذهاب البعض للدراسة وحصولهم على مؤهلات وشهادات أكاديمية عليا دون إذن من قيادة الجهاز , وعرف بعد ذلك أن هذا الأمر كان دافعه هو إيعاز الرئيس لقيادة الجهاز للتخلص من هذه الكوادر التي ليست موثوقة الولاء للرئيس , بقدر ولاءها للجهاز كمؤسسة مهمتها حماية أمن الوطن .
بعد إنشاء الأمن القومي ,والذي قيل وقتها أنه أنشئ لمكافحة الإرهاب , إلا أن الملاحظ أن القاعدة لا زالت مركزة على ملاحقة ضباط في الأمن السياسي ومحاولة إغتيال قيادات في الجهاز هدف رئيسي للتنظيم ..ولم نسمع عن عمليات لاغتيال ضباط في الأمن القومي .. وهو أمر دفع الكثير للتساؤل عن صحة التحليلات السياسية والأمنية التي تحاول الربط بين القاعدة والرئيس وبالتالي جهاز الأمن القومي الذي يقوده إبن أخوالرئيس عمار .
قبل عام مثلا في سبتمبر 2010 م كان «تنظيم القاعدة في بلاد العرب» قد هددً بتصفية 55 من ضباط وأفراد الأمن اليمني، وصفهم بالهدف المشروع للتنظيم وذلك ابتداء من الأول من شهر شوال ما لم يعلنوا توبتهم في جامع مدينة زنجبار. بحسب بيان وُزع في مدينة زنجبار .
صحيفة "حديث المدينة» اليمنية المستقلة نقلت عن ضابط لم تسمه مشمول بالقائمة المستهدفة بالقتل من قبل تنظيم القاعدة قوله إن قائمة المستهدفين تضم 31 ضابطاً من جهاز الأمن السياسي و9 ضباط من الاستخبارات العسكرية و15 فرداً من البحث الجنائي!! الملاحظ عدم إشتمال القائمة على ضباط الأمن القومي !!
كما كان أعلن تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب مسؤوليته عن الهجوم المسلح الذي شنه عناصره على حافلة الأمن السياسي بصنعاء وأدى إلى مقتل 14 من كبار ضباط شعبة مكافحة الإرهاب بجهاز الأمن السياسي بحسب بيان صادر عن التنظيم.
وكان بيان أخر للتنظيم قد أعلن مسؤوليته عن 4 عمليات تم فيها أستهداف ضباط ومقار أمنية في لحج حيث تبنى التنظيم عملية اغتيال نائب مدير الأمن السياسي بلحج العقيد عبده محسن الحاشدي وإصابته بطلقتين في محافظة لحج ، واغتيال العقيد علي عبد الكريم البان مدير التحقيقات والقائم بأعمال نائب مدير الأمن السياسي مساء الجمعة 6/ رمضان/1431ه ، الساعة السابعة مساءً في منطقة "تُبَن".
كما تبنى التنظيم بحسب البيان استهداف مبنى الأمن السياسي بمحافظة لحج يوم السبت 25/ رمضان، والذي نتج عنه تدمير السور، وتدمير سيارة تابعة للأمن السياسي، ومقتل (7) وإصابات أخرى في صفوف منتسبي الجهاز .
وإلى اليوم لازلنا نقرأ بإستمرار عن عمليات لإستهداف ضباط الأمن السياسي من قبل القاعدة ..
الغريب أيضا هو مايقوله كثير من المحللين عن أن القاعدة ترتبط بالرئاسة وذلك عن طريق مدير مكتب الرئيس والذي هو رئيس جهاز الأمن القومي ..وهناك شواهد سنذكرها بإختصار نقلا عن بعض المصادر ..
"مهمة الأمن القومي "
وبحسب القرار الجمهوري رقم (262 ) لسنة 2002 الخاص بإنشاء الأمن القومي فان على هذا الجهاز «تأمين سلامة الجمهورية اليمنية وحماية أمنها القومي واتخاذ كافة التدابير والوسائل الكفيلة بالمحافظة على سيادتها ومصالحها العليا».
أبرز مهام واختصاصات جهاز الامن القومي لليمن «رصد وجمع وتوفير وتحليل المعلومات الاستخبارية عن كافة المواقف والانشطة المعادية الموجهة من الخارج والتي تشكل تهديدا للامن القومي للبلاد وسيادتها ونضالها السياسي ومركزها الاقتصادي والعسكري. وكذلك كشف ومكافحة الانشطة التخريبية للامن القومي وتامين حماية حدود البلاد وجزرها من اي اختراق للعناصر الموجهة من الخارج وتأمين حماية القوات المسلحة والامن وغيرها من مرافق ومؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية والقنصلية للجمهورية اليمنية في الخارج من اي اختراقات معادية للأمن القومي».
في مكتب رئاسة الجمهورية كان هناك دائرة تدعى (دائرة المعلومات) , جهاز الامن القومي ليس سوى تطور إحترافي لهذه الإدارة حسب الزميل اللسواس ويستند في دعواه الى كون قاعدة البيانات الرئيسية للجهاز إنشئت بالاستناد الى البيانات المؤرشفة في هذه الدائرة التي كانت تعتبر من أخطر الدوائر المعلوماتية في البلاد وتخضع لإشراف مباشر وشخصي من قبل مدير مكتب رئاسة الجمهورية علي الآنسي الذي يرأس الامن القومي حالياً.
أسباب تأسيس الأمن القومي
- كانت أهم الأسباب لإنشاء الأمن القومي هو رغبة ملحة لدى الرئيس بالتوريث , ولوحظ في تلك الفترة تغيير الكثير من القيادات العسكرية , وكذلك بعض الإغتيالات لقيادات أخرى وإبدالها بأبناء الرئيس , مثل أحمد فرج , ومحمد إسماعيل , فكان لابد أن يوازي هذه التغييرات صناعة جهاز امني قوي , يتميز بالولاء الكامل للرئيس وأسرته , ورغم أن غالب القمش من أقارب الرئيس , إلا أن الأمن السياسي كان يتميز بنوع من التنوع الكبير لأفراده من حيث مناطقهم . ووجود عددلا بأس به من القيادات يدين بالولاء الوطني والمؤسسي أكثر من الولاء للرئيس .
- ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر بأمريكا , كان المبرر الرئيسي لإنشاء هذا الجهاز , بالنسبة للداعم الرئيسي وهي الولايات المتحدة الامريكية التي كانت تسعى الى الحصول على معلومات وقوائم جميع الناشطين الجهاديين في غالبية الدول العربية والإسلامية ,واليمن حسب الزميل "حسين اللسواس " كانت تعتلي سلم الأولويات الأمريكية نظراً لاحتضانها للكثير من الجماعات الدينية وإحتوائها على شخصيات منظرة للسلفية الجهادية.. كانت الإستخبارات الأمريكية تسعى بكل جهودها للحصول على قائمة إستخباراتية بجميع الناشطين الجهاديين المدونة أسماؤهم في جهاز الأمن السياسي التابع لرئيس الجمهورية. والذي تبادرت معلومات للأمريكان رفضه تسليم كل ما يمتلكه من معلومات ,ورغم ان الجهاز ابدى تعاوناً نسبياً لاسيما عقب بروز إحتمالات غير مؤكدة لغزو اليمن، إلا انه لم يكن تعاوناً كاملاً، فالامريكيين كانوا يريدون حسب اللسواس نسخة كاملة من قوائم الجهاديين وملفاتهم المدونة لدى الجهاز، ليس هذا فحسب بل ونسخة من جميع الملفات والقوائم السياسية والأمنية المؤرشفة يدوياً كون الجهاز لايستخدم أجهزة الكمبيوتر حتى اليوم، وهو أمر كان مثار تحفظ ورفض من قبل قيادة الجهاز التي وفق مصادر مطلعة، رفضت الإنصياع لكل الضغوطات بدعوى ان تلك الملفات والقوائم تعد من الأسرار العليا للدولة ولايمكن التفريط بها او المساومة عليها..
- سربت معلومات من السلطة إلى الامريكيون أن جهاز الامن السياسي اليمني لن يتعاون معهم لأسباب عديدة أهمها وجود إختراق له من الجماعات الدينية و الجهادية في تركيبة ومفاصل الجهاز , عندها طلب الأمريكان وقد تمكنوا بداية من فتح فروع لمكتب التحقيقات الاتحادي الفيدرالي ( FBI ) ووكالة الإستخبارات المركزية الامريكية ( CIA ) في كل من صنعاء وعدن، ومنحت هامشاً من الحرية بما يمكنها من جمع أدلة ومعلومات وبيانات عن المشتبة بهم وكذا رموز السلفية الجهادية في اليمن وغيرها من الشخصيات المنتمية الى الجماعات الدينية الاخرى.
-حادثة فرار (23) قيادياً جهادياً من سجن الامن السياسي كانت المسمار الذي سرع بإبدال القومي بدلا عن السياسي , وبمثابة ذريعة مفتعلة لتبرير إنشاء جهاز الأمن القومي ومنحه الكثير من الامتيازات والاختصاصات ذات الطابع السيادي.
عملية الهروب التي تؤكد كثير من الكتابات الصحفية انها تمت بتواطؤ سلطوي وأمريكي مشترك، كانت لجهاز الامن القومي الفرصة الحقيقية ليكون البديل الأفضل والأكثر ثقة عند الأمريكان عن جهاز الأمن السياسي الذي باتت تطارده إتهامات الإختراق وعدم الجاهزية وعدم القدرة على القيام بمهمته .
- ويضيف اللسواس أن تأسيس الأمن القومي كان لمساعدة الامريكيين على إبقاء اليمنيين تحت الرقابة الدائمة، وإمكانية الحصول على معلومات عن أي مواطن يمني عبر مراقبة هاتفة الجوال دونما حاجة لمتابعته او ملاحقته بالطرق التقليدية القديمة.
- ومن بين الاسباب ايضاً، بالنسبة للرئيس خطورة وجود كثير من القيادات الاشتراكية أومن المحسوبة على تيار الزمرة في جهاز الأمن السياسي الذين وجدوا في الجهاز لسببين : اندماج جهازي الأمن الوطني في الشمال سابقاً وامن الدولة في الجنوب في جهاز واحد بعد الوحدة هو جهاز الامن السياسي بالاضافة الى الشراكة السلطوية بين قادة الزمرة والنظام والتي ادت لأن يكون ناصر منصور هادي شقيق النائب الحالي لرئيس الجمهورية وكيلاً لجهاز الامن السياسي.
قصة الصراع بين القومي والسياسي
حين استشعر غالب مطهر القمش رئيس جهاز الأمن السياسي الخطر من إنشاء الجهاز الرديف عرض على الرئيس الاستقالة قائلا له إنه بحاجة للراحة والسفر للخارج للعلاج، لكن الرئيس رفض. وبالمقارنة بين جهاز سلفه الراحل محمد خميس وجهاز غالب القمش فإن سمعة القمش كانت على الدوام أقل عنفا من سلفه ، وأقل انتهاكا لحقوق الإنسان ، ولكن مع ذلك ظل الجهاز مصدرا للرعب والذعر لدى المواطنين.
وعند إنشاء الأمن القومي جرى إنتقاء نخبة مختارة ممن تعتقد السلطة أنهم أفضل ضباط الأمن السياسي ليكونوا نواة الجهاز الجديد بعد تطعيمهم بعدد ممن " لا يؤدون الصلاة " ولا يشتبه بأنهم متعاطفين مع الإسلاميين، إضافة لأعداد من أولاد المسؤولين الصغار، وعلى رأسهم وكيل الجهاز عمار محمد عبدالله صالح الذي استحوذ على إعجاب الرئيس بسبب " سماخته" و" نباهته". وبسبب صغر سن الوكيل عمار، فقد تم اختيار علي الآنسي نسب الرئيس لرئاسة الجهاز من أجل الإشراف المباشر على سير العمل بما لديه من خبرة بمصالح الرئيس .
- نتيجة لحداثة الجهاز , فقد كان لديه قصور كبير في المعلومات عن الشخصيات الجهادية والجماعات الدينية , فرغم حصول جهاز الامن القومي على أجهزة إستخباراتية حديثة من إنتاج الشركات الإلكترونية العاملة لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية سي أي ايه، بالاضافة الى معدات فنية عالية المستوى، إلا انه ظل يعاني قصوراً في أداءه , بسبب قلة المعلومات وهو امر جعل قادة الامن القومي يطلبون من نظرائهم في الامن السياسي نسخة من الإرشيف المعلوماتي عن جميع الشخصيات المدرجة في قوائم الجهاز داخل اليمن وهو ذات الطلب الذي كانت السي أي ايه) قد تقدمت به عقب احداث الحادي عشر من سبتمبر.
الرفض القاطع الذي أبداه قادة الامن السياسي ادى لأمرين الاول: إعتماد جهاز الامن القومي لخيار (التنصت على المكالمات الهاتفية الثابتة والجوالة) كأداة مباشرة لتعويض النقص المعلوماتي. والثاني: تحول الاحتكاك بين القومي والسياسي من مرحلة الحساسيات والمنافسة الى مرحلة الصراع والتوتر.
- ظهر النزاع بين الجهازين واضحا بقوة في قضية المطارات, فقد إختلف الجهازين حول ايهما احق في استلام المطارات المدنية في صنعاء والمحافظات، بعد رفض الامن السياسي للمقترح الامريكي القاضي بإنشاء قاعدة كمبيوترية لبيانات جميع المطلوبين المقيدين في سجلات الامن السياسي وبحيث يمكن ربط هذه القاعدة الكمبيوترية مع الشبكة الامنية الامريكية لتعقب المطلوبين التي تم انشاؤها في المطارات الامريكية ومطارات بعض الدول الداخلة في نطاق التحالف الدولي ضد مايسمى بالارهاب.
ورغم ان الامن السياسي كان هو المسؤول عن مراجعة معلومات المسافرين وفحص بياناتهم والتحقيق مع المشتبه فيهم... الخ، إلا ان القومي استطاع ان ينتزع هذا الحق .
- وصل الصراع الى مرحلة النزاع على تبعية عملاء المخابرات اليمنية المنتشرين في بعض الدول وايضاً الى بعض الملفات ومنها ملف الصومال الذي كان من إختصاص السياسي وأسند الى القومي ومن ثم عاد الى السياسي بعد ان اثبت القومي فشلاً ذريعاً في التعاطي مع هذا الملف الشائك.
تهميش الأمن السياسي ..غرضه التخلص من الشاهد الرئيسي لعلاقة الرئيس بالقاعدة
-نشرت صحيفة التجمع العدنية قبل شهور ملخصا لمقال تحدث فيه عبدالله الأصنج وزير الخارجية السابق وصديق الرئيس بداية حكمه في مقالته المطولة التي نشرها موقع "جيوش التحرير" الأمريكي وغيره من المواقع باللغة الانكليزية تحدث فيه ان صديق مقرب من عائلة جابر الشبواني نائب محافظ مأرب أخبر العائلة أن جابر الشبواني كان مجتمعا بعمار محمد عبدالله صالح الليلة السابقة على مقتله, وعندما طلب الشبواني من عمار مرافقته لمقابلة عناصر القاعدة قال له عمار: اسبق وأنا سألحقك, وقال صديق العائلة إن سبب مقتل جابر هو أنه الشخص الوحيد الذي كان يملك أدلة عن اتصالات عمار بالقاعدة وانه كان قد بدأ يتحدث لمقربين عن تلك العلاقة.
في 25 مايو 2010؛ قتل الشبواني بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار عندما كان في طريقه الى مقابلة عناصر من القاعدة للتوسط بينهم وبين الأمن القومي, وعندما قابل والد الشبواني الرئيس صالح قال له صالح إن الأمريكيين هم الذين قتلوا ولده وليس هو,
- ويروي الاصنج أن سبب قيام الحكومة اليمنية برفع دعوى قضائية على صحيفة "الأيام" أدعت فيها أنها هددت الأمن القومي هو بسبب أنه حين هوجمت المدمرة الأمريكية كول في أكتوبر 2000 رفض صالح في البداية, الإقرار بأن المدمرة تعرضت لهجوم إرهابي. وقال بأن الهجوم حصل من داخل المدمرة وحاول إعاقة تحريات ال اف. بي. أي وحتى بعد اعترافه ان الحادث كان إرهابيا في شهر نوفمبر 2000, أمر كافة الصحف اليمنية أن لا تنشر أي شيء عن الحملة الإعلامية التي كانت تروج لها (اف بي أي) وإعلانها عن مكافئة لمن سيدلي بمعلومات عن الحادث. وكانت الصحيفة الوحيدة التي خالفت ذلك هي "الأيام" العدنية التي نشرت الإعلان مجانا عدة مرات وفي الأثناء قامت السلطات اليمنية بتغيير أرقام تليفونات السفارة الامريكية التي نشرت سابقا في "الأيام" ما أحدث إرباكا وعطل إمكانية تواصل من لديه معلومات مع السفارة..
-وبعد أن ظهرت العديد من التقارير في الصحافة الأمريكية التي تشير الى احتمال توجيه ضربات عسكرية الى اليمن, طلب صالح زيارة الى الولايات المتحدة وزارها بالفعل في نوفمبر 2001, وخلال الزيارة سلم واشنطن وثائق خاصة بحادثة تفجير كول بعد ان كان قد رفض خلال 13 شهرا تسليمها ل"أف. بي أي"
- تم القبض على عبدالرحيم الناشري في نوفمبر 2002 في الإمارات العربية المتحدة, وعلم الرئيس صالح بحادثة القبض عليه بعد 3 أيام وكانت وكالة أنباء سبأ نشرت أن الناشري قد أعدم في الحديدة لضلوعه في حادثة قتل الراهبات في عام 2000 وقد جاء في تقرير وكالة سبأ أن الناشري تم القبض عليه وحوكم وأعدم على الرغم من أنه لم تجر أية محاكمة في القضية وقد سجلت حادثة قتل الراهبات حينها ضد شخص مختل عقليا اسمه الناشري.
-ويضيف أن بعض الهاربين قتلوا وبعضهم سلموا أنفسهم وبقوا تحت الإقامة الجبرية بشرط أن يكون ولاؤهم للرئيس صالح ومنهم جمال البدوي مخطط تفجير كول الذي أطلق ثم أعيد الى سجن الأمن السياسي بعد احتجاج السفارة الأمريكية وخصصت له شقة مؤثثة في الأدوار العليا من السجن مع توفير خطوط الانترنت والهاتف والسماح لزوجته وأولاده بالبقاء معه, وفي الجهة الأخرى كان ذلك هو ما حصل مع فهد القصع أحد الهاربين ال23 فهو يعيش بكامل حريته في قريته بشبوة ويدير مدرسة تحت علم الحكومة اليمنية
-ويتطرق الاصنج بعد ذلك للهجوم الذي تعرضت له السفارة الأمريكية في 17 سبتمبر 2008 بواسطة سيارة مفخخة قضى فيه 16 شخصا من ضمنهم 6 من المهاجمين الإرهابيين الذين كانوا يستقلون سيارة تابعة للأمن المركزي ويرتدون بزات الأمن المركزي.
-كما يتحدث عن هجوم الولايات المتحدة على منطقة المعجلة في 17 ديسمبر 2009 بالصواريخ اعتمادا على تقارير استخبارية يمنية تفيد بوجود عناصر من القاعدة ذات أهمية فائقة وأسفرت العملية عن مقتل 57 مدنيا بريئا بما فيهم أطفال ونساء ولم يكن هناك أي وجود لأي عنصر من القاعدة.
إستراتيجية الرئيس في التخلي عن من خدموه
-تم تنحية العميد محمد رزق الصرمي عن العمل في جهاز الأمن السياسي , وهو الذي يحظى بإحترام معظم أفراد الجهاز ..والذي استطاع من مركزه تضييق الخناق عليهم مما دفع بهم انذاك الي محاولة استهدافه شخصيا هو و افراد اسرته فقد عثرت الاجهزة الامنيه علي كميه من المتفجرات جوار بيته .. كما تلقي الرجل سيل من التهديدات من افراد القاعده له و لمجموعه اخري من الضباط .. وقيل وقتها أن اختيار التنظيم للصرمي كان سببه بعود لكونه مسؤول ملف القاعدة في المخابرات و باستهدافه كانت تسعي القاعده الي تحقيق انتصار مدوي حيث سيكون بمثابة ضرب النظام في اعماقه . وما أغضب الكثير من قيادات الأمن السياسي , ما نشرته إحدى الصحف الأمريكية وأعادت نشره صحيفة الناس , هو أن الرئيس أرسل عبدالكريم الإرياني مستشار رئيس الجمهورية لإقناع الأمريكان أن الصرمي كان من هرب أفراد القاعدة من سجن الأمن السياسي , وأن توقيفه عن عمله هو حل للخلل الأمني الذي في جهازه , وبالتالي فالقومي هو البديل ..
-منذ منتصف أكتوبر2002 وعقب إعتقال المخابرات المصرية للضابط في الأمن السياسي عبدالسلام الحيلة بعد استدراجه إلى القاهرة وتسليمه إلى الولايات المتحدة التي كانت سلمت طلباً رسمياً إلى اليمن في يونيو 2002 للقبض عليه بتهم علاقته بتنظيم القاعدة وعلمه المسبق بهجمات سبتمبر.
وزعمت الاستخبارات الأميركية أن السلطات الإيطالية سجلت له في أغسطس 2000 مكالمات هاتفية تشير بوضوح إلى مخطط اختطاف طائرات ووردت فيها إشارات إلى "مطار" و"طائرات" و"هجمات ستصبح حدثاً تاريخياً" وهو ما اعتبرته علماً مسبقاً بحوادث سبتمبر2001, وقيل وقتها أن الرئيس إستغل قضية الحيلة ليشكك في الأمن السياسي , حتى يجد الدعم من أمريكا لإنشاء جهاز بديل , ظاهره مكافحة الإرهاب وباطنه حماية مشروع التوريث ..هذه القضية جعلت الكثير من قيادات الأمن السياسي تستنكر موقف الرئاسة , وعدم دفاعها عن شخص كان ينفذ مهام مطلوبة منه من قبل قيادة الدولة , وبالتنسيق مع الأمريكان وأجهزة مخابرات عربية , تعمل لإرسال مجاهدين عرب لأفغانستان .. وكانت'القدس العربي' قد قالت أن السلطات الأمريكية دفعت مبلغ مليون دولار للمعتقل اليمني في غوانتنامو عبد السلام الحيلة، مقابل انتزاع اعتراف منه بإدانة علي محسن في قضية تفجير المدمرة الأمريكية 'يوإس إس كول' في ميناء عدن عام 2000، بحكم أن الحيلة كان مسؤول الارتباط بين جهاز الأمن السياسي (المخابرات اليمنية) وبين المقاتلين اليمنيين الذين جاهدوا في أفغانستان خلال الثمانينات ويعرف الملفات السرية لكل واحد منهم.
وذلك بإيعاز من الحكومة اليمنية , غير أن الحيلة رفض القبول بذلك، وفضّل المعتقل على الادلاء بمعلومات كاذبة.
وقضى الحيلة وهو ضابط مخابرات يمني برتبة عقيد، سبع سنوات في معتقل غوانتنامو بدون أي تهمة غير المحاولة الأمريكية للحصول منه على معلومات ضد علي محسن وضد بعض أفراد الأسرة الحاكمة في اليمن حيال قضية كول, وأن هذا الرفض كان سببا لعدم مطالبة الرئيس للأمريكان بالإفراج عنه.
المساعدات الأمنية الأمريكية ..تذهب هدرا..
-وتحدث الأصنج عن استثمار الولايات المتحدة لمبالغ هائلة لبناء قوات خفر السواحل, مشيرا إلى تقديمها لقوارب عسكرية ومنوها الى أن تلك القوارب الحديثة استخدمت لاحقا من قبل مسئولين فاسدين لصالح شركتين تجاريتين أمنيتين مملوكتين لأحمد علي عبدالله صالح ويحيى محمد عبدالله صالح بواسطة واجهات وهمية لشركتين هما (لوتس للخدمات الأمنية البحرية) وموقعها صنعاء وشركة "مجموعة خليج عدن" ومقرها جزر (شانيل). وقد أقر مسؤولون في خفر السواحل اليمنية أنهم نصحوا السفن التجارية الاستعانة بالشركتين المذكورتين للحماية من القراصنة. وبحسبه كانت قوات خفر السواحل تقوم بتهريب الديزل وبيعه للقراصنة الصوماليين, إضافة الى بيع أسلحة للقراصنة الصوماليين أيضا وأجهزة رادار وأجهزة ملاحة مرتبطة بالأقمار الصناعية, وهناك تقارير تفيد أن بعض خفر السواحل كانوا يزودون القراصنة بمعلومات عن حركة ملاحة السفن التجارية والجدير بالذكر أن معظم هجمات القراصنة الصوماليين جرت في المياه الإقليمية اليمنية.
لم يكن جهاز الامن القومي هو الوحيد الذي أنشأته الولايات المتحدة، فهنالك إدارة امنية رفيعة المستوى تابعة لوزارة الداخلية تدعى إدارة قوات مكافحة الارهاب.
فالأمن القومي يمثل ذراعاً معلوماتياً في حين تمثل قوات مكافحة الارهاب ذراعاً ميدانياً قادراً على التدخل لمحاربة الجهاديين وكل من يتم تصنيفهم في كأعداء للولايات المتحدة الامريكية او النظام الحاكم في اليمن.
ومن الملاحظ اليوم , هو إستخدام هذا الجهاز مع قوات مكافحة الإرهاب , والأسلحة التي وهبتها أمريكا لليمن لمكافحة القاعدة , إستخدام الجهاز وهذه القوات ضد المتظاهرين السلميين , ما أدى لثورة الشباب , وتحولها لثورة شعبية .
خلاصة :
الجهازين وجودهما لا يستند سوى على قرارين جمهوريين رئاسيين , رقم (121)لسنة 1992الخاص بإنشاء الأمن السياسي , ورقم (262 ) لسنة 2002 الخاص بإنشاء الأمن القومي . ويلاحظ عدم خضوعهما لرقابة البرلمان والحكومة .
مراجع التقرير :
- مخاطر الصراع بين الامن القومي والامن السياسي (حسين اللسواس)
-أسرار خطيرة يكشفها وزير يمني سابق لموقع إعلامي أميركي (صحيفة التجمع )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.